الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


33 عاماً على ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية

عماد الدين رائف

2008 / 4 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


ثلاثة وثلاثون عاماً مرت على حادثة "البوسطة" في محلة عين الرمانة في بيروت. تلك الحادثة التي اعتبرت بداية الحرب الأهلية اللبنانية في 13 نيسان/ أبريل 1975، ماتزال راسخة في أذهان الذين عايشوها، حيث قدر لهم أن يروا بأم أعينهم كيف انهار وطنهم الصغير، ذو الصيغة الديمقراطية الفريدة، ووقع في مستنقع حرب دامية، "بدأت عادلة وحتمية كما تراءى لفريقين متناحرين، وانتهت لعبة شطرنج يحرك أحجارها فرقاء إقليميون ودوليون، حرب قذرة جعلتنا أعداء أنفسنا.. ولمّا تنته بعد"، كما يرى أبو ريمون، 73 عاماً، وهو مواطن لبناني ما زال يؤمن بوطنه وانتمائه إليه، على الرغم من أن الحرب سلبته أعزّ ما لديه من "ولد وزوجة وأم حنون". يتابع "أعتقد أن المشكلة في النظام نفسه، فهو يقدر أن يولد حروباً كلما أراد الساسة ذلك، ولا أقصد سياسيينا، فهم أحجار شطرنج لا حول لهم ولا قوة، ساحتنا مفتوحة بحمد الله لكل من يريد اللعب".

بورصة الدم
كانت كلفة سبعة عشر عاماً من التقاتل المتنقل بين كل المحاور والساحات اللبنانية باهظة جداً على شعب لا يتعدى تعداد سكانه عتبة الملايين الأربعة، فبلغ عدد القتلى من المدنيين 150 الفاً، وعدد الجرحى نصف مليون، فيما صاحبت منهم إعاقة دائمة حوالي 14 ألفاً، أما عن المهاجرين فوصل عددهم إلى مليون، فيما طالت موجة التهجير الداخلي عدداً أكبر، وتبقى قضية المخطوفين عالقة حتى يومنا هذا، حيث يعتصم عدد من أهالي المفقودين والخطوفين في السجون الإسرائيلية والسورية على بعد أمتار من مبنى الاسكوا، أو بيت الأمم المتحدة في لبنان، مطالبين بعودة أبنائهم وذويهم؛ "فقد كان الخطف والاحتجاز والتعذيب على رأس الهواجس التي رافقت حياة اللبنانيين اليومية بين خطوط التماس في العاصمة التي كانت منقسمة على نفسها إلى شرقية وغربية". يعترض أبو أحمد على الأرقام، يقول: "هناك إحصاءات أخرى أكثر تشاؤماً"، "لكنها كلها سواء أمام بورصة الدم التي كانت سائدة طيلة سبعة عشر ربيعاً نيسانياً انتهت بتوقيع وثيقة الوفاق الوطني، أو اتفاق الطائف في العربية السعودية، لتطوى صفحة دموية أخرى" من تاريخ هذه الصيغة الفريدة المسماة بالديمقراطية التوافقية، كما تعتقد أم ربيع، التي فقدت ربيعها واثنين من إخوته على أحد الحواجز الطائفية.. وما زالت تنتظر من يطرق بابها حاملاً خبراً ما.

"كلنا للوطن"
"فقدت أهلي في الحرب"، فقدت أمي"، "استشهد أخي وائل"، "تهدم بيتنا بقذيفة مورتر 120"، "أصاب قناص أختي الصغرى برأسها وفراقت الحياة بعد يومين من المعاناة"، "الله لا يوفقهم.. قتلوا زوجي"... تمر المدينة في يوم غير عادي على الرغم من كونه يوم الأحد، يوم عطلة اللبنانيين. تستيقظ مشاعرهم كلها. يحاولون "رفض كل ما يتعلق بالحرب القذرة التي كانوا ضحيتها الأولى كمدنيين لم يحملوا سلاحاً، أو كمقاتلين غرر بهم، وقيل لهم أن عدوهم هو اللبناني الآخر"، يحملون أعلامهم اللبنانية الموحدة لهم ينطلقون من تقاطع كنيسة مار مخايل ، الذي شهد آخر جولات الجنون قبل أشهر، وكادت تلك الجولة أن تودي بما تبقى من سلم أهلي. تنطلق مسيرة المجتمع المدني اللبناني لتذكر بكل نقطة دم سالت على طول طريق مار مخايل الطيونة، "خط التماس الذي شهد أعتى المعارك بين أشاوس الماضي، وما يزال يشهد بين الفترة والأخرى مناوشات بين أوباش اليوم"، كما تعبّر أمينة، 52 عاماً، وهي تبكي أخاها الشهيد، يبدو أخوها في الصورة القديمة التي تحملها مبتسماً لغد لم يحظ برؤيته.
"كلنا للوطن.. للعلى للعلم"، مطلع النشيد الوطني اللبناني، يردده الصغار الذين لم يشهدو تلك الحرب القذرة. تمر مسيرة "لا ثمانية ولا أربعة عشر"، أمام مسرح جريمة 13 نيسان 1975، أمام خطوط التماس الأخرى إلى الأسلاك الشائكة التي ما زالت تحيط بالسرايا الحكومي، يمر معها أولئك الذين فقدوا أطرافهم، فتركت لهم الحرب إعاقات تذكرهم بها أكثر من غيرهم، على العكازات والكراسي المدولبة محذرين من "نتيجة أي حرب أهلية قد يخيل لبعض اللبنانيين أنها ستكون مفيدة لهم" أو كما يقول المثل اللبناني "ما متت ما شفت مين مات"، "يتعب الأطفال، يتعب الكبار.. لكن السياسيين لا يتعبون من إرسال أولادنا إلى موت لم يختاروه بأنفسهم، لا يتعبون من بيع أرواحنا في كل لحظة أمام سيد أجنبي آخر"، يقول ميشال الذي أحنت السنون هامته، ولم تنل من صوته المدوي.

وطن "النجوم"
"الصورة التي يعبر من خلالها المجتمع المدني بمنظماته وجمعياته، هي صيغة تعايشية حقيقية بين اللبنانيين، لكن للأسف لا تعبر عن الواقع اللبناني الحالي المنقسم على نفسه، كما كان منقسما على نفسه عشية 13 نيسان 1975"، يقول غازي، "لبنان اليوم يفقد شبابه الذين يصطفون على أبواب السفارات، يفقد حيويته التي امتصتها الساحات على حساب الوطن، هل هو وطن الساحات؟ أم وطن النجوم؟ وما أكثر هؤلاء "النجوم"! نجوم السياسة والفن والتمثيل والصحافة وطق الحنك.. يريدوننا أن نكفر بلبنان؟ لا، لن نترك وطناً دفعنا أغلى ما عندنا ونحن متمسكين به". تهرب دمعات من عيني العجوز الذي استند إلى حاجز اسمنتي.. دمعات لم يحاول أن يخفيها عن أعين الناظرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ