الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشوارب والاحتلال

حامد الحمراني

2008 / 4 / 4
كتابات ساخرة


ان تشتري طماطه من شخص لا تعرفه فان الله وحده يعلم ما الذي سيضعه لك في ( العلاكه) وانت لا تستطيع ان تحملق في يديه الخفيفتين وهي تتناول اليابسة والممرودة والنطيحة والمتردية وما اكل السبع.
وان تضع مصير راسك عند حلاق لا تعرفه فانت لا تعرف كيف سيكون وجهك بعد الحلاقة والشوارع في راسك كأنها الكتل الكونكريتية في العاصمة الحبيبة بغداد.
وعليه فانك ستضظر للبحث عن (معميل) في كل شىء بما فيها من يبيع لك البصل والباذنجان الاسود، وحتى الذي تقرأ له عمودا في صحيفة، أو الذي تستمع اليه وهو يدعي انه محلل سياسي في الفضائيات ولم يكن يوما ما يبيع الكاشي، فان ( المعميل) تضمن انه لا يغشك وانه حريص على رضاك ، لسبب بسيط انك ستشتري منه غدا او بعد غد او تقرأ له فيما بعد او ستراه عاجلا او اجلا.
و(المعميل) بالاضافة الى انه يعطيك السلعة الجيدة فانه يسدي اليك النصائح والمعلومات القيمة ويطلعك على خفايا الامور ويختار لك ما يختار لنفسه.
وسوف لا اتكلم عن معاميلي في البصل والطماطة والفضائيات.
ولكن ساتكلم عن معميلي الحلاق الخبير صديقي عامر فقد خبرته وعرفته، فان يديه لم تتلطخ يوما ما بحلاقة سيئة، اوانه لم يقل لي شىء وظهر خلاف ذلك ، واني احلق رأسي تحت قبته وانا مطمئن مما سيتمخض على يديه من امور، اضافة الى امكانياته في ( الهنبللة) التي احيانا اشعر انها ضرورية لمن يعمل مثله، ولقد اذهلني في المرة الاخيرة ، عندما عاتبني لان شواربي حسب ما يزعم تمثل النظام السابق!!
فقلت له مازحا يعني اني مشمول باحتثاث ( الشواب)؟ وسالته كيف له القدرة على قراءة انواع الشوارب ؟ فاني اعرف اشخاصا يقرؤن الكف او يقرؤن الطالع او يقرؤن الممحي او يقرؤن ما بين السطور، واخرهم شخص قال لي متفلسفا انه يعرف اناقة الرجل من خلال حذائه وشخصية المرأة من خلال ما في حقيبتها.
فاجاب صديقي عامر هناك شوارب تاريخية واخرى فيدرالية واخرى مرتبطة بصندوق النقد الدولي .
قلت له يعني هل هناك شوارب احتلالية امريكية مثلا او شوارب مؤتمر انا بوليس او شوارب للاوبك ؟ قال نعم تريد ان ازينك زيان احتلالي امريكي ام انكليزي؟ قلت له امريكي (وامري الى الله).
واخذتني الخيالات ما الذي سيفعله في شواربي لكي تصبح دليل على حلاقة احتلالية.
وما الذي سيفعله بشواربي التي عشت معها طيلة خمسة عقود ولم ادنسها لا باحتلال اجنبي ولا اهتزت يوما للاحتلال الوطني عندما كان ينادي ( اخونا ابو عنتر) متى تهتز الشوارب فكنا نقول له مازحين امام ( المبرده).
وبدأ يحرك شفرة الموس جيئة وذهابا وانا مغلوبا على شواربي لا ادري ما الذي سيحدث بعد تقرير مصيرها على ايدي صديقي عامر الحلاق.
واذا به يخلع نصف شواربي اليمنى تماما ، ووضع الشفرة جانبا وبدأ يحدثني عن الاحتلال(التحرير) الامريكي وعن العنف في العراق والفوضى الذي نعيشه منذ 2003 .
ولاني لا املك الا ان اقول له استمر في حلق الجانب الآخر، فهززت راسي موافقا عن كل ما قاله، واذا بعد دقيقة اصبحت بلا شوارب.
لم يقل ما نوع هذا الزيان ولكني عرفت لاحقا، مما اضطرني الى المكوث في بيتي سبعة ايام لحين عودة شواربي الديمقراطية الى مكانها الطبيعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر