الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤسسات حقوق الإنسان تصمت على جرائم الفساد في السلطة الفلسطينية!

عماد صلاح الدين

2008 / 4 / 12
حقوق الانسان


كحقوقي ومتابع للشأن العام على الساحة الفلسطينية ، فإنني لا أنكر بداية الدور الجيد الذي تلعبه مؤسسات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة بتوثيق الحالة" الانتهاكية" الشمولية من قبل الاحتلال "الإسرائيلي" ، ومن ثم القيام بفضح ممارسات هذه الحالة التي تقوم بها "إسرائيل" بشكل مخطط وممنهج ضد الشعب الفلسطيني . وهي كذلك أي (مؤسسات حقوق الإنسان) لها دور مواز أو مقابل في تسجيل واقع حقوق الإنسان الفلسطيني على صعيد الوضع الداخلي وتحديدا في العلاقة مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة .

لكن هذه المؤسسات التي تعني بقضايا حقوق الإنسان ، أراها أحيانا تغفل عن متابعة وتسجيل موقف تجاه موضوعات مهمة بل جوهرية تتعلق بصميم حقوق الإنسان الفلسطيني. سبق لي في مقال كان عنوانه : " الموقف الحقوقي المغيب عن تقييم واقع التجربة الديمقراطية الفلسطينية " أن أشرت إلى قصور حقوقي وقانوني من قبل هيئات وجمعيات حقوق الإنسان بشأن تسجيل الموقف الواضح مما جرى لتجربة انتخابات يناير كانون الثاني 2006 ، التي عملت أطراف عديدة محلية وإقليمية ودولية على محاصرتها و محاولة القضاء عليها ، علما أن هذه التجربة هي حق للفلسطينيين في الأراضي المحتلة . وما جاء بها من نتائج كان بإرادة وتصميم هؤلاء الناخبين الفلسطينيين ، الذين عبروا عن موقفهم بكل نزاهة ومصداقية شهدت لهم بها الأطراف والجهات المراقبة ،محليا وإقليميا ودوليا ،على سير عملية الانتخابات في تلك الفترة .
ومن المواقف التي يلمح المراقب فيها قصورا لمؤسسات حقوق الإنسان هنا في الأراضي المحتلة ، ما يتعلق بقضايا الفساد القديمة والجديدة التي تورطت و تتورط فيها أطراف فلسطينية رسمية تتولى مواقع ومراكز حساسة في السلطة الوطنية الفلسطينية . الأمر هنا يتعلق بمئات الملايين من دولارات الشعب الفلسطيني ، وهي أموال إنما رصدت في الأساس لمساعدة الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال في الجوانب الخدمية والصحية والاجتماعية وغيرها ، وبالتالي هي تقع في صميم الحقوق العامة والهامة لحياة الفلسطينيين ، وبذلك فان التلاعب بهذه الأموال أو تبذيرها أو سرقتها يعد أمرا خطيرا ، يفترض وفقا لما جاء في المواثيق الحقوقية الدولية والمحلية وفي أنظمة عمل مؤسسات حقوق الإنسان ، أن تكون في صميم تحركها وعملها ، لان هذه الأموال المغذية لاحتياجات مختلفة للناس ، يتوقف عليها مصير عشرات ومئات الآلاف على مستوى حياة وصحة واستقرار هؤلاء الفلسطينيين الذين هم في الأساس يعانون ظروفا صعبة وقاسية للغاية بسبب الاحتلال وأدواته القمعية و"الاعتدائية" المختلفة في الأراضي المحتلة عام 67 ، بشكل عام .
فضائح من الفساد الكبير على المستوى العام وعلى مستوى شخصيات يفترض أنها تقوم على رعاية وحماية حقوق أبناء شعبها ، تتالت الواحدة وراء الأخرى في الفترة الأخيرة ، حتى أن المراقب لما يجري في هذا الملف تخونه ذاكرته عن تعداد وذكر هذه الفضائح على مستوى الفساد العام المستشري . مرة نسمع ونقرأ وبالوثائق الرسمية عن آلاف الهواتف النقالة المهربة عبر الحدود مع الأردن إلى الضفة الغربية في سيارة تعود لرئيس المجلس التشريعي السابق والرئيس المؤقت للسلطة بعد وفاة عرفات ، والتي لا يعرف المرء لمصلحة من يتم تهريبها، أهي للشعب الفلسطيني أم لمن يا ترى ! ومرة تأتينا الأخبار والمعلومات عن ملايين محوّلة لحساب شخصية كبيرة في السلطة وتتولى موقع حساس في سياق العلاقة التفاوضية مع إسرائيل .وثالثة تتعلق بفساد مالي تورطت فيها شخصية تولت المسؤولية عن معابر قطاع غزة سابقا . ومرة أخيرة وليست آخرا بفساد يتعلق بمئات ملايين الدولارات للمستشار الاقتصادي للراحل عرفات، وقد رحل هو الآخر ، ولكن إلى عمان العاصمة الأردنية حيث ينوي إقامة مشروع سياحي ضخم في العقبة الأردنية .

ومما يثير الانتباه في قضايا الفساد هذه وغيرها مما لا يتسع المقام لسردها كلها ، انه رغم الأدلة الدامغة على تورط هذه الجهات بالفساد العام الخطير ، إلا أنها تخرج لتبرير فسادها بطريقة فاضحة تضيف بها دليلا آخر على إدانتها ، ليس هذا وحسب ، فالجهة التي من المفترض أن تلاحق هذا الفساد المستشري والخطير ، واقصد هنا بوضوح النيابة العامة الفلسطينية التي يترأسها السيد أحمد المغني ، هي الأخرى تتصرف بطريقة تجلب الشكوك بشأنها ، فالسيد احمد المغني النائب العام الفلسطيني استطاع أن يفصل في التحري والتحقيق والاستجواب في قضية المستشار الاقتصادي السابق لياسر عرفات خلال ساعات بسيطة بلقاء خالد سلام في عمان قبل اقل من أسبوعين . والقضية هنا تتعلق ب600 مليون دولا ، علما أن أي خلاف مالي مدني بسيط يأخذ من الجهة القضائية أسابيع أو ربما أشهر!!.

أمام هذه المعطيات المتعلقة بالفساد المالي العام في السلطة الفلسطينية ، والتي تمثل جزءا بسيطا بما لا يقاس من الفساد الكلي عبر سنوات عديدة من عمر السلطة الفلسطينية ، فإننا نسأل أين هي مؤسسات حقوق الإنسان في متابعة التأكد -على الأقل- من صحة أو عدم صحة معطيات الملفات الأخيرة ، خصوصا وأننا نتحدث عن أموال عمومية تتعلق بحقوق أساسية وخطيرة للشعب الفلسطيني ؟.

كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في الجمعية ا


.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان




.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و


.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان




.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن