الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب (الرقيق) – ميندي نزار *

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2008 / 4 / 27
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


كتاب الرقيق هو رواية ذاتية في العبودية وبطلته ميندي نزار وصاحب صياغته الصحفي البريطاني المعروف دامين لويس حيث يتألف الكتاب من ثلاثمئة وخمسين صفحة روت السودانية ميندي رحلتها من العبودية الحالكة في الظلام إلى الحرية المليئة بالنور. وهذا الكتاب بالطبع، ليس موجهاً للقارئ العربي بل للغربي أو الأمريكي بالتحديد لأنه مؤلف باللغة الانكليزية وبالطبع فقد ترجم لبعض اللغات الاوروبية لِمَ احدثه من صدى بين النخب المثقفة ولأنه يأتي بمادة جديدة على القارئ وهو يقول على خلفيته " أن الرق الذي ظننتم أنه زال منذ قرن ونصف من الزمن مازال قائما حتى القرن العشرين" يمارسه العرب والمسلمين. هو رسالة بالغة الأهمية والخطورة بإستنتاج مبطن يقول أن هذه المجموعات البشرية هي غير أخلاقية وغير انسانية. ويحاول هذا الكتاب مثل غيره أن يظهر الفوارق في القيم بين المجتمع الاوروبي والمجتمعات العربية الاسلامية من إعطاء وجبة ساخنة من الادهاش والغرابة والصدمة لأنه طبعاً يتكلم عن قيم غربية أصبحت عادية عندهم مثل حقوق الانسان وحقوق الطفل والحرية الفردية. والكاتب يروم من خلال رواية قصة ميندي أن يظهر كل هذا التباين الغربي – الاسلامي والعمل على وضع وصياغة استنتاجات شتى لدى القارئ الغربي أو الامريكي، وهذا من خلال وقائع ترويها المعذبة ميندي.
تروي ميندي بأنها ولدت في جنوب السودان في منطقة النوبة عام 1984 وتلك المنطقة تتألف من قبائل افريقية سودانية حيث يتوفر فيها مجموعات من الصيادين والمزارعين ويمارس كما تروي الدين الاسلامي والوثنية بجانب بعضهما البعض دون كره أو تنافس. ودليل هذا التعايش كان قصة حصلت في النوبة وهي أن المنطقة واجهت جفاف هدد فيه حياة البشر والبهائم فذهب السكان إلى كاهن وثني وطلبوا منه أن يدعوا الآلهة كي تشفق على الناس وتنزل لهم المطر. وفعل الكاهن وصلى الناس وسمعت الآلهة النداء فأنزلت المطر. وهنا تسأل ميندي الطفلة أبوها كيف باستطاعة هذا الكاهن الوثني أن ينزل المطر فيجيب إجابة ذكية وافية وهي أن المطر نزل بأمر من الله والكاهن الوثني كان وسيلة.
في عام 1994 عندما كان عمرها 12 سنة هاجم مجموعة من "المجاهدين" العرب – ولا أدري لماذا تستعمل كلمة مجاهدين هنا - مخيم القبيلة وعاثوا فسادا وقتلا وحرقاً في البيوت والبشر بغية أسترقاق نساء وأطفال القبيلة. وكانت هي من نصيب رجل خمسيني أركبها علي الحصان وطار بها . وهنا تروي المأساة والعذابات في نداء ابوها لها في الغابة بحثأ عنها وهي تسمع ولا تستطيع الإجابة لأن الرجل يهددها ، ثم تشاهد القتلى والدم أمامها والحرائق التي أكلت معظم البيوت . وفي الطريق يغتصبها العربي أو البدوي وتقول كانت ثيابه ممزقة ورائحته نتنة ولحيته كثة قذرة. ثم تَأخد إلى الخرطوم وتباع هناك لعائلة سودانية ثرية لتعمل في خدمتها " هكذا استقبلت الحياة كطفلة تحت نير العبودية- ص 5). كان أسمها يعني في لغة النوبة الريم أو الغزالة . وتعود في ذاكرتها لتؤكد على مسألة ختان البنات وكم كانت مؤلمة إذ أنها تشير إلى هذه العادة وكأنها جزء من الشريعة إلاسلامية – وهذه المسألة تثير أيضاً مجموعات كبيرة من الغربيين المطالبين بحقوق الانسان على إيقاف الممارسات والطقوس الخطرة ضد المرأة المصرية والسودانية - .
ومن خلال حياتها الجديدة في بيت رباب السيدة حاولت عدة مرات أن تهرب وفشلت ، وتروي أيضا ضرب رباب لها بدون سبب وهذا الضرب المبرح كان دائم في بيت سيدتها العربية . وبعد ست سنوات من العبودية والظلم تقرر رباب السيدة إرسالها لأختها في لندن لتخدم هناك عند الأسرة التي كانت تقيم في بريطانية بصفة دبلوماسية حيث كان الزوج يعمل في السفارة السودانية.
وتقول بأنها شعرت في البداية بتحسن في المعاملة لكن بعد فترة ليست طويلة عاد الظلم لها ورغبت مرة كما تقول الموت على الحياة وهي تستعبد في لندن . ثم حاولت الهرب مرات عديدة وفشلت . وفي إحدى هذه المرات تعرفت على أحد السودانين الذين هربوها إلى مكان آمن ومن ثم حصلوا لها على اللجوء السياسي في بريطانية وهنا اتصلوا بالصحفي الانكليزي دامين لويس ليكتب قصتها وتكون دليلاًً يقدم إلى الهجرة وتثاب من خلاله الجنسية البريطانية .
ينتهي الكتاب بحرية ميندي وبالاتصال بأهلها وتطمينهم بأنها مازالت على قيد الحياة وقد اكتسبت حريتها المفقودة. وهنا أريد أن اتسآءل ، وبالطبع قد أكون مخطئاً ، لماذا لاتكون قصة ميندي كلها مفتعلة كي تحصل على اللجوء السياسي في بريطانية والاقامة هناك!
لكن من وجهة أخرى تواردت في الصحافة والمحطات التلفزيونية أخبار حول الرقيق في السودان وهي بمثابة شجب للعرب السودانين بأنهم مؤيدين للرق حيث تناقلت الصحف بأن هناك 14 الف انسان يعيش في العبودية في السودان وكلهم من الجنوب السوداني ، ولذلك عندما التقى جان قرنق – وهذا قبل موته بالرئيس السوداني عمر البشير – طلب منه أن يحرر كل هؤلاء المستعبدين ويطلق حريتهم.
القصة ليست فريدة بل هناك كتب مشابهة تبتغي الادهاش والصدمة من خلال المرويات وربما سنتناول كتاب آخر أحدث ذات الصدى أو أكثر في المرة القادمة.

من أجل قراءة الكتاب :
http://www.amazon.com/gp/reader/1586483188/ref=sib_dp_pop_fc?ie=UTF8&p=S001#reader-link

من أجل مشاهدة المقابلة :
http://www.youtube.com/watch?v=HD7dxp_h7B4

نيسان – 11 - 2008
* ............Slave: My true story- by Mende Nazar and Damien Lewis NY – 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما حقيقة هبوط طائرات عسكرية روسية بمطار جربة التونسية؟


.. ليبيا: ما سبب الاشتباكات التي شهدتها مدينة الزاوية مؤخرا؟




.. ما أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت وفاة الرئيس الإيراني؟ •


.. نتنياهو: المقارنة بين إسرائيل الديمقراطية وحماس تشويه كامل ل




.. تداعيات مقتل الرئيس الإيراني على المستويين الداخلي والدولي |