الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الفئات الدنيا في الثورات الشعبية

جمال كريم

2008 / 4 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


عادة مايقود الثورات الشعبية في العالم وعبر تأريخ البشرية الطويل والمليء بالصراعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بسبب الازمات المختلفة التي تتفاقم خانقة هذا المجتمع أو ذاك، الفئات الاجتماعيةالمستلبة والمهضومة حقوقها، عن طريق الانتفاضة والثورة الشعبيتين على مستبدي السلطة ومحتكري الثروات العامة في الاغلب الاعم ، عن دور الفئات التي كانت أساسا في تلك الثورات ، صدر عن معهد الدراسات الاستراتيجية كاتب بعنوان "الفئات الدنيا في الثورات الشعبية ، فرنسا (1848) ايران (1891-1979) ، الكتاب من تاليف مارك تروغوت واحمد شرف وترجمة فاضل جتكر .
يتعرض في القسم الاول مارك تروغوت الى ما أسماه "الغوغاء في ثورة شباط /فبراير 1848 الفرنسية "حيث يتقصى من الصفحات الاولى ، انتفاضة الباريسيين على نظام لوي فيليب الملكي الدستوري ، مشيرا الى ان الازمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد قبل ثلاثة اعوام من الثورة قد مهدت القيام لها ، مؤكدا ان الغالبية العظمى من المتمردين –على حد تعبيرمارك- كانوا من المدينة باريس ، الذين لم يلقوا الاالقليل من المقاومة .
ويؤكد الكاتب على أن ايام شباط/فبراير ، لم ينلها من المؤرخين والاجتماعيين وعلى مدى عقدين الا الاهمال ، لكنه يقول بصدد انتفاضات أخرى :" فيما يخص كلا من الانتفاضات الثلاث الكبرى لباريس لباريس القرن التاسع عشر –تموز /يوليو 1831 ،حزيران /يونيو 1848 ن وأيار /مايو 1871 – ثمة على الاقل ، نوع من الصورة التخطيطية الموجزة لخفيلات المشاركين ونوع من التحليل الدقيق ، الى هذا الحد أو ذاك ، لجملة الاسباب الكامنة وراء اندلاع الانتفاضات في منعطفات معينة من مسيرة القرن التسع عشر " ، ثم يشير تروغوت ، الى مسالة الافتقار الى الوصف المنهجي للمشاركين في الثورة الذي بدوره يمكن تحديد السياق التأريخي والاجتماعي المؤثر في عملية التعبئة الثورية ، منوها الى سببين رئيسيين أديا بها الى الاهمال وهما : أولا أنها تزامنت مع ثورة حزيران /يوليو ، اضافة الى افراطها في الاحادية ، أما ثاني الاسباب فيكمن في افراز الانواع المرغوبة جدا من السجلات التأريخية .
ولم ينس المؤلف أن يذكر موضوعة تشكيل لجنة تعويض ومبادرة الحكومة الانتقالية المشكلة والتي كلفت بدراسة عرائض الناجين من الجرحى عن اولئك القتلى ، وبالتالي استجماع وثائق مهمة كان لها دور بارز" في اعادة هيكلة الصورة الشاملة والاجمالية للجذور الاجتماعية لمتمردي شباط /فبراير".ويشير الى نقاط ضعف أو قوة السجلات قائلا: لابد من الاشارة الى نقاط أو ضعف السجلات التي تركتها لجنة التعويض لها تاثير مباشر في الاستنتاجات التي اسوقها هنا . لعل الاهمية الاساسية للسجلات هي انها متوفرة .تبقى المصادر الارشيفية ذات العلاقة بباريس في ظل الجمهورية الثانية بالغة الندرة ،جزئيا لان السجلات البلدية كانت محفوظة في اوتيل دوفيل (فندق المدينة)، الذي احترق كاملا عام 1871 ."ثم يورد تروغوت أربعة جداول احصائية ، الاول يتعلق بالتوزيع العمري والعدي والنسبة المئوية لمتمردي شباط ، والثاني توزيعهم على القطاعات الاقتصادية وبخاصة في مدينة باريس ، فيذكر فيه ك الغذايات ، والبناء ،و الاثاث ، والنسيج ، والملابس ، والجلديات ، والعربات ....الخ، أما اثالث فتمثيل اقطاعي أيضا ذاكرا فيه موشر المشاركة ، ويخصص الجدول الرابع والاخير الى التوزع المهني ، فيأخذ ، النجارين والبنائين والخياطين وصناع الاحذية والاقفال ،والصاغة وعمال الطباعة ،وأصحاب المهن ،والطلاب ،والكتبة ،وأصحاب الدكاكين .
وينتهي القسم الاول بملحق لعرض كتاب الغوغاء في الثورة الفرنسية من تاليف جورج رودي .
أما القسم الثاني من الكتاب "تحالف البازارزالجامع في الثورات الايرانية" فان كاتبه أحمد شرف يتعرض في هذا البحث التحليلي التقصوي الى ما يمكن أن نسميه تحالفا طبقيا يمثله "البازار بما يحمل من دلالات اجتماعية واقتصادية "الرجوازيون الصغار" ودينيا يمثله الجامع برجاله المتدينين وما لهذا التحالف من دوربارز ومهم في صنع الثورات والانتفاضات في ايران حيث يعطي شريف في توطئته للبحث لمحة تاريخية لهذا التحالف الذي بدا مع نشاة الدولة العربية الاسلامية ، ثم ينتقل الباحث الى ذكر الاهداف الاستكشافية حول آلية تحالف البازار والجامع في حركات وثورات ايران في تاريخها السياسي الحديث ، يقول شريف: "ظل أهل البازار يشكلون القوة المحركة أو عنصرا ذا شأن من العناصر المكونة لجميع الحركات السياسية في التاريخ الايراني الحديث .فبدءا بثورة التنباك في 1891-1892 ومرورا بلاثورة الدستورية في 1906-1911،والحركة المعادية للجمهورية في 1924، وحركة تاميم النفط في 1950-1953، والانتفاضة في 1963 ، ،وأخيرا مكع الثورة الاسلامية 1977-1979 ،بقي هذا التحالف صامدا وتعزز بمرور الزمن " .
ثم يتقصى الباحث أسباب ودواعي قيام تلك الحركات والثورات ، مشددا على فاعلية واهمية التحالف الديني البازاري ، وواضعا اياه في مقدمة الاسباب " وتحت الضغوط التي مارسها تحالف اهل البزار ورجال الدين ،أقدم الشاه على الغاء امتياز التبغ .أدت هذه الحركة الناجحة الى تشجيع التجار ، وشكلت مقدمة للحركة الدستورية في 1906-1911 ". فيبدأ بثورة التنباك ، والثورة الدستورية ، وانتفاضة تموز 1952 وانقلاب 1953 والانتفاضة المدينية في عام 1963 ، لكنه يفرد الصفحات الاكثر في الحديث عن الثورات ، الى الثورة الاسلامية عام 1979 ، مبينا اسبابها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، لكنه يركز على الفئة التي كانت تمثل قطاعات واسعة من الانشطة التجارية والمهنية من خلال تحالفه مع الجامع ورجالاته من قادة الفكر الديني في ايران ، فضلا عن بعض الشرائح الاجتماعية الصغيرة الاخرى ،" كان اهل البازار ، مع رجال الدين والمثقفين الشباب ،يؤلفون الكتلة الرئيسية في مثلث تحالف 1977-1979 .فالبزرار والجامع كانا السلاح التنظيمي القوي بايدي رجال الدين الكفاحيين في مساعي التعبئة للثورة .والعديد من استراتيجيات الثورية وتكتيكاتها جرى التخطيط لها وتنفيذها من جانب أهل البزرار تحت اشراف حفنة من رجال الدين الكفاحيين ". بأختصار يعتمد الباحث في قراءته لهذا التاريخ السياسي لبلدعصفت به الكثير من الانتفاضات والحركات والثورات على رؤى تحليلة مشفوعة باحالات لمجموعة من المصادر والمراجع والصحف ، متوخيا في ذلك الدقة والامانة العلمية في التعامل مع أحداث ، ستكون بلا شك ، جزءا هاما من ذاكرة ايران السياسية الحديثة .


الكتاب :دور الفئات الدنيا في الثورات الشعبية
المؤلف: مارك تروغوت / أحمد شرف
عدد الصفحات: 92
ترجمة: فاضل جتكر
الطبعة الاولى 2007 بغداد-اربيل- بيروت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية