الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اكتاف الفزاعة

سعدون محسن ضمد

2008 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


دعا زعيم تنظيم القاعدة، الى دعم "المجاهدين في العراق من اجل تحرير فلسطين" هذا هو العنوان الذي صدَّرت به الـ(BBC) خبرها الخاص بآخر تسجيل صوتي تبثه (الجزيرة) لإسامة بن لادن. العنوان ركز بشكل واضح على الدعوة لدعم أعمال العنف في العراق وتجاهل المواضيع الأخرى التي حفل بها التسجيل الصوتي. الأمر الذي يكشف عن مدى الجريمة التي يمكن أن يساهم بها الإعلام عندما يتعامل مع الأخبار التي ينقلها بدم بارد. إذ كان يمكن للـ(BBC) أن تصدّر الخبر بعنوان آخر كأن تقول: بن لادن يدعو لتحرير فلسطين ويؤكد: "إن أعداءنا لم يأخذوها من خلال المفاوضات والحوار ولكن بالنار والحديد وهذه هي الطريقة لاسترجاعها". ثم يمكن بعد ذلك العروج على تناوله لموضوعة العراق. عند ذاك يكون الخبر منسجماً مع مضمونه من جهة وبعيداً عن تهمة دعم الإرهاب، من جهة أخرى.. لكن..
على كل حال ما يهمني أكثر هو الكلام عن كيفية تلافي الكوارث التي يمكن أن يجرها التسجيل الصوتي ومجموعة العناوين التي روجت له. فكيف يجب أن نتعامل مع دعوة تهدف إلى إخماد حرائق تل ابيب وغزة والقدس بإشعال حرائق بغداد والنجف والرمادي؟
في الوهلة الأولى يمكن القول أن جعجعة بن لادن فارغة. فما دام يعد بتحرير فلسطين والعراق بالوقت نفسه فهذا يعني بأنه رجل لا يرسم استراتيجيته بالاستناد لإمكاناته فلا ابن لادن ولا غيره يستطيعون انجاح ستراتيجية بهذا القدر من الشمولية وتعد بمواجهة أكبر قوى (نووية) على سطح الأرض. وهذا الكلام معقول جداً. لكن المخيف بالموضوع ليس ستراتيجية ابن لادن بل استعداداته. وقابليته على التدمير ورغبة به تحوله الى سيل هائل من المواد المتفجرة الملقاة على طريق جميع من يرغبون باشعال الحرائق داخل العراق. هناك فرق بين أن ننظر لابن لادن باعتباره فاعلاً وبين أن ننظر له باعتباره أداة.
التمييز بين النظرتين مسؤولية أجهزة الأمن الوطني العراقية. فعلى هذه الأجهزة أن لا تكتفي بالبحث عن قنبلة ابن لادن الموقوتة، بل الأهم من ذلك هو قطع الطريق على جميع الأيدي التي تحاول الوصول لأزرار التحكم بها. ثم إن الدبلوماسية مهمة في هذا الإطار وأيضاً يجب تكثيف الجهود الأمنية والمخابراتية والاستخباراتية. فنـحن نعيش داخل جزيرة محاطة ببحر هائل من الأعداء. جميع الدول المحيطة بنا مهتمة بالإبقاء على شبح ابن لادن شاخصاً داخل حدودنا. إيران يمكن أن توفر له ممراً سهلاً يربط أفغانستان بالعراق، وسوريا والأردن والسعودية تهتم بتمويله بالمقاتلين العرب. وكل هذه الدول التي لا يجمعها إلا مصلحتها بإفشال التجربة العراقية مستعدة لدعمه بالمال والسلاح. من هذا المنطلق تصبح ستراتيجية تنظيم القاعدة معقولة، إذ لا يعود عبارة عن عصابة محاصرة بجبال تورا بورا (مثلاً) بل يتحول لمجموعة هائلة من الدول وأجهزة المخابرات وعصابات تهريب الأسلحة والجواسيس الممولة بأموال البترول والمراقد المقدسة. وعند ذلك يكون التحدي الذي يواجه الأمن الوطني العراقي بهذا القدر من الخطورة.
وهنا يجب علينا أن نطرح عدة أسئلة جوهرية منها:
هل نستطيع أن نركز جهود جميع الأجهزة المعنية بأمن العراق بدءاً من القوات المسلحة مروراً بالمخابرات والاستخبارات وانتهاء بوزارة الخارجية؟ وهل تمتلك هذه الأجهزة المرونة التي تمكنها من العمل المشترك؟ ثم هل أنها (الأجهزة) مدعومة بالكوادر الكفوءة التي تمكنها من أن تخوض حرباً بهذا القدر من الخطورة؟ أم أن المحاصصتين (الطائفية والحزبية) جعلت منها أشبه شيء بالفزاعة التي تمثل استراحة ضرورية لغربان الحقل؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان