الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدخل الأمريكي والاستعصاء العربي

عمار ديوب

2008 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


حين سقط النظام الشمولي في العراق .هلّل قسم من المعارضة العربية والسورية خاصةً.وسند وبرّر هذه الطريقة في السقوط بعض المثقفين.بأن الاستبداد يغلق الأفق ويعدم التناقض ويسكّن الحركة ويدخل البلاد والعباد في استعصاء لا حل له ولا شفاء منه والاستعمار هو هو فقط ،طريق الحل والحق؟! وبالتالي لا حل للاستبداد إلا بالاستعمار وكلاهما برأيهم من طينة واحدة! وإذا كان ذلك كذلك ،فلماذا لا نصبح جنوداً مع الاستعمار ونقضي على الاستبداد الذي أذاقنا ما أذاقنا!! وهي نفس نظرية القوى العراقية التي قادت الدبابة والطائرة الأمريكية.وبواسطة همة الشباب المكافح! تمّ استعمار العراق.
وقد نجحوا في إسقاط الاستبداد"القومي"وأتوا للعراقيين بالحرية والديمقراطية أقصد أتو باستبدادات "طائفية ومذهبية وإثنية وإقليمية وشوارعية".
الآن وبعد خمس سنوات ،صدام سقط وبوش ربح ولكن أيضاً لا صدام سقط ولا بوش ربح.والعراق فقط في دائرة التلاشي.هذا العراق الذي سقط حينذاك ولا يزال وأفرح قلوب معارضين يائسين ومنهارين سقط فيه حتى الآن أكثر من مليون وستمائة ألف إنسان واسميهم شهداء بسبب الاستعمار والاستبدادات التي أفلتها وكذلك بسبب"تنظيم القاعدة "التي أهداها بوش وجيشه لشعب العراق إمعاناً في تقتيله وتدميره إلى عقود وربما لقرنٍ قادم.
الذين وقفوا إلى جانب الاحتلال وكانوا قبل ذلك ناقدين جديين وحصينين للاستبداد وهو دون شك كان يجتث الحي والأخضر وذوي الروح. خطيئتهم الكبرى أنهم أصبحوا عناصر في جيش الاحتلال؛ الذي بدوره يلغي نفس الأشياء وبعهر لا محدود كما يجري وجرى في العراق.هؤلاء لا ينفكوا يكرروا اللازمة نفسها.فالشعب برأيهم غير قادر على حسم المعركة ولا بد من مجيء الاستعمار.نقول لهؤلاء أن الشعب بدأ حركة واسعة تمتد من المغرب إلى مصر إلى الأردن إلى اليمن إلى دول أخرى إلى العراق وهو يطلّ علينا كل يوم بإضراب واحتجاج أو تظاهرة وغداّ سيكون هناك عصيان مدني في إحدى الدول العربية.وهناك تنظيمات جديدة تحاول أن تؤسس نفسها وتتلمس مع الشعب والنقابات طريق الحرية والخبز والخبز والحرية على حد قول النقابي السوري الهام بدر الدين شنن.إن حراك الشعب يطوي النظرية المؤيدة للاستعمار ويحدد ويشق طريقه بعيداً عن ثنائية الاستعمار والشمولية.بل إنه أصبح يعرف طريق الخلاص ويدرّب نفسه نحوه بدمائه ومن كيسه وليس من كيس السياسيين البائسين ومكاسبه لا تنفك تتكرس رغم كل الأزمات العميقة .نعم إن هذا الحراك المشتد في أصقاع العالم العربي في السنوات الخمس يُبطل أية قيمة لمعارضة عينها نحو المشروع الأمريكي.ويقلع أقدامها من الاصطفاف الداخلي .إن تحركات الشعب تنبه الساسة الذين لا يزالون يقيسون الأمور بالعقل قبل المصلحة وبالعقل والمصلحة معاً أن التغيير الذي سيتم بواسطة الاستعمار سيكون له فقط وحال العراق أكثر من جرح نازف والتغيير الذي يتم بواسطة قوى الشعب سيكون له فقط كذلك.
الأنظمة التي لم تسقط وعمّرت بالحكم منذ عقودٍ وعقود.هي بقيت كذلك لان أزماتها كانت ما تزال تحلّ؟وتجد لها مخارج ،تديم التناقض وتمنع تفجره .فقد كان التناقض محلولاً ولم يكن استعصاءاً لا يُحل.أو لا حلّ له إلا بالاستعمار.حلوله كانت ليست بالشمولية العارية فقط، بل وكذلك بطرق اقتصادية واجتماعية وغير ذلك.إلا أن تلك الحلول التي كانت تؤمن السكينة والاستقرار وتقمع الحركات السياسية المناهضة للديكتاتورية وتحصر عملها في مجالات محددة وتديم الديكتاتورية والشمولية لم تعد ممكنة في العقد الأخير.فالأزمة الاقتصادية فجرتها تلك الشموليات نفسها ،فهي لم تعد فقط شمولية بل أصبحت طبقات جديدة ولا يكفي هنا مفهوم الفساد الذي استهلك بما فيه الكفاية لتحليل الأزمة التي تركن فيها البرجوازيات العربية.وبالتالي أصبح لها مشروع جديد هو هو الليبرالية الاقتصادية وهو بالضبط ما فجر التناقضات .وقد غلبت مصر السادات ومبارك العالم العربي في الليبرالية.وعالمنا العربي والعالم برمته ينحو ذاك الطريق المميت.ولذلك نجد أن الأزمة الاقتصادية تتعمق وتتفجر فقراً وجوعاً ونقصاً في الخدمات والعمل والتعليم والمياه والسكن والكهرباء والنفط والخبز والقمح والأرز.وهذا ما مهّد للازمة الاجتماعية بالتصاعد والانطلاق في عموم العالم العربي والعالم ،حيث التظاهرات والاحتجاجات والحركات السياسية المعارضة اليسارية وقد بدأت هذه الحركات بالتحدي والخروج على السكينة والقتال في الشوارع ،إنه الصراع الاجتماعي نتيجة التمايز الاجتماعي؛الذي ما ينفك يتصاعد دون توقف.لهذا نقول:إن أزمة البرجوازيات العربية وصلت حدود بداية الحل ولكنها ستنتظر زمناً أخر كي تتبلور فيه حركات وأحزاب وقوى يسارية وعلمانية وشبابية ونسائية وعمالية وحقوقية تدافع عن مصالحها وحقوقها ضد الاستعمار والشمولية.
إذن ولا محالة ستسقط أنظمة جديدة،وإن سقطت بيد قوى الشعب ستجد لها دولةً جديدةً تعفيها من هول الكارثة العراقية ولكنها إن لم تسقط بفعل قوى يسارية[استوعبت قيم الحداثة الليبرالية والاشتراكية معاً] لا بفعل قوى ليبرالية أو ديمقراطية سيكون الداخل العربي معرض لاستبدادات جديدة كالطائفية والعشائرية والمافيات.هذه مشكلة كبيرة لا يعي خطورتها المشروع الليبرالي العربي ويعمل لأجلها المشروع الطائفي الأصولي ولا يزال المشروع القومي العربي(الماركسي والقومي)ساهٍ عنها وغارق في تهويمات عمومية دون تبصر ونقد عميق لإشكالياته،أو تطوير لمشروعه في عموم العالم العربي.
إذن العالم العربي قابل للتغيير داخلياً وكل أوهام التغيير الخارجي،أحلام مثقفين وسياسيين بأسين وضيقي الأفق وغير قادرين على إنتاج سياسة جديدة دون عون خارجي.وهم ينتظرون ذاك العون بفارغ الصبر كي يكونوا الحكام الجدد.إنهم ليسوا أكثر من استبداد جديد ينصب نفسه سلفاً مكان الشعب ودون استفتائه. وكأن ذلك الشعب قطيع من النعاج؛ الذي يجب سوّقه دائماً وهم هم الرعاة للرعايا فهم يعرفون الطريق والمنزل ومكان الغذاء؟!
وسلطتهم المرغوبة لا بد أن تكون ديمقراطية! وليبرالية! وليست علمانية! وليست حتماً اشتراكية !أو حتى قومية!أي ستكون سلطتهم على شاكلة السلطة العراقية أو الفلسطينية أو المصرية المباركية؟!!
هكذا،وبعد أن شرحنّا قليلاً كيف ستسقط هذا الأنظمة وبينّا تهافت نظرية التغيير الاستعماري،فإننا نضيف أن المغيّيرين الاستعماريين لا يزالوا يورطوا أنفسهم في ذات النظرية حيث وبعد موافقتهم على ذلك التغيير فإنهم لا بد أن يقفوا إلى جانبه من جديد.وذلك لأن أن فلول الاستبداد تبدي المقاومة والممانعة والعرقلة والديمقراطية لم تتوطّد وبالتالي وكي تتعزز الديمقراطية وحقوق الإنسان لا بد من الموافقة على دعم الاستعمار والاحتلال وتحويله إلى قوات صديقة وعقد اتفاقيات جديدة معه تشيد وتعيد الاستقلال أو الندية أو الكرامة للعراقيين!! وهو ما أشار أليه جلال طالباني(اقرأ ما كتب عنه سعدي يوسف)والمالكي ورهط من مغيّيري الاستعمار كي يدوم الاستعمار وتدوم الديمقراطية!!العراقية.عاشت تلك الديمقراطية النبيلة!!.
إن نظرية الاستعمار المحرّر والمحبّب تخلق قابلية دائمة لتقبل الاستعمار وقد يسند هؤلاء رؤيتهم الساذجة بان الأمريكان موجودين في كل مكان،وفي ألمانيا وفي اليابان الخ وكأن الجيش الأمريكي هناك يلعب بالحكومات الألمانية واليابانية!!نقول هنا:لقد أمعن هؤلاء كثيراً في إذلال الشعب العراقي والعربي وفي تقزيم إمكانياته في الانتصار للديمقراطية والتحرر من الاستعمار والاستبداد ولا يزالوا يعيثون فسادا وقتلاً ودماراً بالعراق ويكملون مسيرة القائد الشمولي صدام وأمثاله من الشموليين.
ستسقط الأنظمة العربية والبرجوازيات العربية بفعل تراكمات وتفاعلات الأزمات الداخلية التي بدأت تُبرز قوى جديدة تتلمس طريقها نحو ثلاث قضايا كما حال حركة كفاية المصرية تقريباً:
-رفض الاستبداد والشمولية وانتهاك الحريات والعمل من أجل الديمقراطية وفصل السلطات وإقرار دستور مدني علماني وفصل الدين عن الدولة والسياسة.
-رفض الاستعمار واعتباره مسئولاً عن جرائم الكيان الصهيوني باعتبار الأخير جزءاً منه والواقعة على الشعب الفلسطيني وفي تدمير العراق وشريك أساسي للشمولية العربية في إذلال الشعب العربي.
-التأكيد أن التغيير لا يتم إلا بالحركات السياسية العربية ذات الطبيعة اليسارية:الديمقراطية والعلمانية،والاشتراكية،والحقوقية.وبالتالي هو تغيير يستند إلى فقراء العالم العربي وكل من يتحالف معهم في هذا المشروع.
أخيراً نؤكد:أنه لن نعدم وجود استمرارية معارضات أمريكية،وستكون متحالفة مع الشيطان من أجل الوصول إلى السلطة ولن تختلف برامجها عن برامج الأنظمة القائمة في الاقتصاد والاجتماع والسياسة وربما باستثناء –ولست متأكد من ذلك بعد تجربة مصر والعراق وفلسطين ولبنان-وجود بعض الحريات العامة.ولكن ومن ناحية أخرى سيشهد العالم العربي احتجاجات شعبية عارمة ورافضة للاستعمار والشمولية وستكون ذات طبيعة يسارية بامتياز.وهذا بالضبط المعوّل عليه في التغيير العربي ولكن سيكون أمامها عقبات وعقبات وأشرنا لبعضها وبالتالي عليها مواجهتها والتصدي لها وكذلك تغيير آليات عملها بما يحوّلها قوى يسارية ديمقراطية علمانية واشتراكية وقومية ووطنية وشعبية بامتياز.
فهل بعد مظاهرات واحتجاجات مصر والمغرب واليمن والأردن ولبنان وفلسطين بدأ مشروع العرب القومي الديمقراطي النهضوي بالاستئناف والتحقق.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث تحطم مروحية | ا


.. الضفة الغربية تشتعل.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائي




.. هل ستتمكن إيران من ملئ الفراغ الرئاسي ؟ وما هي توجهاتها بعد


.. إل جي إلكترونيكس تطلق حملة Life’s Good لتقديم أجهزة عصرية في




.. ما -إعلان نيروبي-؟ وهل يحل أزمة السودان؟