الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمرنا القادم ضد الطائفية والتمييز الديني

سامر سليمان

2008 / 4 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


باقي من الزمن أقل من أسبوع وتبدأ أعمال "المؤتمر الاول لمناهضة التمييز الديني" الذي تنظمه جماعة "مصريون ضد التمييز الديني" " التي تأسست منذ حوالي سنتين والتي نختصر اسمها في "مارد". لماذا هذا المؤتمر؟

الحقيقة أنه يمكن تخيل انقسام أي بلد في المنطقة العربية إلا مصر. فالمصريون يشكلون أكثر شعوب المنطقة تجانساً، وهم يمتلكون دولة راسخة ترجع حدودها الدولية إلى عدة ألاف من السنين. أين المشكلة إذن؟ المشكلة أولاً أنه تأتي على الشعوب لحظات ينسى فيها بعض أبنائها أو يتناسى ما هو بديهي، ويتصرف وكأن هناك أي حل لمشاكل المصريين مع بعضهم البعض غير التصالح القائم على العدالة والمساواة. والمشكلة ثانياً أن منا من استحلى الطائفية وبات يبني عمارات من ريعها ويحقق صيتاً وسلطة من نعيقها. والمشكلة ثالثاُ أن مصر تعيش في منطقة يتم دفعها دفعاً، من داخلها كما من خارجها، إلى صراع الطوائف.
وبما أنه لا حل في مصر إلا التصالح، وبما أن من يطرح حلولاً أخرى استئصالية هو إما جاهل أو يحاول أن يرفع من سقف مكتسباته حين تأتي لحظة التسوية، فلماذا لا نشرع فوراً في العمل من أجل الصلح؟ ألم يحن الوقت لكي نتخلص من تفاهات الطائفية لكي نلتفت لمصالحنا الفردية والجماعية؟ ألم يحن الوقت لكي تمارس مصر دورها ومسئوليتها في فرملة انحدار المنطقة العربية إلى هاوية الطائفية؟ إذا لم تقدم مصر النموذج، فمن يقدمه؟ إذا كان للطائفية أن تنهزم في بلاد العرب، فإن أول ضربة قاصمة ستتلقاها ستكون من هنا.. من بلاد النيل. الطائفية في مصر هشة، فهي لا تمتلك مقومات جغرافية وديمجرافية كما هو الحال في مجتمعات أخرى مثل لبنان. المصريون مختلفون على الدين وحوله، وهم سيظلوا حتماً مختلفين في المستقبل، ويجب أن يحافظوا على هذه الاختلافات. هل سمعتم عن مجتمع اتفق كل أفراده على دين واحد وعلى تفسير واحد لهذا الدين إلا تلك المجتمعات التي حُكمت بالحديد والنار وانتهت إلى الخراب والدمار؟
يقولون أ، الحرب تشتد في مراحلها الأخيرة. لذلك فالاحتكاكات الطائفية التي تشتد في مصر الآن قد تنبيء بأن التسوية قادمة. لعنا لا ننسى أن ثورة 1919 التي تبنت شعار "الدين لله والوطن للجميع" قد سبقها تطاحن طائفي حاد كان أحد ملامحه المؤتمر القبطي الأول الذي عقد عام 1911 والذي أعقبه مؤتمر اسلامي للرد عليه. نعم الوضع اليوم مختلف، فليس لدينا الان عدو مشترك يسهل لنا التوحد في مواجهته. ولكننا لا نحتاج بالضرورة إلى عدو مشترك. الحقيقة أن الاتحاد ضد الاعداء المشتركين هو اتحاد هش. علينا أن ننتهي من شعار "أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب". هذا المنطق يوقعنا في الصراع مع أبناء العمومة بعد الإجهاز على الغريب. الاتحاد الحقيقي الراسخ والابدي هو ذلك الذي يقوم على المصالح المشتركة. المصريون كلهم – إلا المرضى منهم والاشرار – لهم صالح في أن يعيشوا في أمن وسلام وازدهار وعدل على هذه البقة من العالم. فما الذي يمنع؟ الإجابة بسيطة.. إنها السياسة.. البولوتيكا يعني. معظم المصريين المنخرطين في الصراع الطائفي مخدرين، وليس لهم في هذا الصراع ناقة ولا جمل. كم يبلغ عدد المستفيدين الحقيقيين من الطائفية في مصر؟ من في مصر تزيد ثروته ومكانته وسعادته بنمو الطائفية؟ ربما بضعة ألاف من السياسيين ورجال الدين؟ ربما بضعة مئات من الالاف منهم؟ هل نترك لهؤلاء الحبل على الغارب لكي يوقعونا في صفيحة الزبالة الطائفية. أسف على استخدام تلك الكلمة، لكني لا أجد مصطلح أخر يعبر بدقة عن محتوى الطائفية. فالطائفية ليست أفضل من العنصرية. كراهية المختلف في الدين لا تقل في الغباء والتفاهة عن كراهية المختلف في اللون.
مثلما جاءت تسوية المشكلة الطائفية في عام 1919 من خارج السلطة، من الشعب، فإن تسوية المشكلة اليوم لن تأتي إلا من أطراف شعبية. لقد هلت تباشير والمبادرات الشعبية.. من أعمال أدبية وفنية تغوص بحب وتسامح في تنوع الشعب المصري، ومن كتابات تعترف بحجم المشكلة وتحاول الاقتراب من الحلول الممكنة، ومن مبادرات لشباب وشابات على الانترنت للمكاشفة والتطهر من ذنوب الطائفية (مبادرة "معاً أمام الله" مثلاً). كان تأسيس جماعة "مصريون ضد التمييز الديني" هو أحد تلك المبادرات الساعية لتحقيق المصالحة الوطنية. لكل مبادرة مدخلها في الحلول. وتتعدد المداخل مشروع، بل مستحب. لقد رأينا في مبادرتنا أن المدخل الأهم لمعالجة المشكلة الطائفية هو التضامن مع ضحايا الطائفية، هؤلاء الذين يتعرضون للظلم في العمل أو في الحقوق الشخصية أو في الحياة السياسية بسبب الديانة المدونة ببطاقة هويتهم. مؤتمرنا القادم ينعقد لمناقشة مشكلة هؤلاء. المؤتمر يبدأ من بديهية أن هناك من يتعرض للتمييز الديني في مصر، ويحاول أن يرصد المشكلة وأشكالها المتنوعة والحلول المطروحة لها. المؤتمر لن يضيع وقته في إثبات أن هناك تمييز ديني في مصر. فمن لا يرى – على سبيل المثال – في محاولات السلطة تغيير ديانة البهائيين في الاوراق الرسمية تمييز صارخ، بل اضطهاد مقيت، هو شخص يعيش خارج العصر. من ينكر أن هناك مؤسسات ومناصب في الدولة تغلق أبوابها أمام المسيحيين، لا لشيء إلا لأنهم مسيحيين، هو جاهل أو كذاب. نحن نريد مواجهة المشاكل بشكل مباشر. البلد شبه معطلة منذ عشرات السنين لأن هناك مقاومة لطرح المشاكل بمسمياتها الحقيقية، ونحن ليس لدينا وقت لنضيعه.
قائمة المتحدثين ومقدمي الأوراق في المؤتمر طويلة لا يتسع المقام هنا للخوض فيها. يكفي أن نقول أن جماعة "مارد" دعت من خارجها بعض من خيرة عقول هذا البلد في الفكر والادب والفن والسياسة لكي يشاركونا التفكير والتحليل. والمشاركون من داخل وخارج الجماعة قد يختلفوا في تحديد حجم المشكلة، وفي تحليل أسبابها، وفي الحلول المطروحة لها. هم قد يختلفوا في كل شيء وأي شيء، إلا شيء واحد فقط وهو أن مصر بها توتر طائفي ومشكلة تمييز ديني، وأنه حان الوقت لكي يتحرك النشطاء والمثقفين من مختلف الطوائف والمشارب والخلفيات للخلاص من هذه المشكلة. وقائمة المجالات التي سنرصد ونحلل فيها ظاهرة التمييز طويلة، تبدأ من الدستور والقانون وتمر بالاعلام والوظائف وتصل إلى التمييز في الرياضة. والحلول المطروحة للمشكلة متعددة ومختلف عليها بين المشاركين، بين "التمييز الايجابي" والبناء على الخبرة التاريخية في التعايش وبناء الدولة الديمقراطية المدنية/العلمانية، أو مزيج من هذه الحلول.
لقد كتبت هذه المقالة بناءً على اتفاق بيننا في جماعة "مارد" أن نبدأ في الحديث عن المؤتمر والدعوة للحضور والمشاركة فيه. لذلك أرجو من كل من يقرأ تلك المقالة أن يعتبرها دعوة شخصية له كي يشارك معنا في أعمال مؤتمرنا القادم المنعقد في نقابة الصحفيين والذي سيبدأ يوم الجمعة 11 أبريل بعد صلاة الجمعة وسيستمر يوم السبت. والايام القادمة ستشهد نشر البرنامج المفصل للمؤتمر في عدة صحف ومواقع الكترونية. فكونوا معنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز