الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤولية المثقف

صابر الفيتوري

2008 / 4 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


دون خوض في جدليات لا مبرر لها في تعريف المثقف،باعتبار انه بحكم القدم صار من المفاهيم والاصطلاحات الراسخة ،الذي تكنى به شريحة معينة،اثبت وجودها،وجوهر كيانها داخل المجتمع ،وبات مصطلحا حتمي الوجود ،ومحط إجماع معرفي، بأنه الشخص الذي يختزل إطلاعه على ثقافة محيطه والثقافات الأبعد وفق قدرة على القراءة والتحليل الدقيقة لما يعترض سير واقعه ،مبلورا ذلك في ذاته الفاعلة،ما يجعله محاط بوقار الإلمام المعرفي،الذي يؤهله للقيام بدور ما،يصنع رفاهية لا تخدم صالحه الذاتي ، إنما تتعدى ذلك، إلى تسخيرها لإحداث نوع من التأثير على سير الحياة في عمومها ،وفي شتى مناحيها ، لكن من المسلم به ان ليس كل مثقف له هذه المقدرة المطلوبة،التي هي في قمة أدواره ،فثمة من يعتكف عن أداة أي دور بسلبية تامة،تجعل منه مثقفا واهيا، احتجاجيا للاحتجاج ، مختلفا للاختلاف، أو تبريريا متشائم ، لمحاولة إصباغ المخاوف على كل أفعاله ، فتارة يتحجج بان السلطة تكبحه وتقصيه عن ممارسه دوره، وتارة يرمي بمبررات انهزامية أخرى،كأن يكون الإنسان غير مؤهل لتقبل أرائه السديدة ! وانه يحتاج لمن هو في مستواه المعرفي والذهني ،لكي يستطيع التواصل معه ..
وهنا يبرز سؤال هل المثقف أو الكاتب أو الفنان عليه ان ينزل بخطابه إلى الجمهور أو ان العكس هو ما يجب ان يحصل و تكون الجماهير هي من يتوجب عليها الارتقاء لاطروحاته الفكرية ؟
سؤال إجابته تظل تحمل في طياتها وجهة نظر كل مثقف بمعزل عن الآخر ،ولكي تكون الإجابة شافية، لابد من دراسة الأفكار، بما تتناسب مع ما يخدم الإنسان في الارتقاء ولو في صياغات غير مبهرة، أو حتى مبتذله، على سبيل المثال، إذا كانت بعض الأغاني الراقصة، أو ( الشعبية ) أو الكتابات سهلة الصياغة ،تجد القبول فلا مناص ،من اعتمادها من اجل ان يقدم فيها المثقف رؤاه المعرفية "الداعية" ،ممارسا دوره من منطلق المسؤولية المناطة به ..
فالمسؤولية والإحساس بها من أهم العوامل التي تجعل المثقف أمام محك طبيعي ، لمعرفة ما الذي من واجبه القيام به، بحيث يكون مساعداً في التغلب على أزمات المجتمع بعيدا عن التسويف والتهويل ،وهو بذلك طوق نجاة من الكثير من الإشكاليات العصية، وهنا يظهر دوره في توظف وتسخير إمكانياته الفردية للصالح العام، وتتضح أحقيته وجدارته في حمل صفة المثقف ..
فمن باب أولى ان يمارس المثقف دوره باعتبار انه مسئول عن وضع مفاهيم جديدة لتغيير المجتمعات ،وإصلاحها والوقوف بمنعة،في وجهة الاهتراء الثقافي ..
مجندا نفسه وكافة إمكانياته المعرفية، ليكون في طليعة الصفوف ،محاربا باسلا، فلا تقع مسؤولية انحدار الثقافة ،سوى على المثقف بالدرجة الأولى .
بحيث يتجلى دوره الأول في تحمله مسؤولياته في مواجهة الأزمات الثقافية ،محاولا الحد منها قدر الامكان، فان تغلب عليها، يكون ذلك غاية المنى ،وان حاول وفشل ،فيكفيه شرف المحاولة ،وعموما الفشل هنا نسبته بسيطة جدا ،فيكفي المثقف التأثير الايجابي في اقل عدد ممكن خدمة للوطن ولصالح الإنسان أينما كان ..
ومهما كانت القوى ،التي تشد إلى الخلف، فهو الأقوى، لأنه يحمل سلاح الحق وهو أقوى الأسلحة، وأكثرها نجاعة، ونجاحا ،وبه يتمكن من التمترس في وجه الظلم ،العبودية ،الفقر ،المرض والتخلف وغيرها ، مما يذل البشرية ويحط من قدرها..
هذا الدور الاجتماعي ،المنبثق من المسؤولية ،يرمي على كاهل المثقف ،رسالة ترتقي إلى مصاف رسالات الرسل والأنبياء، كنتيجة لثقل المهمة ،وعظمتها ،فهو أي المثقف يحمل على عاتقه، هما ساميا نبيلا ،يستحق من اجله بدل كل الجهود الممكنة ،كي يقتدي به الناس ويستشعرون جسامة هذه المسؤولية ،اخذين خطابه ، المعرفي ،العقلاني على محمل الجد، ومقتدين بنهجه، فدوره يتعدى، كونه عارفا ومتبصر فقط إلى ممارسة هذه المعرفة ، فيكون داعية ليس في المفهوم الديني للكلمة، إنما لمفهومها الدنيوي أي ان يبشر بقيم و أخلاق هدفها نفع الناس ،كما ان إيمانه ومناصرته،لقضايا وطنه وأمته ،سبيلا يعمق محبته في النفوس ،فلا تكون هناك صعوبة في الاستجابة له ،لان حينها يصبح من المسلمات إتاحة الفرصة لصاحب المسؤولية لأداة عمله و تهيئة المناخ الملائم له ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها