الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رصاص ابتهاج سياسي يودي بحياة المواطنين

عماد الدين رائف

2008 / 4 / 8
حقوق الاطفال والشبيبة


"فليكن أحمد الساحلي آخر ضحايا الابتهاج.. أحمد الساحلي، أو الشهيد أحمد، كان يفترض أن يتم اليوم أربعة عشر ربيعاً، لكن رصاصة ابتهاج أطلقها "مجهول" رافقت إطلالة الرئيس السنيورة أودت بحياته القصيرة بعد سبعة أيام قضاها في الكوما. أحمد الذي لم يحتفل بعيد ميلاده كان على موعد مع اعتباره رسمياً من شهداء الوطن من قبل رئاسة الحكومة في بيان صادر عنها! حيث قال الرئيس السنيورة فيه: "إن ضرر هذا الرصاص الطائش الذي أطلق في الهواء قد أصابني شخصياً في أول من أصابهم وإني أعتبر خسارة هذا الشاب بمثابة خسارة جسيمة لي ولكل العائلات اللبنانيةالتي تبحث عن الاستقرار وتفكر بمستقبل واعد وآمن لأولادها". هكذا دأب السياسيون على إظهار تأثرهم البالغ واتقززهم من مطلقي النار وتملصهم من النتائج. "كم هو بسيط اللعب بأرواح الناس! كلما ارتقى سياسي منبراً تشتعل المناطق الموالية له بالرصاص والقذائف، كأن حياتنا جميلة ولا ينقصنا إلا جرعات إضافية من الرعب"، تقول سعاد، وهي طالبة جامعية كادت أن تخسر حياتها هي الأخرى برصاص "مجهول" آخر في ليلة إطلالة الرئيس بري التلفزيونية.

من يطلق النار؟
يحرص المسؤولون السياسيون من فريقي السلطة والمعارضة على حث أتباعهم على "ضبط النفس" أثناء إلقائهم لكلمات منبرية، أو أثناء إجرائهم لمقابلات تلفزيونية، ويطلبون منهم "أثناء الحديث أو قبله بعدم إطلاق النار ابتهاجاً"، في وقت بات معروفاً أن "الأسلحة والذخائر الفردية وغير الفردية باتت بمتناول أيدي المواطنين، بعد تدفقها بطرق غير مشروعة إلى كل الأحزاب والتيارات السياسية المتصارعة سياسياً في لبنان"، كما يقول طوني، وهو طالب جامعي حرص على شراء "قطعة سلاح، كونك لا تعرف كيف تنقلب الأمور". لا يخلو حي من الأحياء الفقيرة في بيروت وضاحيتها الجنوبية من إطلاق نار أثناء مقابلة لزعيم هذا الفريق أو ذاك. فمن يطلق النار؟ ومن المسؤول عن أرواح الناس؟

"من خمسماية إلى ثمانماية دولار أمريكي فقط لا غير سعر الرشاش الأوتوماتيكي الشهير كلاشنكوف"، أما سعر الرصاصة الواحد فيتراوح بين 400 إلى 750 ليرة لبنانية، أي بحده الأقصى يصل إلى نصف دولار أمريكي. فمع "إطلالة كل السيد حسن نصر الله أو الرئيس بري أو الرئيس السنيورة أو سعد الحريري تصرف بيروت والضاحية عشرات آلاف الدولارات وذلك يتبع طول الخطاب أو الحوار المرئي، ولا يمكن أن يكون ذلك عفوياً في بلد يرزح تحت أزمة اقتصادية معيشية"، كما يقول سامي وهو أب لأربعة أطفال، يضيف: "خلينا نفترض أنني أريد أن أطلق النار فهل يمكنني أن أوفر مبلغ 300 دولار كي أشتري الرصاص؟ أنا أعمل كل يوم من الصباح غلى المساء كي أحصل على عشرين دولاراً"!. يعتقد سامي وكثيرون مثله ممن يرزحون تحت وطأة أكبر أزمة معيشية يمر بها البلد أن "السياسيين أنفسهم من خلال أتباعهم وأزلامهم وأذنابهم، يقومون بتغذية إطلاق النار مع كل إطلالة لهم، هل يعقل أن يدفع مطلقوا النار ثمن الرصاص والقذائف".

ثقافة العنف
يدافع السياسيون عن حبهم للحياة، وتفانيهم في خدمة قواعدهم والارتقاء بمناصريهم نحو ثقافة اللاعنف، "فلا يفوتون مناسبة إلا وأتحفونا بفلسفات تشبه غاندي، إلا أن الواقع يكذبهم ويجعلهم متهمين بهدر أرواح الناس"، كما تقول سارة، وهي لم تحلم بلبنان آخر، وطن يحترم المواطن فيه. يعيد خالد ذلك كله إلى "الخطاب السياسي المحتقن الذي يمطرنا به السياسيون وأمراء الطوائف ويحقنون المواطنين الذين يشعرون بعبن شديد وكره للآخر، فلا يجدون متنفساً لهم إلا الابتهاج بالرصاص، ولو كان بإمكانهم التنفيس عن أنفسهم بالعراك والضرب لفعلوا ذلك، كما حدث في بيروت الشهر الماضي".

أرواح الناس
يفضل فادي ألا يطل براسه من الشباك أثناء الابتهاج الموتور الذي يقوم بطقوسه "زعران الحي". يقول: "كلما تحدث الأستاذ أو السيد، نحضر حالنا قبل وقت الخطاب أو الحلقة التلفزيونية، وأمنع أطفالي من التوجه إلى الدكان القريب، أو حتى من الخروج إلى الشرفة". تضيف سميرة: "يتحدث السياسيون ليلاً محولين السهرة إلى سهرة رعب مع القذائف والرصاص، أعتقد أن مناصريهم لا يستمعون إليهم فهم يقومون بإطلاق الرصاص قبل وأثناء وبعد الخطاب أو المقابلة التلفزيونية".
يأمل كل من قابلتهم بأن يكون الشهيد المظلوم الفتى أحمد الساحلي آخر من تحصده رصاصات "الأوباش" الذين يحتلون سماء لبنان وليله مع كل خطاب، وإن كانوا غير مقتنعين بذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا تغلق مجمع مكاتبها في القدس الشرقية بعد محاولة -متطر


.. الأمم المتحدة: الحرب خلفت نحو 37 مليون طن من الركام وإزالته




.. يكفى ليوم واحد فقط.. الأونروا تحذر من نفاد مخزوناتها الغذائي


.. فيديو: الآلاف يتظاهرون دعماً للفلسطينيين في مالمو قبل مشاركة




.. السعودية تدين اعتداء إسرائيليين على مقر -الأونروا- بالقدس