الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشاق الحرية ( قصة الهروب من نفق سجن الحلة عام 1967 )

عبدالحسين الساعدي

2008 / 4 / 9
أوراق كتبت في وعن السجن


لقد كان في مجيء الأنقلابيين في شباط عام ألف وتسع مائة وثلاثة وستين نذير شؤم على البلاد والعباد حيث غصت السجون والزنزانات بألوف السياسيين والشرفاء من أبناء البلد ، ومن الذين وئد حلمهم في ثورة تموز المباركة ، وممن كانوا يتقاطعون مع النهج الجديد القائم على سياسة القتل والترهيب والتهميش وكم الأفواه والتي كانت سمة ونهج القادمين على القطار الأمريكي ، ومن بين أشهر السجون في تلك الفترة سجن رقم واحد وسجن الفضيلية وسجن الرمادي وسجن البصرة وسجن بغداد وسجن بعقوبة وسجن نقرة السلمان وسجن الحلة الشهير .
لقد كان الوضع المحلي يتأثر بهذا القدر أوذاك بالوضع الأقليمي حيث تداعيات العدوان الأسرائيلي على الأراضي العربية نتيجة نكسة الخامس من حزيران عام ألف وتسع مائة وسبعة وستين ، فضلاً عن صراع الدول الكبرى الذي أخذ يتصاعد للسبب المذكور أنفاً ، وكانت تلك الأسباب تلقي بضلالها على الوضع السياسي في العراق الذي تجد أنعكاسه في سياسة الأنقلابيين تجاه القوى الوطنية والقومية التقدمية ، فما أنفك سجن الحلة يستقبل في ردهاته الرهيبة الآلاف من المناضلين من العرب والكورد والتركمان وبقية الطيف العراقي المعروف ، وليحشروا في ظلماته الرطبة والموبؤة الى أجل غير معلوم .
كان من بين السجناء كم كبير من الشيوعيين وأنصار الجمهورية الفتية ومن الضباط الأحرار ، وقد دفعهم حبهم للحرية والتخلص من ظلمة السجون والألتحاق بصفوف المناضلين لأسقاط الحكم الدكتاتوري البغيض ، للتفكير بشكل جدي في الهروب من السجن بواسطة حفر نفق يفضي الى الخارج، وجرت مشاورات عديدة مع قيادة الحزب ، وكانت في البدء تلاقي الرفض القاطع لعدم توفر الظرف المناسب والأمكانيات الفنية ، بيد إن الموافقة على حفر النفق قد حصلت بعد توافر الظرف والأمكانيات الفنية ، بيد أن الموافقة على حفر النفق قد حصلت أخيراً ، على أن تتم إحاطة الموضوع بدرجة عالية من السرية والكتمان .
في مطلع شهر آيار من سنة ألف وتسع مائة وسبع وستين شكلت لجنة من التنظيم الحزبي داخل السجن مكونة من نصيف الحجاج حسين سلطان صُبّي وحسين ياسين وحافظ رسن والشاعر مظفر النواب ولطيف الحمامي ، وجرى تشخيص العناصر الحزبية التي ستتولى عملية الحفر دون غيرهم ، وقد كلف لهذه المهمة حصراً كل من حميد غني جعفر ( الملقب جدو ) وعقيل عبدالكريم حبش وكمال كمالة وفاضل عباس ، وحدد مكان الحفر الذي تمت دراسته بشكل جيد وهوعبارة عن فتحة ملغاة في مجرى مائي سابق في بناية المستشفى السجنية السابقة ، حيث تحولت الى غرفة تستخدم لأغراض أخرى ، وكان السجناء يسمونها فيما بعد غرفة الصيدلية ، وجرى أستخدامها كمكتب لكتابة نشرة الأخبار اليومية . تم حساب المسافة الواجب حفرها من البداية وحتى نهاية سياج السجن المحاذي لكراج لوقوف سيارات الحمل ، حيث سيبدأ العمل بحفر حفرة تقدر بمترين عمقاً ثم الأنحراف أربعة عشر متراً يساراً حتى يصل النفق الى باحة الكراج . وجرى تهيئة مستلزمات الحفر وهي عبارة عن أدوات بسيطة لا تتجاوز الملاعق والسكاكين وأدوات حديدية صغيرة معمولة على شكل فؤوس لا تلفت النظر .
في نهاية آيار بدأ الحفارون عملهم بعد إن أحاطوه بالسرية التامة ، وكانوا يتفنون بالتخلص من تراب الحفر الذي أصبح معظلة كبيرة نظراً لكثرته ، وعادة ما كانوا يستغلون طيبة وكيل ممثل السجناء (كاظم فرهود فجر ) للحصول على بعض الحاجيات الضرورية التي كان يطلبها لهم من إدارة السجن لتوفيرها لهم .
توقف العمل بالحفر بعد منتصف شهر أيلول والذي أوشك على النهاية وذلك بسبب الأنشقاق الكبير في الحزب الشيوعي العراقي ، فأنقسم السجناء الى فريقين يؤيد كل فريق منهم جهة من جهات الأنشقاق ، وكادت المهمة أن تنكشف لولا تدخل ممثلين عن الفريقين والسيطرة على الموقف حيث مثل جماعة ( اللجنة المركزية ) كل من حسين سلطان وعبدالأمير سعيد ولطيف الحمامي وجميل منير ومحمد النهر وصاحب الحميري ، فيما مثل مجموعة ( القيادة المركزية ) فهي كل من الشاعر مظفر النواب وحسين ياسين وحافظ رسن وجاسم المطير ، ثم أستؤنف العمل بالحفر بعد الأتفاق المبرم بينهما ، وتم أستكماله من قبل مجموعة الحفر السابقة نفسها ، و عند الساعة السادسة مساءاً في اليوم السادس من شهر تشرين الأول الذي تزامن مع الأحتفال بالذكرى الخمسين لثورة أكتوبر الأشتراكية العظمى ، بدأت عملية هروب خمسة وأربعين سجيناً ألقي القبض على أربعة عشر منهم فيما بعد ، في حين مضى بقية السجناء الهاربين كل في أتجاهه لغرض الألتحاق بصفوف المناضلين الذين يعملون من أجل أسقاط الحكم الدكتاتوري وإقامة النظام الديمقراطي البديل ، وقد صدرت قائمة بأسماء المجموعة التي هربت من السجن وكانت كالآتي
1. جاسم محمد المطير / 20 سنة
2. حمادي عبدالله /20 سنة
3. حسين علي طراد /20 سنة
4. حسين ياسين /3 سنوات
5. عبدالعزيز الحامد / 20 سنة
6. عبدالجبار علي الجبير / 20 سنة
7. عبداللطيف حسن الحمامي / 20 سنة
8. عبدالأمير سعيد / 20 سنة
9. حسين سلطان صبي /9 سنوات
10. عبدالحميد غني جعفر / 20 سنة
11. عدنان إبراهيم / 20 سنة
12. رياض عبد الكريم حبش / 10 سنوات
13. عادل عباس زبالة / 7 سنوات
14. عبد الجبار مال الله /20 سنة
15. مظفر عبد المجيد النواب / 20 سنة
16. ريحان عبدالله / 15 سنة
17. نبيل حسين /15 سنة
18. غانم داود الموصلي / 5 سنوات
19. عدنان عبدالله سمعو /20 سنة
20. أسعد عبد العاقولي / 20 سنة
21. عقيل عبدالكريم حبش /10 سنوات
22. سعدان فهوي / 20 سنة
23. سعدالله ملا محمد / 12 سنة
24. جياد تركي / 20 سنة
25. كمال مدني / 11 سنة
26. محمد حسن حمدي / 10 سنوات
27. صدام حميد /20سنة
28. قحطان عارف / 27 سنة
29. محمد موسى كاظم / 5 سنوات
30. حز علي جاسم خلف / 20 سنة
31. بشير الزعرو / 20 سنة
32. صلاح حسن شاهين / 20 سنة
33. هادي صالح / 3 سنوات
34. محفوظ يونس / 20 سنة
35. جاسم حذو / 15 سنة
36. جواد عبدالله / 10 سنوات
37. عبدالواحد خلف / 20 سنة
38. حازم صابر / سنة واحدة
39. فاضل عباس / 17 سنة

وبذلك أصبحت حادثة نفق سجن الحلة واحدة من الصفحات المشرقة في سفر النضال البطولي لشعبنا في مواجهة الطغيان والدكتاتورية البغيضة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إحاطة الأونروا للعربية حول تفاقم مأساة أهالي غزة


.. مراسل العربية: القوات الإسرائيلية تطلق النيران على النازحين




.. نتنياهو يصف قرار اعتقاله بالفضيحة وتشريع أمريكي يهدد المحكمة


.. الأونروا تغلق مجمع مكاتبها في القدس بعد إضرام إسرائيليين الن




.. نزوح جديد في رفح وأطفال يتظاهرون للمطالبة بحقهم في التعليم