الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شجرة ابو غريب

بولس ادم

2008 / 4 / 9
الادب والفن


لحظة انتهاء مراسيم استقبالي في ابي غريب والى لحظة الأكتشاف المتميزة تلك .. وفي تلك الظهيرة النحاسية الدافقة انينا .. تمنيت رؤية شجرة , تمنيت ذلك ، تمنيت ان تكون بعيدة ، وانا هنا لااريد لها ان تقترب اكثر ! .. القضبان تحتكر الوان الطبيعة البشرية .. في السجن ، قليلون هم من يفكرون بلون الشجرة ، لأننا هناك نراها خطيئةالحياة التي نحن هناك ملوثون بها ، ولايحق لنا فئ شجرة او ورقة وحيدة ولو ميتة .. نحن السجناء لنا كرامة يستغرب لها الغراب على السور صباحات شباط ابو غريب وتستغرب لها البومة التي ماانفكت تنزعج معنا ونحن نسمع عتابها العميق .. خلف قاعة تزدحم بالمساجين ، بالأسم فقط ، كانت قاعة النجارة .. هناك جرت مذبحة بين تجار الحبوب المخدرة يوم امس .. كان كل شئ قد تمت تصفيته وانتهى يومي المنهك ذاك بتسلق الدرجات المؤدية الى زنزانتي .. ثمة رائحة ، رائحة محفوظة في المؤونة الروحية .. رائحة اتت خلاسية في ربيع قديم وانا انظر من زجاج باص ، بينما ينعطف من امام جامعة اراها للمرة الأولى في جادرية بغداد .. وانا ارتقي تلك الدرجات الزيتية في ابي غريب حقنت ذاكرتي تلك الرئة المنقبضة الملتصقة بمعدة شبه خاوية برائحة
النباتات تلك .. ضحكت مع نفسي لحظة ، وانا اشم غاز مؤخرتي .. وكم تمنيت حضورا متمردا مخلصا لقرنفل من الزوراء ، هذه رائحة
تاتيك اولا قبل ان تاتيك رائحة اخرى لقرنفل اخر ابعد عنك وانت على الدرجات الحجرية الزيتية في ابوغريب ..

كان ( سعدون ) قد افلت من ملاقط السجانين وهرع الى زنزانتا ..
وهم بالتاكيد يبحثون عنه .. الا ان من اواه كان اصغر المسجونين
هنا .. كان سعدون يعلمه القراءة والكتابة هنا . ولأشهر قيل بان سعدون ينام معه و ( ينيج بيه ) ! لكنني مع نفسي لم اصدق ذلك وتاكد حدسي .. عندما صرخت ( ام فلاح ) في الزنزانة ظهيرة المواجهة الأخيرة :-

- كافي يا ظلمة ، سعدون ابو فلاح ، ووو اني ، ام فلاح !

استلقيت ملتفا بخرقي وانا ارتعش لكل شئ هنا ..

شممت رائحة احتراق .. فتحت عين تحرسني تحت مثلث حافة غطاء رمادي
اتفنن في ليه لكي ارى مايحدث هناك بعين اليقظة تلك ، وكانت مدية
في مكان سري قريب تحت طلبي دوما .. توهمت اشياء ، الا ان مارايته
اعجبني جدا ، سعدون وابنه فلاح يمسكان بانية معدنية مليئة بالشاي
فوق اكياس نايلون تحترق فوق فوهة المرحاض في الزاوية ..

نمت الليلة متاخرا كالعادة ، وكانت اخيلتي كلها تتباور
في الجزء الأعلى من شجرة رايتها في التفاتة مفاجئة نحو شباك خلفي
تزركشه القواطع الصلدة وانا ارتقي درجات الطريق نحو الزنزانة
رقم ( 19 ) هناك ..

عندما ايقضتني زحمة الصباح في السجن كالعادة

لم اك افكر بغير التاكد من كل ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع