الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرسوم الحكومية فرضها الاحتلال الإسرائيلي بقيت كما هي وزادت إلى الأسوأ ؟!

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2008 / 4 / 15
القضية الفلسطينية


قد تكون الحالة الفلسطينية غير مناسبة لطرح هذا الموضوع في الظروف الراهنة ، لكن ما سنناقشه كان عاملا مهما في الظروف التي أدت إلى ما آلت إليه الأمور الداخلية لشعبنا الفلسطيني في جناحي الوطن وهما قطاع غزة والضفة الغربية ، ولن نناقش مجمل الاقتصاد الفلسطيني الذي كان سببا رئيسيا في الوصول إلى الحالة الآنية التي لا يختلف عليها اثنان في أن السياسة الاقتصادية المتبعة لم تختلف عن السياسة التي كانت متبعة في عهد الاحتلال الإسرائيلي ـ قبل أوسلو .. بل استمرت هذه السياسة كما كانت وإلى الأسوأ .. لنأخذ مثالا مهما من هذه السياسة ألا وهو الرسوم الحكومية التي تجبيها مؤسسات الحكومة الفلسطينية حتى الوقت الراهن مع أن مدخولات الفرد الفلسطيني انعدمت تماما في ظل حصار خانق لم يبق شيء للحياة في قطاع غزة على الأقل ..! مع أن الحكومة الشرعية في رام الله قد أصدرت مرسوما بعدم جباية الرسوم والضرائب من سكان غزة إلا أن حكومة حماس بقيت تجبي رسوما باهظة على كل المعاملات الرسمية ليس من منطلق إيرادات حكومية ـ كما يقولون بقدر ما هي سياسة سيكولوجية لترسيخ مفاهيم السلطة وركائزها وعدم ترك فراغا سلطويا في عقول الناس .. نتذكر أن الاحتلال الإسرائيلي في بداية الانتفاضة 87 عندما فقد السيطرة على الناس قام أولا بتبديل بطاقة الهوية الشخصية لكل سكان قطاع غزة ، وكان الهدف من ذلك ليس أمنيا بقدر ما هو : ربط الناس بالسلطة الحاكمة ..؟
رسوم استخراج بطاقة هوية جديدة لمن يبلغ السادسة عشر تقدر بـ 10 دولارات ، وإذا أردت تجديد هوية بالية يرتفع السعر ليصل إلى 20 دولارا ، أما إذا فقدت هويتك الشخصية فإن ذلك يتطلب إجراءات معقدة ما بين المحاكم وشهادات المخاتير والشرطة وإعلانات الجرائد والجولات والصولات بين مؤسسات الحكومة تصل تكلفة ذلك إلى 100 دولار وأكثر في بعض الأحيان..! لماذا كل هذه الإجراءات المعقدة ونحن في زمن التكنولوجيا ..؟ هل مطلوبا من المواطن أن يحفظ بطاقته الشخصية كمن يحفظ عقدا أو خاتما من الذهب ؟ إذن فلتصنعوا لنا بطاقات من الذهب أو الألماس حتى لا تهترىء أو تضيع ! ألا تدرون أنكم بهذه السياسة لا تختلفون بشيء عن سياسة الاحتلال الذي كان هدفه الرئيسي دفع المواطن لترك الوطن وهجره إلى بديل يحفظ فيه حريته وكرامته .؟؟ ألا يكفي أيها الحكومة الرشيدة ! أن يقوم المواطن باستخراج بطاقته الشخصية مرة واحدة كل عشرة سنوات أو 15 سنة لتثبيتها في الكمبيوتر وبسعر رمزي لا يرهق كاهله ، ولو احتاج لاستخراجها متى شاء بدون التعقيدات السابقة ..؟ أما جواز السفر وما لحقه من رسوم كانت مثارا للجدل ومازالت مع أن السفر لسكان غزة أصبح مستحيلا إلا أن رسوم الجواز بلغت أكثر من 70 دولارا للفرد ولا يجوز إلحاق الأطفال أو الزوجات بجواز سفر الأب أو الأم وهذا يعني : لو أرادت أسرة السفر للخارج مكونة من ستة أفراد فذلك سيكلفها رسوم لجوازات سفر أكثر من ثلاثمائة دولارا ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد ، بل يتبعها رسوم مغادرة كذلك ما يقارب مائتي دولارا ، ومدة هذه الجوازات لثلاثة سنوات فقط ، وعلى الأغلب يستخدمها الجميع مرة واحدة فقط خاصة الأشخاص الذين يعملون في الخارج وأسرهم .. إن هذا لم يحصل في أي بلد من العالم .. وفي الغالب يتم تحصيل رسوم استخراج جوازات سفر برسوم رمزية لا تزيد عن سعر التكلفة ويتم تحصيل رسوم مغادرة أو لا يتم تحصيل لهذه الرسوم ، أو تحسم من تذاكر السفر كما هو متبع في كثير من الدول .. إلا أن سياستنا دفعت بالجانب المصري لتحصيل رسوما في معبر رفح للمغادر والداخل بلغت أكثر من مائة وخمسين جنيها مصريا وهذا فقط تنتهجه مصر مع الفلسطينيين الداخلين لغزة والمغادرين منها .. فهي لا تجبي رسوما من أي سائح عربيا كان أم أجنبيا داخلا لمصر أو مغادرها ..؟ لماذا يا سلطتنا هذه الرسوم وخاصة من أبنائنا الطلبة الذين هم بحاجة ماسة لمن يساعدهم ؟ ولماذا لا تضاف الأطفال لأحد الوالدين بدلا من استصدار جواز سفر لكل فرد مهما كان عمره ، لماذا كل هذه الرسوم ..؟! ولماذا لا يتم تجديد الجواز نفسه إذا كان فيه متسع للتجديد بدلا من استصدار آخر ، ولماذا سفاراتنا غير مخولة بتجديد هذه الجوازات في أماكن تواجدها ؟؟ وما المانع أن تكون مدة الصلاحية خمس سنوات بدلا من ثلاثة ؟؟
المتعارف عليه في كافة أنحاء العالم أن الشباب الراغبين في الزواج يتم مساعدتهم من قبل الحكومات أو مؤسسات اجتماعية ترعاها الدولة ، إلا هنا في فلسطين يتم تحصيل رسوما عالية في المحاكم الشرعية التي تقوم بتوثيق عقود الزواج وملحقاته ، فكل عقد زواج يكلف أكثر من مائة وخمسين دولارا ناهيك عن الإكراميات المقدمة للمأذون وما شابه .. وفسخ العقد أو الطلاق يتم جباية رسوم عليها لا تقل عن الأصل .. ألا تكفي رسوما رمزية لهذه الأمور ..؟ أو أن مشايخنا الشرعيين لا يقبلون إلا بأجور كبيرة تليق بعمائمهم ، وولائمهم المشهورة ..! أو أنهم يعرفون حاجة الناس الذين يدفعون مهورا كبيرة ولا يمكنهم التخلي عن دفع مبالغ مثل الرسوم المفروضة على الزواج ... يا ناس ! أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .. ومن المحاكم الشرعية ورسومها إلى المحاكم المدنية التي لا يمكن حصر الرسوم التي تقوم بجبايتها إذ لا يمكن للمرء أن يصدق حجم الجباية على كل ورقة تصدر عن المحكمة ، أو أبسط قضية يتم حلها خارج المحكمة باتفاق الطرفان المتنازعان ؛ فلا يمكن سحب القضية من الحكمة قبل دفع رسوما لا تقل عن خمسين دولارا ..
أما الرسوم التي تجبيها الحكومة على المركبات فحدث ولا حرج ! تبدأ رسوم المركبات الخاصة ( ملاكي ) حسب قوة موتور السيارة ؛ فكلما كانت قوة الموتور أكبر كانت الرسوم أعلى ، والرسوم تبقى سنوية للسيارات التي يقل عمرها عن عشرين سنة ، والأخرى كل ستة أشهر ..؟ إضافة إلى التأمينات المفروضة إجباريا على كافة أنواع السيارات حتى لو كانت هذه التأمينات حرام شرعيا حسب الشريعة الإسلامية التي تعتبر مصدرا أساسيا للتشريع .. ( يمكن استبدال التأمين على السيارات بصندوق وطني يكون حجم المصروفات فيه يتناسب وحجم الواردات ، ويمكن جباية واردات الصندوق من استهلاك الوقود بما يناسب الجميع كل حسب استهلاكه .. وليس من قبل شركات تأمين تمتهن النصب والتزوير ..) إننا لا نفهم لماذا اعتمدت قوة موتور السيارة لتحديد الرسوم وليس موديل السيارة الملاكي ؟ بمعني أنه كلما كانت السيارة حديثة ترتفع رسوم ترخيصها باعتبار أنها تدفع سنويا ويتراكم مبلغا يتساوى مع حجم استهلاكها .. والأهم من ذلك أن حجم الجباية على كافة السيارات لا يتلاءم وحجم الخدمات المقدمة للسيارات وأصحابها ، بمعنى أنه يمكن تحسين الطرقات التي تسير عليها وتنظيمها بما يضمن سير هذه المركبات بشكل يخفف العبء عليها ويحفظ سلامتها بشكل أفضل ، وليس بناء المطبات الغير قانونية ، وكذلك الحفرات التي تملأ الشوارع مما يعرض المركبات للعطب والخطر ..!
بالطبع لا يمكن حصر آلاف الأنواع من الجبايات التي تحصلها الحكومة الفلسطينية والتي ترهق كاهل المواطن ، ولا تبديه اهتماما بقدر ما همها الرئيسي هو تحصيل قدر أكبر من الأموال التي لا تناسب ظروف المواطن الفلسطيني ومدخولاته وطموحاته وتطلعاته .. كذلك صار ينظر إلى وظيفة الحكومة على أنها تقدم الخدمات لمواطنيها بأقل تكلفة ممكنة وأفضل جودة ! فهل هو هذا هو الدور الذي تقومون به ؟ أم لديكم رؤية سحرية لا يعرفها المواطن الفلسطيني ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها