الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم السياسة وأختلال المفهوم

صاحب الربيعي

2008 / 4 / 8
السياسة والعلاقات الدولية


إن المفهوم الشائع للسياسة هو فن الخداع والتدليس للجمهور لتحقيق مأرب سياسية لاتعكس أهدافها الحقيقية بشكل مباشر، أو فن أشباع عواطف الجمهور الجاهل بالوعود الكاذبة وتجييره لخدمة مصالح السياسيين، أو فن السيطرة والتحكم بالمجتمعات غير الواعية لمصالحها لإستغلالها أكبر فترة ممكنة.
ومن خلال هذه المفاهيم الشائعة في الدول المتخلفة يتبين أن السياسية مهنة لإحتراف الكذب والخداع ولاتحتاج إلى إمكانيات فكرية وعلمية وأخلاقية وإنما إلى كائنات أمية وجاهلة ووضيعة، وعديمة الضمير والأخلاق مهمتها الأساس خداع الجمهور لتحقيق مكاسب مادية أو سياسية ذات أجندة خارجية. وبالتالي فيمكن تصنيفها ضمن المهن الوضيعة في الحياة، تمتهنها كائنات وضيعة لاتعر أهمية للقيم الاجتماعية والدينية السائدة في المجتمع.
إن مهنة السياسة ليست مهنة حديثة، بل تعتبر ثاني أقدم مهنة في التاريخ القديم بعد مهنة الدعارة. وكلاهما لاتحتاج إلى ثقافة وتعليم وإنما إلى مهارة في تزين (الفكرة والجسد) لاجتذاب الجمهور وخداعه بفكرة مشوهة على أنها فكرة إنسانية، وجسد قبيح باعتباره جميلاً لتحقيق مكاسب مادية.
يقول ((جيمي كارتر))"إن السياسة هي ثاني أقدم مهنة في التاريخ بعد مهنة الدعارة، وتشتركان في أسلوب واحد في التسويق، فكما أن العاهرة تزين نفسها لجذب الزبائن كذلك الحال للسياسي".
إن المفاهيم الشائعة للسياسة مازالت رائجة في معظم الدول المتخلفة، والمُمتهنين لها مازالوا من الجهلة والأميين بسبب سياسة التبعية والهيمنة للعالم الآخر بوسيلة غير مباشرة لتحكم بمقدرات الدول والمجتمعات المتخلفة عبر تنصيب وإعلان شأن كائنات وضيعة في العمل السياسي لتحقيق أجندة سياسية غير معلنة.
أما المفهوم الآخر للسياسة يعرف بإنه علم قائم بذاته يبحث في شؤون الدولة والمجتمع، ويحتاج للدراسة والتحصيل والمهارة الذاتية والخبرة في إدارة المؤسسات المدنية والعامة، وممتهن السياسة يجب أن لاتنقصه الفطنة والذكاء وسرعة البديهة والتحليل وإمكانية إعداد البرامج والتخطيط والإشراف والمساومة ويتحلى بقدرة كبير من الصبر والأخلاق ومؤمن بالقيم العامة للمجتمع لكسب ثقة الجمهور بمشروعه السياسي لتحقيق المصالح المشتركة.
ولعلم السياسة مناهج ومدارس فكرية ذات طبيعة تراكمية (تتفق أو تتعارض) بالرؤى الاقتصادية والاجتماعية والفكرية قاعدتها الأساس الفلسفة التي تدرس غايات الإنسان وهواجسه وتطلعاته وسُبل عيشه ورفاهيته وتتطلع نحو الارتقاء بالوعي الإنساني لمرتب أعلى.
يعتقد ((أدونيس))"أن السياسة فن يضيء الفكر، والفكر أفق لإغناء السياسة وتعميقها. والمجتمع سياسات وأفكار لاسياسية دوارة بفكر واحد، وليس الفكر نقلاً أو تعليماً لليقين وإنما هو الحث على المزيد من التساؤل والبحث".
وبما أن لعلم السياسة مناهج ومدارس مختلفة فإنها تعكس نظم سياسية متباينة ومستندة لرؤى فكرية تحقق مصالح (فئة أو فئات) اجتماعية محددة، وطالما هي كذلك فإنها تخلق حراكاً سياسياً فيما بينها نتيجة تقاطع المصالح تارة والتقاءها تارة أخرى.
وهذا الحراك السياسي إن أُطر بنظام سياسي يكفل حرية التعبير واختلاف الرؤى ويؤمن بآليات الانتخاب وتناوب السلطة تزداد الحاجة للعلوم السياسية لتهئية رجال دولة قادرين على إدارة شؤون الدولة والمجتمع.
وبالمقابل تزداد حدة المنافسة بين أصحاب الكفاءات الثقافية والفكرية والعلمية والاقتصادية داخل المؤسسة السياسية لإختيار نخبة كفوءة قادرة على إعداد البرامج المختلفة التي تحقق مصالح أكبر عدد من الجمهور لكسب أصواتهم للفوز بالسلطة السياسية.
إن أختلاف مصالح الفئات الاجتماعية يعكس أختلاف الرؤى السياسية، فليس بالضرورة أن تحقق السلطة السياسية المصالح الكلية لكافة فئات المجتمع وإنما تسعى لتحقيق المصالح النسبية لفئة اجتماعية محددة مقابل نسبة أعلى من المصالح للفئات الاجتماعية التي تمثلها.
يعرف ((أيستون)) علم السياسة:"بأنه التوزيع القهري أو السلطوي للموارد ذات القيمة الاقتصادية".
إن أختلال مفهوم السياسة بين المجتمعات المتخلفة والمتحضرة ينعكس على الممتهنين لها، فالسياسة باعتبارها علم لإدارة شؤون الدولة والمجتمع تتطلب نخبة مختارة من أصحاب الكفاءات والتخصصات المتعددة في النظم السياسية المستقرة، وباعتبارها الشائع، فن الكذب والخداع تتطلب كائنات بشرية وضيعة ومتخلفة وجاهلة بإدارة شؤون الدولة والمجتمع في النظم السياسية غير المستقرة.
إن تعاطي أعداد كبيرة من أفراد المجتمع المتخلف للعمل السياسي لايعكس الارتقاء بمستوى وعيه السياسي وإنما تدني بثقافته السياسية التي تعكس الفهم الشائع للسياسة باعتبارها فن الكذب والخداع ومهنة لاتحتاج إلى كفاءة وخبرة وتعليم، فمن خلالها تتاح الفرص للأميين والجهلة تبوء مناصب وظيفية رفيعة في مؤسسات الدولة ومراكز اجتماعية مرموقة لاتتناسب ومستوى وضاعتهم في المجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم