الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى أنت يا كلكامش؟

سعدون محسن ضمد

2008 / 4 / 15
كتابات ساخرة


أما العراق فليس كمثله بلد.
كنت وما أزال أردد هذه الجملة كلما تذكرت وطني، الآن وأنا بأحضانه (الساخنة) وقبل الآن يوم جربت أن أهجره أو أهرب من مخالبه. يوشك هذا البلد أن يتحول إلى فخ كبير. فخ محكم وشائك جداً. ليس هناك بلد أحرق الحضارات كما فعل العراق وليس هناك بلد تحتضر فيه حتى الحياة كما العراق. بل أن ميدان الحروب ـ الذي نسميه الوطن ـ لا يفضله قادة العساكر فقط لا بل حتى الأولياء والأئمة نقلوا إليه معاركهم، حتى الأولياء والأئمة استدرجهم هذا العراق من بلدانهم لينحرهم على أرضه العطشى.
يخبرنا التاريخ الإسلامي بأن أكبر ثلاثة حروب إسلامية داخلية هي تلك التي حدثت بين بلدين اثنين هما الجزيرة العربية وبلاد الشام ثم يعود التاريخ ليؤكد بأن هذه الحروب حدثت في العراق، وليس بأي من هذين البلدين. لكن لماذا؟
حتى الميثولوجيا تؤكد من جهتها بأن آخر الحروب التي ستحدث بين من سيرث الأرض وبين من استبد بها، ستحدث في العراق، الرايات سودها وبيضها وحمرها ستجتمع من مشارق الأرض ومغاربها لتتقاتل على أرض العراق قبل أن تقوم (الساعة) بقليل. إذن فهنا بيننا وعلى جثثنا ومن دمائنا سيكتب التاريخ آخر فصل من ملحمة القتل البشرية.
هناك ثأر أزلي تتحدث عنه الميثولوجيا بين الخير والشر هذا الثأر سيتم استيفائه من العراقيين وحدهم وفي بلدهم دوناً عن بلدان العالم الأخرى. لكن لماذا؟.. لماذا يا عراق؟ أين يكمن سر القتل فيك، في ترابك.. تاريخك.. دينك.. شعبك.. حضاراتك.. جياعك؟. أين يختفي فخك المحكم يا عراق؟
علي الوردي اعتبر أن الدمار يأتي من الصحراء وغزوها المتكرر، لكن بدو الصحراء ينعمون بالرفاهية والأمان منذ عقود. غير علي الوردي اعتبروا أن السر يكمن في الدين، حسناً فهل نحن وحدنا المتدينون على هذه الأرض؟ هناك من اعتبر أن الدمار يأتي من دول الجوار لكن سوريا تجاور إسرائيل بل ولديها أرض محتلة من قبلها فلماذا لم يظهر فيها بطل مهووس بفتل شاربيه. أين يكمن سر العراق؟ لماذا يتحارب العرب والفرس على أرضه، لماذا يتحارب الأتراك والفرس على أرضه، حتى أميركا لم تختر لنفسها ميدانا تنازل فيه القاعدة غير العراق، أميركا لم تختر باكستان ولا الهند ولا إيران، ولا حتى أفغانستان نفسها، بل العراق. الطاغية في العراق يختلف عن غيره من الطغاة، فصدام لا يشبه القذافي ولا حسني مبارك ولا حافظ أسد ولا غيرهم. فقراؤنا أيضاً لا يشبهون غيرهم من الفقراء فعندنا الفقراء لا يبحثون عن الطعام بل عن الألغام.
خمس سنوات مضت على هزيمة الطاغية، خمس عجاف تغير فيها كل شيء إلا الموت والخوف والدمار. وهذا ما يجعلني أعتقد أن هذه الأشياء أصل ثابت في العراق وليست أحداث عابرة يتسبب بها حاكم مجنون. من يصنع الموت في العراق الآن؟ من يغتصب الحريات؟ ممن يخاف الكتاب والصحافيين والفنانين وأطفال المدارس في العراق الآن. من حكّامه؟ أم من فقرائه؟ إذن فالمشكلة في حكام العراق وفي شعب العراق ومائه وترابه وسمائه ودينه وكل شيء فيه، كل العراق فخ يتسع ويتسع على مر الأيام.
لذلك أقول: أما العراق فليس كمثله بلد.
افتح أول صفحة في تاريخ البشرية المكتوب ستجدها تتحدث عن العراق، لكن عن أي عراق، عراق الدم والاستبداد والطغيان، عراق كلكامش الذي يغتصب الصبايا ويشارك الأزواج بزوجاتهم. كلكامش حامي شعب سومر لم يكن سوى واحد من أبطال العراق المهووسين بالدماء، الله وحده يعلم عدد الجلاوزة الذي سبقوه على هذه الأرض ووحده يعلم إلى كم يجب أن يبلغ عددهم، فقط من أجل أن يرتوي هذا الوطن الفخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو


.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها




.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف