الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افق سياسي من كتل الخرسانة

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2008 / 4 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


التخبط السياسي الامريكي في العراق انتهى ، وكما هو متوقع ، الى نهايته المحتومة التي لم تخطر- واقولها بثقة - على بال احد من محافظي البيت الابيض ، صيغة العزل الكانتوني بكتل الخرسانة المسلحة ، وبأسذج وابشع صورها . فبعد العجز الذي واجه القوات الامريكية في السيطرة
على ضربات المقاومة العراقية ( حصيلتها المعلنة اكثر من اربعة الاف جندي امريكي وربما ضعف
هذا العدد من المرتزقة وطالبي الجنسية الذين لايدرجون ضمن قوائم الجيش النظامي ) وحرب الابادة
والقتل العشوائي التي تمارسها قوى الارهاب ضد الشعب العراقي ، هاهي تواجه شكلا جديدا من
حروب العصابات المنظمة ، التي اجبرتها على اعادة العمل بخطة العزل الكانتوني وباصغر حلقاتها
هذه المرة ، بتقسيم الحي السكني الواحد الى عدة كانتونات مغلقة وبمنفذ واحد فقط ، وانا اتحدث هنا عن مدن من مكون طائفي واحد وليست مختلطة ، مثل مدينة سامراء ، على سبيل المثال ، والموصل ستلحق بها حتما ، كتتويج للعملية الامنية التي تشهدها المدينة هذه الايام . خطط العزل الامني التي لجأت اليها ادارة الاحتلال ، كآخر علاج ، دليل صارخ على ضيق الافق السياسي المزمن للادارة الامريكية الحالية . فالادارة الامريكية ، ومن يوم احتلالها الاول للعراق ، لم تخطو خطوة سياسية
واحدة تدل على الحكمة او الحنكة السياسية . والنتيجة ، التي يدفع العراق وشعبه ثمن اخطائها ،
انتاج عشرات الانواع والاشكال من الميليشيات و عصابات القتل المنظم ، التي اثبتت احداث مدينتي
البصرة في الجنوب ، والثورة في بغداد ، انها قادرة على قلب الطاولة على ادارة الاحتلال نفسها ، وليس حكومتها الكارتونية وحسب .
ما الذي انتج مثل هذا الوضع الذي يقترب من وضع الزجاج في هشاشته ؟
باعتراف صريح (من على شاشة قناة البغدادية) قال بهاء الاعرجي ان ميليشيا التيار الصدري
ليست فقط متمسكة بسلاحها وانما التيار مستمر في زيادته وتنويعه ! فهل حرب البصرة والثورة كانت موجهة ضد قوات الاحتلال ام كانت حرب عصابات اختلفت على تقسيم حصص سرقاتها ؟
ومن انتج هذه العصابات ؟ أليست هي حالة الفوضى السياسية التي اشاعتها ادارة الاحتلال تحت
يافطة الديمقراطية بترك كل من هب ودب لتشكيل حزب او تجمع او منظمة سياسية ؟ هل يعقل ان يوجد في بلد على وجه الارض 350 حزب سياسي ؟! وان كان عدد الاحزاب هذا يخدم خطة
تقسيم العراق التي تعمل عليها ادارة الاحتلال ، افلن تكون لمثل هذه الخطة نتائجها العرضية او غير المحسوبة والتي سيطال اثرها من خطط لها ؟ اليست الميليشيات والعصابات المنظمة احدى النتائج غير المحسوبة والتي طالت باثرها ادارة الاحتلال ومراحل مشروعها في العراق ؟ فقذائف ورصاص
اسلحة جيش المهدي والعصابات التي قاتلتها ، ان لم توجه الى صدور الجنود الامريكان فانها اجبرتهم على التدخل لايقافها ؟.. كما ان منافسة التيار الصدري (غير المقبول امريكيا) لحكومة المالكي (المتمتعة برضى وقبول ادارة الاحتلال) وامتلاكه لميليشيا تهزم جيش الحكومة المسنود
من قبل القوات الامريكية،الا تعني في احد وجوهها خيبة الستراتيجية الامريكية المعتمدة في العراق
وبلاهة واضعيها ؟ انقسم العراقيون الى 350 حزبا سياسيا ، فاي افق سيجمع نهاية خيوط لعبتهم في يد صانع قرار تفريقهم ؟ واذا كان من قاتل في البصرة والثورة مجاميع متمردة على جيش المهدي
او منشقة عنه - بحسب تصنيف قيادة التيار السياسية والناطق باسم حكومة المالكي -
واجبرت حكومة المالكي على الاعتراف بقوتها التي فاقت قوة الجيش النظامي ، فما هو حجم قوة
جيش المهدي اذن ؟ وهل قوات الاحتلال قادرة على مواجهته ؟ العراق الذي بحجم ولاية امريكية
واحدة بـ 350 حزب سياسي ، 85% منها احزاب دينية طائفية ، وهاهو احدها قد تمرد بكل هذه القوة ، فكيف سيضمن صانع القرار الامريكي عدم تمرد البقية ...؟ بأي اغراء او تهديد يمكن كبح جماح احزاب تتخذ من الدين ستارا لاشد اساليب التعامل براغماتية وديماغوجية ؟
والسؤال الاهم من كل ما سبق هو : لماذا استجاب المتمردون او المنشقون على جيش المهدي لنداء مقتدى الصدر بوقف القتال ، وهو الذي اعلن براءته منهم ؟ ومقابل اي صفقة وجه الزعيم الشاب امر وقف هجوم مقاتلي ميليشياه الخاصة ؟ ومن يضمن
ان تلجأ باقي الاحزاب للاسلوب عينه من اجل تحقيق صفقات مشابهه ، و معظم الاحزاب الطائفية (سنية وشيعية) تمتلك ميليشيات مقاتلة ومسلحة باحدث الاسلحة؟
الرد الامريكي انحصر في تقسيم الاحياء السكنية بجدران عازلة من الخرسانة المسلحة
وكأن هذه الجدران ستمنع رجال العصابات من التنقل او الوصول الى اهدافهم المصلحيةاو القتالية .. وماذا عن ملايين قطع السلاح الخفيف والمتوسط التي امطرت المنطقة الخضراء بقذائفها طوال ايام احتراب العصابات في الثورة والبصرة ؟
اين دهاء السياسة الذي يسحب البساط من تحت قيادات هذه الميليشيات ويزعزع ثقة مقاتليها فيها ؟ واخيرا لنسأل السؤال التالي : لو كان لمقاتلي هذه الميليشيات مصادر
رزق محترمة وتكفيهم سد احتياجاتهم المعيشية ، فكم منهم سيعرض نفسه لخطر القتل او العوق في حرب لا يعرف اغلبهم اسبابها واهدافها ولمصلحة من يخوضها ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في ظل


.. الانتخابات الفرنسية كيف تجرى.. وماذا سيحدث؟| #الظهيرة




.. استهدفهم الاحتلال بعد الإفراج عنهم.. انتشال جثامين 3 أسرى فل


.. حرب غزة.. ارتفاع عدد الشهداء منذ الفجر إلى 19




.. إطلاق 20 صاروخا من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأدنى