الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوى اليسار والقيادة الاستراتيجية

مجيد محسن الغالبي

2008 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ان القيادة الاستراتيجية ينبغي ان تكون من بين ممكناتها القدرة على قراءة المستقبل ،واستشراق الفرص والتهديدات المحتملة في البئية الخارجية لان منحى النمو ،ان لم نقل التطور يعتمد ابتداءا على استثمار الفرصة ودرء التهديد اوتدنيته، وفي هذا الصدد فان هناك جانبان مهمان ينبغي ملاحظتهما باهتمام كبير:
اولا: المسؤولية التاريخية
ان المسؤولية التاريخية إزاء وجود المنظمة والتي تتمثل في ان أي انحراف ترتكتبه هذه القيادة يفضي الى أخطاء إستراتيجية ، لانها ناجمة عن رؤية استراتيجية وان هذه الاخطاء الاستراتيجية قد تقود الى فناء المنظمة عتدما تكون في اسوء الحالات ،او الى هدر الموارد في احسن الحالات وفي كلا الحالتين السيئة والحسنة فان الموارد البشرية التي تمثل اثمن الموارد في المنظمة سوف تتعرض الى الضرر، ففي الحالة التي يكون فيها الخطا الاستراتيجي جسيما فان المنظمة سوف تتحلل وتتم تصفيتها وتمثيلها في البيئة الخارجية ، وفي الحالة التي يكون فيها الخطا الاستراتيجي بسيطا فهذا يعني ان هناك هدرا في الموارد، وبالنتيجة تحول جزءا منها بما في ذلك الموارد البشرية للتمثيل من البيئة الخارجية سواء كانت السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او التكنولوجية ، ومن ثم توقف زمن المنظمة بسبب الهدر في الوقت الذي تتغير فيه البيئة بكل تقسيماتها وتنمو فيه المنظمات الاخرى، مما يعني تخلف المنظمة الذي يبدو جليا في الفجوة بين الاداء المتوقع وبين الفعلي من جهة، والفجوة بين اداء المنظمة واداء المنظمات الاخرى من جهة اخرى، واذا سلمنا ان السلوك الواعي هوانعكاس للمفاهيم بما فيها القيم والمعتقدات لانها تمثل الاطار المرجعي فان الثقافة بوجه عام، والثقافة المنظمية بوجه خاص هي الاساس في خلق الرؤية ومن ثم القدرة على قراءة المستقبل، أي ان الثقافة تمثل البناء التحتي الذي يبنى علية الاداء الاستراتيجي للقيادة واذا ماكانت الثقافة تفتقر الى الرصانة والأصالة، فان أي اداءاستراتيجي للقيادة سوف يفضي بالضرورة الى نتائج مضرة، واذا انصرفنا الى القيم والمعتقدات فان غياب اصالة القيم والمعتقدات يعني انها غريبة عن البيئة الخارجية، وبالتالي سوف تكون القدرة على قراءة المستقبل غير موفقة والرؤيا غير واضحة، وبقدر تعلق الامر بالوطنية، فان اية منظمة ذات صلة تعاني قيادتها الإستراتيجية من خلل الوطنية باعتبارها قيمة سامية ، سوف ترى الواقع ببصيرة ناقصة وسوف تقع معالجاتها للبيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية بالخطا الاستراتيجي الذي قد يؤدي الى تحلل المنظمة وتصفيتها تاريخيا اذا ماكان جسيما، او الى هدر الموارد اذا كان اقل من ذلك الا ان الاصالة لاتعني الانغلاق عن الفكر العالمي والنتائج الحضارية للانسانيةلانة لاوجود للثقافة النقية الا في مجتمع مغلق على ذاته تماما، وعندها سوف يكون محدود الثقافة ومتخلف عن ركب الإنسانية ففي عصر العولمة وتكامل الاسواق فان الثقافة النقية مفهوم غير حقيقي ولو من الناحية الميدانية .
ان المنظمة كوحدة اجتماعية هادفة جزءاساسي من مكونات البناء الاجتماعي، فاذا ما كانت حزبا وطنيا تقدميا او مرفق حيوي فان تحللها كليا او جزئيا بسبب الخطأ الاستراتيجي يعني خسارة كبيرة للمجتمع ،واتاحة فرصة غير متوقعة لقوى الضد والمنافسين للوثوب والاستحواذ على جزء من المصالح الحيوية وهبة غيرحقيقية لمفردة من مفردات القوة لمن لاستحقها.
ثانيا:القدرة على التغيير:
ان البيئة الخارجية وخصوصا في عصر العولمة وتلاشي الحدود الى حد ما وتقويض سلطة الدولة الوطنية فان ظاهرة اللاتاكد التام هي الاكثر سيادة فيها ،أي ان هناك قوى متسارعة الحدوث والتلاشي باحتمالية عالية بمعنى ان هناك قوى تغيير خارجية خارجة عن نطاق التحكم ، سواء كانت القوى الاقتصادية او التكنلوجية ...الخ فاذا كان من غير الممكن السباحة في النهر مرتين فانه من غير الممكن ايضا استخدام ذات الاسلوب مرتين لتقادمه الحتمي وبالتالي تخلفه كاداة للمعالجة، وكل هذا يقود الى القول ان التغيير هو سمة الحياة وان حياة المنظمة يجب ان تتصف بالتغيير وان رائدة التغيير هي القيادة الاستراتيجية ،وبحكم ان التغيير هو الاسلوب الفاعل للمواكبة مع البيئة الخارجية فانه يستلزم ان يتحقق داخليا اعتمادا على قوى التغيير الداخلية وبمعنى مبسط ،فان اساليب ادامة واستخدام ومزج الطاقة هي المدخل الاساس وهذا يستلزم تمكين القوى البشرية اولا باعتبارها اداة التغيير الحاسمة كونها المورد الواعي الوحيد وهو،
القادر اصلا على الابداع وان القيادة الاستراتيجية لاتستطيع تثوير هذا المورد بدون ثقافة شاملة ونعني بالثقافة الشاملة، هي الامكانيات الفكرية التي يمكن ان تكون اطارا مرجعيا لتفسير الحاضر وقراءة المستقبل قراءة صائبة لانتقاءالبديل المناسب ،وتاتي الثقافة المنظمية بصفتها معبر عن قيم ومبادىء افراد التنظيم ومؤثرة فيه واحدة من اهم مفردات الثقافة الشاملة ، اذ بدون الثقافة الشاملة لايمكن تشخيص القوى الدافعة للتغيير وقوى مقاومة التغيير.
بعدخمس سنوات من الاحتلال وارتفاع اسعار النفط وتصاعد وتائر التضخم العالمي وتصديره من الدول المتقدمة وغزو العولمة المتنامي، وبروزمراكز قوى فتية وتراجع قيمة الدولارالذيادى الى انخفاظ قيمة الودائع في البنوك العالمية،وتنامي الصناعاعت الاقليمية وشلل الصناعة العراقية بسبب التقادم التكنولوجي ، وجعل السوق العراقية امتداد لاسواق الدول الاقليمية وتنامي ظاهرة البطالة والتوجه نحو الخدمة الرديئة بسبب اخطار الادارة المتمثلة بالفساد المالي ومضاعفة اسعارالطاقة التي ادت الى توقف الزراعة تماما،وفقدان قدرة المشروعات على المنافسة ومحدودية الخبرات وهجرة اغلبها وتراجع دور المدرسة العراقية لقلة الكفاآت، وتقنين برامج التطوير الاكاديمي وغياب الوضوح في السياستين المالية والنقدية وعدم وجود منهاج استثماري حقيقي وتبني وبروزظاهرة الاسلام السياسي، وتنازع اطرافه على السلطة، وشيوع ثقافة الطائفة وسيادة اعراف القبيلة وتغييب المثقف الوطني وتردي الاوضاع المعاشية ، والدعوة الى تكريس سلطة الكيانات وتوفير الاغطية القانونية للتقسيم الاثني والطائفي والقائمة تطول، ولكن السؤال الكبير اذاكانت هذه المتغيرات تتطلب قيادة استراتيجة تتحمل مسوؤليتها التاريخية وتمتلك القدرة على التغيير فهل ان القوى العلمانية واليسارية قادرةعلى القيام بدورالقيادةالاستراتيجية؟
مجيد محسن الغالبي
العراق
9/4/2008










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف