الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازدواجية الخطاب العربي بين الواقع والشعارات

وداد فاخر

2003 / 12 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


هناك هوة واسعة بين الواقع المعاش والشعارات المشبعة بالديماغوجية ، والعنتريات الفارغة التي وصفها نزار قباني في قصيدته ( على هوامش النكبة ) : " بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة " ، وهي صفة ملازمة لكل ( الثورجية العرب ) الذين يستغلون حماس الجماهير ، واحباطهم نتيجة القمع السياسي لأفكارهم وآرائهم ، للضحك على عقول الناس بشعارات الحرب الباردة التي أكل الدهر عليها وشرب . لذلك وجدت أفكار القاعدة لها أرضا خصبة في عقول النشء الجديد ، وغيرت من تصرفاتهم وعلاقتهم بالضد من السلطات القائمة ، التي حرمتهم حرية التفكير والحديث بصوت عال ٍ .
وكان لوعاظ السلاطين من الكتاب والصحفيين الدور الرائد في هذه الجريمة التي أضرت بسمعة العرب والإسلام الحقيقية البعيدة كل البعد عن القتل والتدمير ونفي الآخر ، بسبب ما يدبجونه من كتب ومقالات وقصائد ومعلقات ، أضفت هالات مقدسه على أسيادهم وأولي نعمتهم ، وأضرت بشكل رئيسي بعموم الجماهير التي كانت تئن من الجوع الثقافي والغذائي ، من حكام همهم طرح ( الشعارات الثورية ) وترك عقول وبطون الناس فارغة تتلقف الهواء .
وما جرى في الجزائر يوم الاثنين الماضي أثار أكثر من سؤال في أذهان المراقبين السياسيين للوضع العربي المتردي ، حيث تم إستبعاد وفد ( إتحاد الأدباء العراقي ) بحجة واهية ، من خلال الطعن في شرعية تمثيل أعضاء الوفد العراقي ، بينما تناسى البعض ممن يطعن في شرعية تمثيله انه أحد وعاظ السلاطين لا أكثر ولا اقل ، فلو لم يكن حزبيا ًيرضى السلطان عن كل ما يقول لما سمح له بتخطي عتبة داره . وكيف لهذا البعض أن يشكك في تنظيمات عراقية لا تمت للسلطة القائمة بصلة تذكر ، وليس للسلطة أي تأثير ولو بسيط عليها ؟؟ . لأن الجميع يعرف بان كل التنظيمات النقابية والإتحادات القائمة حاليا هي نتاج مشاورات شعبية بين الأطراف صاحبة المصلحة الحقيقية في قيامها ، ولا علاقة لها حتى ب ( مجلس الحكم ) الحالي ، أي إنها تجمعات جماهيرية شعبية خالصة مئة بالمئة ، عكس ذلك البعض ممن تسلقوا على أكتاف الجماهير من مداحي السلاطين ووعاظهم . وكان ما صرح به الكاتب العراقي ، وعضو الوفد ( حسن عبد الراضي ) هو عين الحقيقة عندما قال ( نحن لم نرسل من جانب " الحاكم المدني الأمريكي " بول برايمر ولا علاقة لنا به نهائيا ، لقد جئنا إلى الجزائر باسم الأدباء والكتاب العراقيين ) .
وكل ظني إن هذا البعض تصرف بوحي مما صدر عن سلطاته التي يترزق من وراء كيل المديح لها ، والتي لا زالت للآن تناصب الشعب العراقي العداء ، بحجة إحتلال العراق أمريكيا ، وتشجع علنا أو من وراء الستار القتلة والمخربين وتستقبل البعض منهم بالأحضان ، بالضد من رغبة الشعب العراقي التواق لنيل الحرية والتخلص من نير الإحتلال عن طريق الوسائل السلمية . وأغمض قسم منهم عينيه متعمدا كي لا يرى حقيقة أرضه المحتلة منذ سنوات من قبل الصهاينة ، مركزا بطريقة غبية على ما حصل للشعب العراقي نتيجة تهور طاغية أرعن كان كل همه أن يجلس على كرسي الحكم حتى آخر يوم من حياته المليئة بالقتل والدمار لوطن كان يرفل بالعز والفخار .
وتحمس قسم منهم لهذا التصرف بعد أن كان وإلى عهد قريب من صحفيي وكتاب ( كوبونات النفط ) التي كشفت وثائق النظام الساقط دنائتهم ووضاعتهم ، وأظهرت أسباب وقوفهم مع طاغية أضر بالعراق ودول الجوار بحجة البكاء على أطفال العراق الذي كان هو المسبب الحقيقي لمأساتهم .
والعرس الديمقراطي في العراق الآن تثبته عشرات الأحزاب التي تعمل بحرية مطلقة ، وعشرات الصحف والمجلات التي تكتب بدون رقيب ، فأين من صحف هذا البعض الرسمية المعدودة ، التي تنطق باسم السلطان وتناقش"أقواله" وتسجل حركاته ، وتكيل المديح له ولآله ؟؟ ، أسئلة عديدة نطرحها هنا عل القارئ العربي يعي ما يجري من تجاوز غير مقبول من أشخاص يفترض بهم أن يكونوا ضمير الأمة ولسانها الناطق ، لا أن يكونوا ببغاوات ملقنة تسبح بحمد السلطان وتثني عليه؟؟ .
 ولو كان هناك إمعة وجاهل في الأدب والثقافة مثل المقبور عدي إبن السفاح صدام حسين لبرزت الأكف تصفق له وتهتف مرحبة به وبوفده من القتلة والمجرمين ، ممن كانت المخابرات العراقية ترعاهم بعنايتها التي أزالتها عناية الله ، كما كانت تغدق على الآخرين من السفلة والمشعوذين ، من غذاء ودواء الأطفال العراقيين .
وبعد كل هذا يتباكى البعض بحجة إبتعاد العراق والعراقيين عن الصف العربي ، متناسين بأنها محنة وتزول ، ويرجع العراق سليما معافى وأحسن من الأول بملايين المرات ، وسيلفهم الخزي والعار جراء تصرفهم الأحمق هذا .
لكن مع ذلك لن يعدم الشعب العراقي الكثير من إخوته العرب ممن وقفوا إلى جانبه في محنته بالغذاء والدواء ، وكانوا له خير عون وسند في جميع المحافل الدولية والعربية ، وستكون كل خطوة خير تجاه الشعب العراقي معيار العلاقات الأخوية الودية المستقبلية ، وسيكون لكل حادث حديث ، كما يقال .

* كاتب وصحفي عراقي / النمسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما