الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صياد الطيور وواقعة البصرة

شمخي الجابري

2008 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


من خلال تتبع هجرة الطيور أقتدى أحد الصيادين أفكار وأكتشف مجموعة من الطيور المهاجرة ذات الأرجل المرصعة بالعقيق والتي تنتقل من منطقة نيسابور في فصل سقوط الثلوج كي تصل الى بساتين النخيل على ضفاف شط العرب ومن خلال هجرتها الفصلية تنقل معها أحجار صغيرة من الفيروزة التي تزغرف ارجل هذه الطيور بواسطة صمغ الاشجار ، وحين تأتي تتجمع في منطقة واحدة فكان الصياد الذي عرف هذا النوع من الطيور ينتظر قدومها ليس كعادة اقرانه بالاختفاء لصيد الطيور بل يقوم بالضرب على النقارة ويهتم بعادات الضيافة ويطعمها وفي كل يوم تترك هذه الطيور للصياد قطعة صغيرة من الاحجار كعملية تبادل لخدماته وتوفير الامان من خلال منع الصيادين من التقرب من هذه المناطق حتى صار من كبار الصيادين ونجمهم واشترى البستان بكامله ، وفي احد الايام عزم الصياد السفر الى اتمام حجة العمرة فجلس يحدث أعز المقربين اليه أخيه الذي يواصل حرفة الصيد بعده وطلب منه أن يواصل تقديم الغذاء من قطع الاسماك الصغيرة بعد ان حدد له مكان أقامتها وكيف يضع قطعة القماش جنب الشجرة لتترك له العقيق واكد عليه في كتمان السر فنتقلت المهمة الى الاخ الموثوق لمتابعت الامور حتى وصلت اعداد كبيرة مهاجرة تحتمي بالدفئ واستمر بعمله كل يوم منذ الصباح الباكر ولكن راودته نفسه بعد ان تصاعدة عنده وتيرة الطمع والجزع ودخل عالم المغامرة وبدأ يفكر لابتكار مصيدة كبيرة كي يستطيع من خلالها السيطرة على كل الطيور المرصعة بالعقيق وحين نزلت الطيور المهاجرة باغتها بالمصيدة الحديدية حيث قطعت ارجل عدد من الطيور مما تسبب في موت بعضها والقسم الاكبرخارج المصيدة لاكن الطيورفي حركتها حررت حبل الطرف الثاني من المصيدة فضرب عمود المصيدة الصياد الطامع في رأسه لينهي حياته ، ، وبقيت تتعاقب الايام حتى عاد الصياد من السفر والتقى بأهل بيته وجرى الحديث حول وفاة اخيه جنب عمود المصيدة وكان بجانبه ارجل طيور مقطعة وأشلاء ميته فعرف أن اخيه قد أخل في العهد ومعاملة التبادل . . وفي الموسم الذي تلاه جاءت الطيور ولم يشاهد طيور مرصعة ولم تدخل في البستان أي طيور مهاجرة حتى انتهى الموسم مما دعى الصياد ان يهاجر الى بلاد طوس وحين وصل قرب منبع العقيق في نيسابور شاهد بعض الطيور المرصعة على أعالي الاشجار فنشر كمية من الجراد وصغار الاسماك وانتظر لعدة أيام وهو يعزف بدقة وحنين على النقارة فلم تنزل الطيور حتى جاء صدى يقول ( أذهب لايمكن الصلح بيننا لانك لاتنس أخيك العزيز ونحن لاننسى أرجلنا المقطعة ) فتألم الصياد الغني كثيرا ثم تيقن ان كل طرف اخذ حقه وعاد الى البصرة ، ولكن ليس بصرة اليوم التي جار الزمان عليها . . لذلك كيف نفتح هذا الملف في كتب مفتوحة اسطرها جروح هذا الشعب الذي لم يشم رائحة ورد أغصان الزيتون كما شمها الايرانيون في 1979حين كانت قوى السافاك تهتك وتنخرفي كل مكونات الشعب حتى أتحدا الشعب الايراني بكل أطيافه وقواه السياسية الدينية والعلمانية وشخصياته المناضلة ومن كل الاجناس ليقول كلمته نعم للشعب لا للشاه واستهل بتوزيع المصاحف وأغصان الزيتون وبعدها جاء زحف الشعب من شارع الشهداء الاربعة الذي تغير اسمه الى شارع الثورة في مدينة قم وشمل كل أطراف المدينة وانتقل الى طهران وفرشت الشوارع بالورود حتى مطار مهراباد أنتفاضة الشعب السلمية وحين تمت عشرة ايام سقط النظام وختلفت الوعود والموازين وتحاربت الحركات وتقاتلت المليشيات في اصفهان وطهران . . فلا يمكن نقل التجربة الى البصرة والوضع بين الحالتين مختلف تماما في كل الاشكال ومنها نظام الحكم والقوى المنتفضة ومفردات التحرك كلها تختلف ماعدا المصاحف واغصان الزيتون وبدل عشرة ايام لسقوط الحكومة أعلنت السلطة العراقية ان على المتمردين خلال عشرة ايام بتسليم السلاح وكل ماجرى عمق الجرح ورغم احتواء الانفجارفان الترسبات باقية ومترسخة في العاصمة الاقتصادية وشريان العراق النفطي حين هبت العاصفة للتمرد واشتبكت المجاميع في القتال ولكن من يتحمل مشكلة الضحايا الابرياء حين دخلت مجزرة التدميرأيام متواصلة تستنزف قوى الشعب وتأكل البصرة ابنائها وستبقى الصراعات بين صفوف أطيافها ، فأهل هذه المحافظة ومايحملوه من حس وطني تجسد في كل نضالات الشعب وانتفاضاته التحررية ومقاومته لكل المواثيق والسيطرة الاجنبية من خلال مشاركته في وثبات العراق الخالدة ، كما ان العصيان والتمرد المسلح جاء نتيجة لتفاعل الازمات وتعقيدها ورتفاع نسب العطلين عن العمل وكثرة فصائل المليشيات ومخلفات أنهيار البنية التحتية للدولة العراقية وتفشي الامراض في المجتمع وانتشار الفساد المالي والاداري كلها من مسببات هذا التمرد الذي جعل الاحزاب التي تقود السلطة أن تتقاتل في السلطة وعلى السلطة نفسها حتى سارعت بعض الاطراف من التوجه الى ايران للبحث عن مفتاح حل الازمة العراقية وصار الاتفاق حول بعض المسكنات ولكن القطيعة ستبقى ، لان لهيب التمرد الذي نزل الى الشارع متحديا منذ 26 - 3 - 2008جسد زوبعة الفتنة والتحرك لنسف الوحدة الوطنية رغم أحتياط الشعب من أنتشار المعارك ، وهذا النمط أصبح جزء من ثقافة العنف التي تطبع عليها الشعب في خلق ظاهرة عدم التجانس للتعايش السلمي بين الطوائف والاديان والمذاهب والاحزاب السياسية نفسها و له تأثيراته السلبية رغم معانات الشعب فأضافة لما ذكر فأن المسببات والعوامل المؤدية للأعتصام المسلح والتجاوز على الحق العام جاء نتيجة كمبرز جرم للاعمال الأرهابية المتواصلة التي تمارسها العصابات من أيتام النظام الدموي السابق مع عناصر القاعدة والكتل الأرهابية التي نشأت في رحم الاحتلال والتي تحاول العبث في الامن وزرع الأحقاد الطائفية والمذهبية في المجتمع وتهيج الأحاسيس لترويج الكراهية وأعطاء هبة الشرعية للقتل على الهوية من أجل أستحواذ القوى الأستبدادية على الثروات والحريات0 أن الأنفلات الامني جعل البلاد في دوامة من العنف وكل العراق يمر في هذا المأزق التأريخي حتى وصل الوضع الى نصب سور وحواجز كونكريتية في داخل المنطقة الواحدة وتم الفصل بين بيوت العائلة الواحدة الساكنة شمال السور وجنوبه 0وأضافة الى تذمر الجميع من ضعف الخدمات العامة كالكهرباء المتقطع ولساعات طويلة وفي كل يوم ، وسحب الماء بعد معانات يومية ، والخدمات الصحية الضعيفة ، وعدم وجود تحسن في الوضع بل ينتقل من شكل سيء الى أشكال أسوء بعد تزايد زهق الأرواح وعوامل أخرى جعلت المواطن يعيش حالة الاضطراب وينزح ألى أي مكان أمن بعيدا عن أشباح الرعب والارهاب المتجول في كل مكان لذلك يجب دراسة جوهر واقعة البصرة ووضع الحلول لمعالجة المسببات والتركيز على دور المواطنة للحفاظ على بوادر مسيرة النهج الديمقراطي ومستقبل العراق ، وما حصل من عنف في باقي المحافظات الأخرى المدعوم من الدول التي تروج للعنف في المنطقة لتهميش هيبة الدولة وحرق عجلاتها وسلب ممتلكاتها وقتل وجرح منتسبيها هذا جانب والجانب الثاني ما تكبد به المتمردون والمنتفضون من تضحيات كبيرة حتى وصلت الامور بين الطرفين الى القطيعة فلا يتم الصلح بينهما لان السلطة لاتنسى قتلاها وشهدائها والمنتفضون لاينسوا دمائهم التي سالت ولم تغير شيء في معركة ليس فيها غالب ومغلوب وفي كل الحالات الخاسر هو العراق ولكن ( رب ضارة نافعة ) ونتمنى أن تكون خاتمة أحزان لهذا الشعب ودرس ونافذة للأستقرار والأمان والسلام .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ