الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر

طارق الحارس

2003 / 12 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


دعوني اليوم أتحدث عن وجهة نظري ، أنا فقط ، ليس لي علاقة بوجهات نظر الآخرين . بودي أن اقول اليوم أنا أحب وطني ، ربما أكثر من أي شخص في العالم يحب وطنه . لم يسرقني سحر الغرب الذي أعيش فيه. لم أنتم اليه أبدا بالرغم من كونه يحترم الانسان لأنه انسان فقط الى حد أوصلني الى أن أصرخ يوميا بأعلى صوتي : هؤلاء ( أوادم ) . فعلا أنهم ( أوادم ) من نوع آخر غير النوع الذي أرانا الجحيم بعينه . بالرغم من ذلك لازلت أنتمي الى بلدي ، حتى حرقة شمس تموز وآب أنتمي اليها ، حتى أنني أنتمي الى الرطب الأصفر الذي ظهر بالقرب من الجحر الذي كان يختفي فيه الجرذ الذي دمر كل ثمرات بلدي ، ذلك الرطب الذي لاينفع ولايضر ، لكنه يبقى أصفر حتى منتصف شهر آذار لأنه لم يلقح في الوقت المناسب . لا زلت أنتم الى بلدي بالرغم من الدمار الهائل الذي حل به والذي لازال ( يناضل ) البعض من أجل تدميره بحجة الاسلام والعروبة .

وجهة نظري التي أريد أن أطرحها اختلفت فيها مع صديقي الذي أعرف تماما أنه مثلي يحب وطنه . لقد اختلفنا فأنا متفائل جدا من القادم ، من المستقبل الذي ينتظر وطني وأبناءه الذين تحملوا ويلات ومصائب ليس من السهل أن يتحملها البشر . أما صديقي فهو متشائم جدا ، إذ يعتقد أن الخراب والدمار والتفجيرات والقتل ستستمر في البلد الى ما لانهاية . أنا أمقت أن يكون بلدي محتلا من قبل أية جهة سواء كانت صدامية أو أمريكية ، هو كذلك يمقت مثلي تماما هذا الوضع وذاك أيضا ، لكنني أنظر بشكل مختلف للاحتلال الأمريكي الذي لايقارن مطلقا بالاحتلال الصدامي مستندا في ذلك الى أمور عديدة منها الوعود التي وعدنا بها الأمريكان .

قالوا لنا : سنحرركم من العبودية والطغاة وحررونا . قالوا لنا .. سنقتل أو نعتقل الطغاة وقد فعلوها ، بل وأذلوا من ذلنا . ننتظر الآن تحقيق الوعود الأخرى ، تلك الوعود التي قالوا فيها أنهم سيمنحونا حرية اختيار الحكومة الجديدة من خلال الديمقراطية والانتخابات .. يحاولون الآن تخليصنا من التركة الثقيلة التي تركها النظام البائد وهي قضية الديون الخارجية من خلال تحركاتهم عبر وزير خارجيتهم السابق جيمس بيكر . مستندا في ذلك الى التأريخ المعاصر فقد دخلت أمريكا اليابان والمانيا كدولة محتلة ثم حولتها بفعل ارادة أبنائها طبعا الى ماهي عليها الآن . لا أريد هنا أن اشرح الأوضاع التي تعيشها المانيا واليابان الآن فصديقي يعرفها تماما . لا أنسى أن أذكر كيف أن أمريكا قد أنقذت الكويت من الاحتلال الصدامي ثم وبعد أن سلمت الحكومة الى أهلها خرجت قواتها من هناك ولم يبق الا القليل منها حماية لها من أخطار المحتل الجار وحسب طلب من الحكومة الكويتية .

حكومات دول الخليج جميعها متهمة من قبل ( القوميين ، المناضلين ) العرب الذين للأسف لم تسنح لهم الفرصة لتحرير فلسطين المحتلة لحد الآن ، جمعيهم هؤلاء يتهمون حكام الخليج بالعمالة لأمريكا . الغريب أن شعوب هذه الدول تحب حكامها .. وكيف لا تحبهم وقد وفروا لهم الأمان والاستقرار والرخاء الاقتصادي وحرية التعبير أيضا ، تلك الحرية التي ربما لاتشبه الحرية في الغرب ، لكننا رأينا بأم عيننا الشعب الاسترالي يخرج بمظاهرات كبيرة ضد وقوع الحرب الأخيرة ويضرب رئيس الوزراء بالبيض الفاسد وغير الفاسد وبالطماطة الحمراء والخضراء ، لكن النتيجة كانت مشاركة استراليا في الحرب . أقول ذلك لأن صديقي اتهم الحكومة الجديدة حتى لو ستكون منتخبة من قبل الشعب بالعمالة لأمريكا . ما الضير في ذلك إذا كانت ستوفر للشعب الأمان والاستقرار والطمأنينة والرخاء الاقتصادي . ما الضير في ذلك اذا كانت ستجنب الشعب الدخول في حروب مع دول الجوار يذهب ضحيتها مئات الآلاف من أبناء البلد وتبدد ثرواته على الصواريخ والقنابل والمدافع والراجمات . ما الضير في ذلك اذا ما لم تعدم هذه السلطة أخي وأخيك دون سبب ودون تهمة حقيقية .

قلت لصديقي : أنا أختلف معك حتى في تسمية ذلك بالعمالة فأنا أسميه تبادل مصالح ، أسميه سياسة ، أسميه منفعة متبادلة وأقف معه مادام أنه سيحفظ كرامتي ويحفظ حياتي ويؤمن لي الحرية والغذاء .

تحدثنا عن فلسطين أيضا فقال ستعترف الحكومة الجديدة باسرائيل . صحت بأعلى صوتي : الله أكبر .. يحق للفلسطيني أن يضع يده بيد الاسرائيلي ويجتمع معه ويأكل معه ويعمل معه ويعترف بوجوده . هم أصحاب القضية يحق لهم كل هذا ونحن حتى لايحق لنا أن نجرأ على قول ذلك . تقوم الدنيا ولاتقعد علينا لو قلنا اسرائيل ولم نقل العدو الصهيوني . من هو أحق بفلسطين نحن أم الشعب الفلسطيني ، أنا مثلا أم ياسر عرفات ، أنت أم ياسر عبد ربه . قبل أيام تحدثت مع فلسطيني سألته عن رأيه بصدام ، لاسيما بعد اكتشاف المقابر الجماعية . قال لي : أنه لايزال ينظر اليه كبطل قومي .. قلت له : لكنه قتل مئات الآلاف من العراقيين .. قال : ومادخلي أنا بكم .. لقد ساعدنا ، لقد دفع لنا الملايين من الدولارات . ليس هذا وحسب ، بل شاهدنا ورأينا وسمعنا كيف أن الفلسطنيين أقاموا مجالس تعزية للمقبورين ( عدي وقصي ) وعدوهم شهداء ، كيف خرجوا بمظاهرات رفعوا فيها صورة قاتلنا ومدمرنا الجرذ صدام من أبيه . الدول العربية جميعها بلا استثناء ستعترف باسرائيل ، بل أن بعضها يتوسل الآن أن ترضى اسرائيل عنه فلم كل هذا الغيض من الحكومة الجديدة التي ستحكم العراق فيما لو اعترفت باسرائيل .

قلت لصديقي : ماذا يريد المواطن العراقي .. أعتقد أنه يريد الأمان أولا ، يريد أن ينام في فراشه دون أن يتسلق الطغاة على سطح داره ويدخلون غرفة نومه بعد منتصف الليل ، يريد المواطن أن يأكل خبزته دون مذلة من الطاغية ، يريد أن ينعم بالحرية بأشكالها كلها وأولها حرية التعبير عن رأيه دون أن يخاف أن تكون الدولة راضية أم غير راضية يريد ذلك تطبيقا ، لا شعارا مكتوبا في أعلى الصفحة الأولى لصحيفة الحكومة . يريد أن ينال حقه من ثروات بلده لا أن يرمي له الطاغية فتات يعدها مكرمة منه يتغنى بها الشعراء والمرتزقة لعامين متتاليين . يريد أن يعيش بلا حروب فقد سلبت حروب الطاغية أبناءه في عز شبابهم . يريد حكومة تخدمه لا أن تؤمن بشعار بالروح بالدم نفديك يا ...

قلت لصديقي : على الأقل أنني سأكون مطمئنا أن عائلتي لن تفقد واحدا جديدا من أبنائها في حرب جديدة أو تعدمه السلطة الجديدة بحجة الانتماء الى حزب يعارض أفكارها . سأظل متفائلا للقادم في بلدي وأنا على يقين أن الوضع الجديد في الأحوال كلها سيكون أفضل بكثير من الماضي اللعين .

هذه وجهة نظر ، وجهة نظري أنا فقط ، ربما تكون وجهة نظر البعض منكم أيضا .

كاتب عراقي مقيم في استراليا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حُرم من حلمه والنتيجة صادمة ونهاية حب مأساوية بسبب الغيرة! ت


.. إيران تلغي جميع الرحلات الجوية.. هل اقتربت الضربة الإسرائيلي




.. ميقاتي لسكاي نيوز عربية: نطالب بتطبيق القرار 1701 وأتعهد بتع


.. نشرة إيجاز - مقتل شرطية إسرائيلية وإصابات في بئر السبع




.. اللواء فايز الدويري والعميد إلياس حنا يحللان المعارك الضارية