الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرة بن سباهي ....الجزء السابع عشر

عبد الرزاق حرج

2008 / 4 / 9
سيرة ذاتية


وإذا كان التاريخ البشري , هو تاريخ الجنس , وبه بدأ مع اَدم وحواء , فإن هذا التاريخ تراكمت فيه , عبر ملايين السنين , عقد نفسية لا حصر لها , عانى منها الناس معاناة شديدة السطوة , بعضها سخيف غاية السخافة , وبعضها مؤلم غاية الآلم , وبعضها الثالث مضحك أغرب الإضحاك , بسبب من الخوف ,والسرية , والتستر , والكبت الذي يعاني منه الكثيرون , وجلهم من النساء ...حنا مينا ...روائي سوري

أقدام الناس مزدحمة وغاطسة في شوارع المدينة لكن لم تغيب لون الآرصفة الرصاصية من ظلالهم والتناغم الداخلي عند البشر يسير مع النفس الحزينة بصمت, بالرغم ميزان الوقت يميل الى الظهر ..سنتر المدينة عاجة بعيون الكرد من الذكور والآناث البنية والعسلية والخضراء والسوداء على الوجوه النفطية والترابية ..تترقب بفضول الى المستقبل المجهول بحساسية مفرطة ..حصار ..عاطلون عن العمل ..جوع ..مغامرون ..تجار فاشلون ..نصابون ومحتالون ..أغنياء الى حد الثمالة..رجال دين ينشرون الآداب الآسلامية في الجمعيات الخيرية ..حزبيون وسياسيون يلمعون الشعارات الحزبية الميتة ويتفقوا مع المثقفين أنها نقطة البداية .. فتيات جميلات يسيرن بقمصان ناعمة ومفتوحة وعلى الصدور والنهود البيضاء والخمرية سلاسل ذهبية تتوسطها قلوب الحب واَية الكرسي والتنانير او بنطال الجينز يرسم تقاسيم الآفخاذ المثيرة والمؤخرات البارزة ورؤوس حليقة بقصات حديثة ..سرت بعمق أزدحام المدينة ..وقفت أمام أحد المقاهي ..دخلت وجلست الى أقرب طاولة ..كانت ممتلئة برؤوس الشباب والرجال كبار السن والعيون راكزة ومنتبهة ومشغولة على التلفاز الذي يتطاير منه صور الشبق الجنسي ..أجساد متعرية متلاصقة متحركة ,, سيقان نساء مرفوعة الى أعلى الغرفة ..رجال بوجوه أوربية يرضعون أجهزة النساء التناسلية ..مؤخرات ..لحمية وسوداء وسمراء صغيرة وكبيرة يقفل أبوابها الشريطي مفاتيح الرجال الغريزية ..أصوات نسائية تتأوه من رجفة القضيب تثير الجالسين ..هذه الآفلام الجنسية عادت لي صور طفولتي ومراهقتي البائسة ..كان عمري أكثر من ست سنوات حين أنتقلت عائلتي من منطقة الكريمات الى مدينة الثورة .. مدينة الثورة تعيش في غيبوبة الريف توسعت وكبرت بالعشائر الشيعية الجنوبية والفراتية والكرد الفيلية والتركمانية ..أنفرد بها المذهب الشيعي !!.لا أقول فيها تنظيف عرقي بل يتسيد المذهب الشيعي والعشائري ...كانت العشائر الشيعية تمر بمرحلة الصخر والطين والفقر والبدائية ..قبل أن تسمى المناطق والآحياء بأسماء اليوم ..ساحة مظفر والخمسة وخمسين وساحة حي الآكراد والقيارة والجوادر وفلكة الطابوق والداخل والفلاح والشلبة وام الدنانيروالجولان..كانت عشائر الشيعة تسرق النفط الآسود والقير والطابوق والحصى والآسفلت من الشوارع الوليدة العهد ..نساء وأطفال وشيوخ ورجال ملطخة ثيابهم ولباسهم الداخلية الطويلة بالنفط الآسود والزيت وعلى رؤوسهم المعصوبة بأقمشة بالية صفائح معدنية يسيل منها النفط الآسود أو الزيت على وجوههم وأكتافهم .. يدخلون بأقدامهم الحافية والزيتية سرقاتهم الى بيوتهم الخربة ..بالرغم تحذيرات لجان هندسة الطرق والعمال الى هؤلآء الناس ..لكن بقوا يتمنطقوا بقسوة اللغة والهيجان البدائي والجريمة العلنية..في الصباح تسير عربات الخيل والحمير وعربات الدفع والسيارات الكبيرة والصغيرة على الشوارع المحفورة الصفراء ..تنزل حمولتها الى الآسواق القريبة من الشوارع المسروقة من زيوتها والمتداخلة باللون والقياس والطول والعرض ..السيارات الكبيرة تفرغ حمولة المنتقلين الجدد بأطراف الحارات والآزقة والدرابين والساحات الوسطية ..العوائل تخاف على صرر المواعين الفرفوري والبوفيات الخشبية (والبريمزات النحاسيه والقدور الفافونية والملابس واللحف والدواشك والمخاد , )..أطفال المنطقة يخافون من البيوت المتروكة وأبوابها المغلوقة ..تنقطع أنفاسنا ونحن نركض من أمامها وعيوننا تنظر الى أبوابها المقفولة بخوف ..كان خيال شبح الجن وحكايات الطنطل تطاردنا حتى في منامنا ..كنا نسميها بيوت مسكونة..كنت أنظر الى السجادة المعلقة على جدران بيتنا الطيني ..فارس يلاحق تنين أسود ..الفارس القوي بيده رمح طويل يضعه بفم التنين الآسود ..ظل يخيفني رأس التنين على الرغم من قدرتي على فك الحروف وبداية القراءة ..الآلف كعنق الزرافة والياء الشبيه بالبطة والواو يذكرني بحكايات والدي عن دهاء وحيل الواويه ...عندما أسير مع أمي أو ابي أقرأ حروف أسماء المحلات والدكاكين والآسواق وسيارات الحمولة ..مثلا ..لاتسرع يابابا نحن بأنتظارك..الحسود لايسود ..حبيبة ليلى ..محروسة بالعباس أبو فاضل ...أمام والدي بفرح...كانت المدارس هي بمثابة معتقلات.. هكذا يقول( صديقي الآرمني,) ..يصب فيها الآذى والتعذيب ..سجلت في المدرسة التي تبعد عن منطقتنا بفترة ربع ساعة وعمري سبع سنوات ..كان مدير المدرسة يكنى أستاذ قصاب ..ملامح وجهه الترابي شبيه بالآنسان المغولي ..يشتهر بضرب الطلاب المخالفين بقسوة !!..أهرب من المدرسة عندما لم أكمل واجباتي اليومية ..أتسكع في الآحياء والبيوت والشوارع الطينية التي بنيت من ثقافة القرى ..أقف بجانب دكان أشتري دعبل أو كارتون فيها صور ممثلين سينما ..أشترك باللعب مع أطفال المحلة ..درابين منطقتنا تشتهر بأسماء سكانها ..بيوت الناصرية والكربلائية والنجف والحلة قريبة على بيوت الفراطسة والسواعد البتران ..جدران البيوت الطينية تتشقق من غزو الآمطار الكثيرة ..الملفت للآنتباه بعد توقف الآمطار الغزيرة وخروج الشمس تخرج نباتات خضراء من بين شقوق حيطان البيوت الطينية وتنزل الطيورخائفة على بقايا الاطعمة الملقات بساحات البيوت والدرابين وتهرب من الكلاب والقطط السائبة والبط ..نعتدي على أعشاش العصافير في زواغير البيوت ..نكسر مصابيح أعمدة الكهرباء ..والغريب ايضا حتى عندما يسأل سائل عن عنوان أو طريق ..نسخر بالوصف الى السائل ..باحتقار المكان مثلا ..مقابل البيت الخرب أو الخرابة ..أو بجانب الزبالة ..أو قرب الشجرة اليابسة ..أو أمام تلة التراب ..أو بمحاذات دكان الآقرع ..أو خلف أم الباقلة المفترشة الآرض .....دخلت المتوسطة بجسم رياضي ودب بي نشاط الآستمناء ..كنت أستمني كثيرا داخل سيارة والدي ظهرا ..تسللت الى بنت الجيران اليتيمة من الآب أما أمها شهيرة بكثرة الزيجات,, كلما تتزوج رجل يموت بعد أشهر او سنة !!.. بنتها تفتح لي باب بيتهم خلسة ليلا ..بيت من غرفتين بنى من الطابوق الجمهوري ..تعيش مع جدتها أم والدها وأختها الكبيرة تزوجت حديثا ..أحس بحركة يدها وهي ترفع الحباسات من شعرها الطويل ..نتهامس بأصوات غير مسموعة ..نمارس الحب كلصوص بعيون وطواطية على فراشها الآرضي..ننتهي من هذه الممارسات حين يأذن أذان الفجر ..قبل أن يخرج والدي من التواليت ..أنا نائم في فراشي بجانب شقيقي الذي قتل مبكرا ..نذهب أنا وأولاد المنطقة الى السينما في باب الشرقي في الآعياد والعطل الرسمية ..بعد تجميع يومياتنا المدرسية من النقود ..نقطع تذاكر السينما القريبة على سيارات مدينتنا .. سينما الحمراء والرصافي وشهرزاد ..تشغل فلمان في بطاقة واحدة ..واحد أكشن والآخر جنسي .....بعد الآنتماء الى التنظيمات الشيوعية مبكرا ..بدأ التثقيف ضد هذه الآفلام
نسمع من مسؤولنا التنظيمي هو الحرص والحيطة من هذه الآماكن القذرة ..في أحد الآيام قطعت مجموعة شبابية منتمية الى صفوف التنظيم الطلابي بطاقات من شباك التذاكر من هذه السينمات الهابطة ..في باب الدخول ..بالصدفة دخل معهم المسؤول الحزبي .. ..التقت العيون خائفة وخجلة ومتسائلة ..قال المسؤول الى زملاء التنظيم ..لماذا أتيتم الى هنا ..أجابه أحد زملائه ..زميل وأنت لماذا تدخل هذه الآفلام ..قال لهم بغضب الخجل ..أنا ..أنا ..أنا ..أريد أنقد الفلم ....توقفت صور الطفولة والمراهقة وهز بدني حركة الجالسون في التهيأ بالخروج من المقهى ..وصلت الى محلية كركوك مساءا .. يتبع

البريمز النحاسي ..هو طباخ ذو عين واحده وفي وسط العين لسان مدور أحمر..
الدوشك ..فراش النوم
قدور فافون ..قدور معدنية
صديقي الآرمني ..صديق من الديانه المسيحية الآرمنية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -