الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


9 نيسان 2003.. فاصلة بين الزمن المُرِ والأَمَرِ تعلن نهاية الاستبداد

أحمد الناجي

2008 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


مثلت رؤية التمثال البرونزي الضخم، وهو يتهاوى في ساحة الفردوس يوم 9 نيسان 2003، نهاية حقبة الاستبداد، وتجلت في ذلك المشهد الرمزي بداية الانعتاق من براثن القهر والتسلط والتخلص من كابوس جثم ردحاً من الزمن على الرقاب، عاث في البلد فساداً وتعسفاً، قتلاً وتشريداً، تلك هي نهاية المستبد والاستبداد البديهية، لقد كان ذلك المنظر قبل أيام معدودة من حصوله يعد ضرباً من الخيال وحلماً خرافياً، حاذر العراقي المرتهن وسط الوطن/القفص التفكير به مع الآخرين، ولكن شاء القدر أن يستحيل الحلم المدثر بين ليلة وضحاها الى حقيقة بفعل العامل الخارجي، طالما تمنى العراقيون أن يكون على أيديهم، ولكن...
حمل المشهد نوعاً من الفنتازيا النادرة التي تأسر المشاعر كلها في آن واحد، وتضعها في اتون المضحك المبكي، أية سخرية تلك التي حملت مفارقة لا تحتمل التوأمة، المقاربة بين الحرية والاحتلال، أي تمازج ذلك الذي وضع الذات الهائمة بين حزمة المشاعر المتناقضة والعصية على الفهم والإدراك، سعادة غامرة تمتزج مع غصة مؤرقة لا ينجدك تجاوزها كل ما تقاطر من أحاسيس الفرح التي انهالت في تلك اللحظة بغير حساب.
كان معظم العراقيين يدركون بأنهم ضحية مواجهة غير متكافئة، ولم يتأتى الموقف التلقائي الرافض للحرب العدوانية على بلدهم حباً بالدكتاتورية، بل لأنهم يدركون من خلال تجارب مضت أهوال وكوارث الحروب ونتائج رعونة من خاض غمار المنازلات العبثية، المتراجع دوما في الوقت الضائع بعد أول لذعة حمى من أوارها المشتعل دون الاكتراث لحجم التنازلات ولو كانت بأفدح الأثمان ما دام ظل هو مسمر على كرسيه الملعون، ذلك هو حدود نصره المزعوم، والعراقيون لا غيرهم في نهاية المطاف سيدفعون ثمن طيش النزوات.
هولت سرعة انهيار النظام من حجم المفاجأة وعمقت حالة الذهول الذي اعترت العالم أجمع بما فيهم المتابعين من محللين سياسيين وإعلاميين ومثقفين، ونزلت كالصاعقة على بعض الموهمين ممن لم يعرفوا شيئاً عن الهوة الشاسعة بين الشعب والنظام، ومدى عزلته التي أحيطت بهالة الأكاذيب التي زينتها أبواق الإعلام المدفوعة الثمن، فناموا في رغد الأوهام على تهريجات، يحلمون بالنصر المزعوم ولو في المنازلة على مشارف أسوار العاصمة.
نعم سقط النظام واحتلت بغداد دون مقاومة مؤثرة، ولكننا نحن غالبية العراقيين لم نشعر بالهزيمة، بل ونحسب أنفسنا ضحية صناعها، فقد كان الثمن غالياً، ونحن المعنيون بسداده اليوم أو مستقبلا، تلك هي الحقيقة التي لم يستطع أحد من غير العراقيين إدراكها، ولن يستطع مادامت مكابدات الحروب وأثارها المريرة لم تطاله، وسياط الاستبداد لم تصل الى جسده، ولم يأكل الخبز ممزوجاً بالرمل في زمن الحصار القاسي.
نعم ذلك ما يعمق مأساتنا ويجعل الإجابة على تساؤلاتنا رهينة في حدود النظرة القاصرة، كيف يمكن للآخرين أن يفهموا حقيقة الأحداث؟ وهي مغيبة عنهم عبر ماكنة الأعلام التي تدور برحى تضليل وتزيف الحقائق، زينت بالأمس القريب وجه نظام ديكتاتوري من أبشع الأنظمة التي عرفتها البشرية، مقابل أن تقضم ما يغدق عليها السلطان من عطايا وهبات تنوعت وصارت براميل نفط أخاذة للألباب، دفعها الشعب العراقي معاناة ومآسي في أقسى ظروف سنوات الحصار المريرة.
إزاء مكر التاريخ... لم يعد هناك بد سوى اجترار الألأم ومكابدة الزمن الأَمَرِ، فراح العراقيون ممن قلبهم على العراق وسط الأدخنة والخراب، يحتضنون الوطن المدمى، يشلون جراحاتهم، ويضمدون ما يمكنهم تضميده، صابرين على فقدان الأمن والأمان، عل وعسى تنجلي الغمة ولو بعد حين، يحدوهم الأمل بأعمار البلد، يمنون النفس في أجواء الحرية واستعادة قدرة التفكير، إنهاء الاحتلال تلك المكرمة السخية وآخر التركات التي شرعنتها الأمم المتحدة لاحقاً والتي صار يزايد بها الكثيرون من صناعها، ممن صمتوا وساعدوا وباركوا، أولئك الذين لا يعنيهم وقف نزيف الدم المتدفق من شعب لا يريد أن يبقى أسيراً للمستبد تحت طائلة الاستبداد الى الأبد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميناء غزة العائم يثير بوجوده المزيد من التساؤلات | الأخبار


.. نتنياهو واليمين يرفضون عودة السلطة إلى القطاع خوفا من قيام د




.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة ويزيد حدة التوتر في إسرائيل | #مر


.. دفن حيا وبقي 4 أيام في القبر.. شرطة #مولدوفا تنقذ رجلا مسنا




.. البنتاغون يعلن بدء تشغيل الرصيف البحري لنقل المساعدات إلى قط