الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضائح إعلامية في برنامج الحوار المفتوح

جبار قادر

2003 / 12 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 أجبرت نفسي على متابعة جانب من حوار مع رئيس وزراء تركيا علني أسمع شيئا جديدا عن سياسات حكومته إزاء القضايا الملحة التي تواجهها كمسألة العضوية في الأتحاد الأوربي . ويعتبر 2004 حاسما بالنسبة لتركيا في قضية تحديد موعد المفاوضات مع الأتحاد الأوربي. ويعتمد ذلك على التقدم الذي ستحرزه تركيا على صعيد الأصلاحات السياسية و القانونية و الأقتصادية و تقليص دور العسكر في الحياة السياسية التركية . وستفرض المشكلة القبرصية في عام 2004 نفسها على الأجندة السياسية التركية ولن تتمكن حكومة أردوغان من التهرب من دفع إستحقاقاتها . هذا فضلا عن مجموعة من القضايا الأخرى الخاصة بحقوق الأنسان و الأكراد و التضخم و البطالة  و عمليات الفساد و غيرها . أقول كنت أود أن أستمع الى مواقف رئيس وزراء تركيا إزاء هذه القضايا و الملفات الكبيرة . تبين لي أن البرنامج لم يهدف أصلا الى تزويد المشاهدين بأية معلومة أو تحليل حول تلك القضايا و الملفات وهي مهمة أي إعلامي يحترم مشاهديه وأ وقاتهم الثمينة . لم يخرج الأمر و كالعادة عن طرح مجموعة من الأسئلة التي تخفي خلفها خطابا سياسيا ديماغوجيا و غارقا في الشوفينية و كره الآخرين من قبل مقدم البرنامج بالأتفاق مع عدد ممن يقدمون كممثلين لتيارات سياسية أو (محللين سياسيين أو إستراتيجين !!) و الذين يجري إنتقائهم بدقة من بين المرددين لنفس المفردات و الخطابات السياسية  .
لقد كتب الكثير عن عدم موضوعية القنوات الفضائية العربية في عرض الخبر و المعلومة و طريقة إنتقاء ( الخبراء و المحللين السياسيين و العسكريين و المفكرين !!!!) و عن أساليبها في تزييف الحقائق و الدعوة الى التحريض و الفتن الطائفية ونشر البغض و الكراهية إزاء القوميات المتعايشة مع العرب ، لذلك لا أجدني مضطرا للحديث عن هذه الجوانب  .
أشير الى بعض أساليب التضليل التي جرت خلال هذا اللقاء والتي تشكل برأيي فضائح أعلامية لا تقبل بها أية وسيلة إعلامية محترمة . فقبل كل شئ كان الحوار يترجم من التركية الى العربية ولكن بتصرف مخل . فقد أهملت ترجمة كلمات محددة كان من شأنها توضيح كلام رئيس الوزراء بصورة أدق . لايهمني كثيرا فيما إذا كان من قام بالترجمة مترجما معتمدا لدى رئيس الوزراء التركي أم مترجما خاصا بقناة الجزيرة . الذي يهمني هو أن هناك محاولة جرت وكان الهدف منها إيصال بعض الأراء و المواقف بصورة ضبابية الى المشاهدين .
من الغريب أن أعلاميي القنوات الفضائية العربية الذين يقدسون القسوة و العنف كما هو ديدنهم في الشأن العراقي يتحولون الى كائنات ناعمة مداهنة عندما يمثلون بين أيدي المسؤولين الأتراك. ومن الفضائح الأخرى التي وقع فيها مقدم البرنامج محاولته مداهنة أردوغان و تصويره للأمة العربية على أنه من أعدى أعداء إسرائيل . فقد إختلق خبرا مفاده أن أردوغان رفض لقاء شارون عندما كان الأخير عائدا من موسكو وذلك تعبيرا عن رفض أردوغان لسياسات شارون بحق الفلسطينيين . و بعد أن أطلق قنبلته الصوتية هذه حاول أن ينهي البرنامج بسرعة ويحمل أردوغان هذا الموقف بإعتباره سمع هذا الكلام ولم يبدي الأعتراض و يبيعه للمشاهدين العرب ، إلا أن الأخير فسر الأمر بأنه و ببساطة لم تتناسب المواعيد لذلك لم يتم اللقاء ولم يكن هناك أي سبب آخر . ولمداراة هذا الموقف الفضائحي وبدلا من أن يعتذر من الرجل و من المشاهدين ويحمل مصدر معلوماته مسؤولية هذا المأزق الذي وقع فيه ، عاد ليفسر موقف رئيس الوزراء هذا بأنه داهية سياسي و يستطيع أن يتجاوز جميع المواقف المحرجة .  أي أنه ورغم إنكار أردوغان الواضح و الصريح لأتخاذه مثل هذا الموقف من شارون ، لا يقبل مقدم برنامج الحوار المفتوح جريا على الكرم العربي بأقل من تسجيل هذا الموقف له . بالمقابل و رغم تكذيب الجميع لأكذوبة قيام الأسرائليين بشراء الأراضي في ( شمال العراق ) ، وهو أكذوبة نشرتها أصلا هذه القنوات بنفسها ، لم يتوانى هو ومن سماه بممثل هيئة علماء السنة في الأمارات بالأستفسار من أردوغان عن هذه القضية و أبعادها الخطيرة على الأمتين العربية و الأسلامية .  أما هذا الممثل فيبدو أنه لم يسمع حتى الآن بالعلاقات الأستراتيجية القائمة بين تركيا و إسرائيل . هل ياترى كان يسكن مع صدام في جحوره أم إنضم لتوه الى جيش المحللين السياسيين و الأستراتجيين الملحقين بفضائية الجزيرة ؟.
الأنكى من كل ذلك أن مقدم البرنامج لا يعرف شيئا عن الرجل الذي يحاوره و هو وممثله لا يعرفان حقيقة أن اردوغان لا يعتبر حزبه حزبا إسلاميا بل يؤكد وبصورة يومية تقريبا بأن حزب العدالة و التنمية هو حزب ديموقراطي محافظ . لذلك و عندما كان محاوروه يحاولون إثارة النخوة الأسلامية فيه كان الرجل يتحدث اليهم عن محاسن النظام العلماني الكمالي القائم في تركيا. كما نصحهم بطرح الأسئلة المتعلقة بالدين الأسلامي على رجال دين ليحصلوا على الأجوبة المناسبة .
بذل مقدم البرنامج و كذلك الممثل جهودا كبيرة لترويعه بالفوبيا الكردية ، وهو الموضوع المحبب الى نفوس العاملين في القنوات الفضائية العربية قاطبة ، إلا أن الرجل أخذ العبرة من تجاربه السابقة مع الكرد و تحدث هذه المرة بتواضع وقال ما معناه بأن الأمر عائد للعراقيين و ليس لغيرهم في إقرار نوعية الحكم الذي يرغبون العيش في ظله . وعندما لم يحصلوا من الرجل على ما كانوا يمنون النفس به إنبرى الممثل ليطلق بعض الشعارات الخاصة بالقنوات الفضائية العربية في مقاومتها لنزوع العراقيين الى إقامة دولة القانون و العدالة و الديموقراطية . 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة