الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملامح غير مكتملة

ثائر زكي الزعزوع

2008 / 4 / 14
كتابات ساخرة


فشل اليسار، صار أعرج وأعور وبه لوثة، منذ أن تأبط ذراع الحصّاد الأميركي الشرس للدماء وسار معه تحت قبة البرلمان، ونبح مثله: "من ليس معي فهو ضدي". ثم صلى وصام وقام الليل، حتى صار يساراً يسارياً لا يدري أية وجهة عليه أن يسلكها كي يصل إلى اليسار ومع كل هذا فهو لم يكفّ لحظة عن شتم الإمبريالية والغوغاء الحاملين لغة استعمارية والقادمين من وراء المحيطات لترسيخ ثقافة ديمقراطية استعمارية... فشل اليسار.
وأما اليمين فصار يميناً جداً، لا يفرق بين يده اليمنى وبين يده اليسرى، ولا يدري أينام على جنبه الأيمن أم على جنبه الأيسر، واستطاع لكثرة يمينيته أن ينزوي في اليمين نفسه حتى أدمنه اليمين، ولم يعد قادراً على الإصغاء سوى عبر أذنه اليمنى، فإذا حدثته حديثاً وأنت تجلس إلى يساره هدر دمك، وقذفك إلى بحر لا آخرة له من التكافير التكفيرية المكفرة التي ما أنزل الله بها من سلطان...
فشل اليسار، حتى صرت وإن تحدثت عن جريدة ما يمينياً، وإن قلت إنك تحب فلاناً يمينياً، وأما إن رفرفت بجناحي يمامة إلى دول النفط فإن يساريتك الثورية تزداد رسوخاً، وتصير يسارية لا حدود لها، يسارية تنحو منحى ثورياً وتزداد إيماناً بأن لحية فلاديمير إيليتش لينين توازي بثوريتها لحية الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود الرابض على القيم الثورية والداعي للاعتدال الثوري في زمن الانجراف اليميني، حيث يصير السيد بعمامته راعياً للفكر الثوري...
تفقد بوصلتك وتخربش على الجدران باحثاً عن تفاصيلك، عن أشيائك الحميمة عن ذكرياتك حين كانت صورة أرنستو تشي جيفارا تزين جدار غرفتك المطلة من قاسيون على دمشق.
تداعب يساراً كان يعني في أحسن حالاته زجاجة نبيذ وشفتي أنثى ثورية مثلك، قررتما كلاكما أن تطأا المجتمع كله بثوريتكما الجارفة، واتحدتما تحت سقف ينزّ ماء وذكريات، جعلتما الغرف المغلقة على رفاقكما الثوريين تتسع لتشملكما في لحظة عشق صوفية... ثم فجأة تغيرت التفاصيل فتلك المرأة التي كانت فيما مضى تفيض شعاراتٍ صارت "قبيسيةً" ترجمك بنظرات تكفير لا آخرة لها، وصرت لكثرة علاقتك بالسماء أشبه بطائر سماوي.
والآن حين تعيد ترتيب تفاصيلك تجدك يمينياً، وتحار في يساريتك القادرة كل مرة على التقاطك من ذاتك، وحين تعيد ترتيب ملامحك الثورية تجدك يسارياً قادراً بكل بساطة على السخرية من الثورة القابعة تحت عمامة الإمام وبين شعيرات لحيته الضاربة عميقاً في كل انتماءاتك وكل خياراتك...
والآن تجدك وحيداً معلقاً بين يمين ويسار... وبين يسار ويمين
وتبتهل لسماء زرقاء موشاة بالأحمر...
يالهذا الدم
وتبتهل لسماء موشاة بالصورايخ العابرة للقارات...
أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك
ليتقدس اسمك
ولتكن مشيئتك في الأرض كما في السماء
دعني أسألك: لماذا ما زلت جالساً هناك في السماوات
ولماذا تتركنا هنا على الأرض؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟