الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة فرض الأمر الواقع الأمريكية

حازم الحسوني

2003 / 12 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم يكد يمر يوماً ,إلا ونسمع بهِ عن الأمر الواقع وسياسة الأمر الواقع , حيال مايجري في العراق من أوضاع وتطورات سياسية ,الا أنهُ نادراًً ما نسمع  بهِ عن سياسة فرض الأمر الواقع , اي بمعنى الأساليب والممارسات التي تم بها صنع وخلق الأمر الواقع هذا ,  فقد ساهمت قوى وعوامل داخلية وخارجية في رسم مسار وأتجاهات تطور الأحداث في العراق والتحكم بمفاصلها اليومية, ولكي لايقع اللبس , نؤكد أن المقصود بمقالنا هذا هو , السياسة التي انتهجتها أمريكا في فرض الأمر الواقع على الشعب العراقي , ولانعني بهِ أساليب العمل السياسي , التي تتعامل بها الحركة السياسية العراقية مع الواقع القائم , الذي فرض على كل الأطراف كما سنبُين ذلك َ لاحقاً  وأننا بهذهِ المقالة سوف لن ندعي أننا نكتشف البارود ولكن غايتنا الأولى هيَ توضيح المسارات التي سلكتها الأدارات الأمريكية تجاه الملف العراقي , وخصوصاً منذ عام 1991 , عام حرب الكويت وتداعياتها, وغايتنا الثانية هيَ تحريك الأمكانيات الكامنة لدى الشعب العراقي وقواه السياسية , وأهمية لعب دورها السياسي المؤثر والحاسم على مجرى تطور الأحداث .

لقد تفننت الإدارات الأمريكية في صنع سياسة فرض الأمر الواقع واتخذت لتحقيق ذلك عدة مسارات متزامنة مع بعضها وهيّ :

1-                                      دعم الدكتاتورية الفاشية ومجرميها ضد أنتفاضة الشعب , والعمل على إبقائها , لغرض التحكم بإيقاع مسار تطور الأحداث الداخلية وغض النظر عن ممارساتها الاجرامية تجاه الشعب العراقي وإعطاءها الشعور بالأطمئنان  بامكانية البقاء والأستمرار , هذا من ناحية, ومن ناحية ثانية تشديد العزلة السياسية عليها وأجبارها على تنفيذ ألتزامتها الدولية , وهنا نزع أسلحة الدمار الشامل وتنفيذ استحقاقات غزو الكويت .

2-                                      تشديد الخناق على الشعب العراقي , من خلال فرض الحصار الاقتصادي عليهِ, وزيادة معاناة المواطنين .

3 - مد الجسور إلى قوى المعارضة العراقية والعمل على احتوائها .

 

4 -تأليب الرأي العام الأمريكي والعالمي ضد الدكتاتور ( حسب مد وجزر العلاقة مع صدام ومدى استجابتهِ للمطالب الأمريكية ) لأغراض داخلية انتخابية وخارجية ,مع ممارسة الضغط العسكري وتوجيه الضربات العسكرية بين الحين والآخر , واضعاف دور الدول العربية ودول العالم المختلفة من التأثير على برنامجها ومشروعها المقبل في العراق .

بهذهِ المسارات العامة أعلاه , رُسمت وحُددت سياسة  فرض الأمر الواقع الأمريكية تجاه القضية العراقية , فتم فعلا ً,التحكم بكل خيوط وأطراف العملية السياسية وضبط إيقاع تحركاتها , حتى أصبح من المستحيل الفرار من الأمر الواقع المرسوم والمفروض على الجميع , فلنري كيف تم تجسيد هذهِ السياسة على أرض الواقع .

 

التعامل مع الدكتاتورية

قامت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم حكم حزب البعث في العراق منذُ استحواذهِ على السلطة في أنقلاب 68 كما هو معروف لدى الجميع , وغضت الطرف  في نفس الوقت عن كل انتهاكات حقوق الإنسان العراقي , فعلى أثر الهزيمة المنكرة في حرب الكويت والاستسلام المذل في خيمة صفوان , اندلعت الإنتفاضة الشعبية في اغلب مدن العراق وأريافهِ , وكان نظام صدام يتهاوى أمام هجمات المنتفضين , وسقوطهِ كانَ محتوماً , ففي هذهِ اللحظات الحرجة , مدت أمريكا يد المساعدة إلى صدام مجدداً وأنقذتهُ من السقوط , فسمحت لهُ بقمع الانتفاضة والمنتفضين بكل وحشية , ومكنتهُ من الاستمرار في الحكم ولكنها احتفظت لنفسها بالكثير من أوراق الضغط على صدام , الذي كان همهُ الأساسي , هو البقاء في الحكم  .

إن أوراق الضغط ابتدأت من تنازلات خيمة صفوان , ومروراً بالموافقة على نزع أسلحة الدمار الشامل و قدوم لجان التفتيش ,و فرض الحصار الأقتصادي , والأعتراف بالكويت وترسيم الحدود الجديدة , والكشف عن مصير الأسرى والمفقودين الكويتين وغيرهم ,و حقوق الأنسان , وحظر الطيران , والمنطقة الآمنة ,و التعويضات للأفراد والمنظمات والدول  المتضررة من غزو الكويت ,والكشف عن برامج التسليح المختلفة واستجواب العلماء العراقيين , وانتهاءاً بإثارة عودة لجان التفتيش مجدداً وقضية , طائرات اليو 2 , وصواريخ الصمود 2 , والعلاقة بتنظيم القاعدة ودعم المنظمات الأرهابية .

لقد تمكنت أمريكا من خلال استخدام أوراق الضغط هذهِ , فرض سياسة الأمر الواقع على الدكتاتورية وخاصةً بعد العزلة الشعبية التي عاناها النظام في الداخل على أثر انتفاضة آذار , و العزلة السياسية العربية والدولية بسبب غزو الكويت , فكان على الدكتاتورية أن تدرك, أن بقائها مرهون بمدى الاستجابة الكاملة للمطالب الأمريكية , فلهذا استجاب النظام الدكتاتوري دون قيد أو شرط , بأمل البقاء أكثر فترة ممكنة , ولكن لم يرد في بال الدكتاتور أن أمريكا عازمة على إنهاء دورهِ كما أنهت دور غيرهِ من الدكتاتوريين في العالم , بعد أن اسُتنفذت أوراقهم , ومن جانبها  حددت أمريكا مستقبل الدكتاتورية وموعد إنهاءها بعد أن يتم استكمال بقية العوامل اللازمة لذلك , وهنا بقية أطراف الملف العراقي .

 

التعامل مع الشعب العراقي

لقد ذاق الشعب العراقي على يد نظام حزب البعث , وعلى مدى خمسة وثلاثين َ عاماً , العلقم ( اعتقالات وسجون وإعدامات , و تهجير ونفي وتشريد , و أسلحة كيمياوية وغازات سامة , وحروب عبثية على دول الجوار , وضحايا تجاوزت المليون ونصف المليون على أقل تقدير ) وبسبب حروب النظام الداخلية والخارجية , تم احراق القرى وتهجير سكانها واجتثاث غابات النخيل وتجفيف الأهوار , وتدمير البنية التحتية للاقتصاد , وهدر الموارد المالية وصرفها على التسليح , الأمر الذي أدى الى إهمال قطاعات الصحة والتربية والخدمات البلدية وتدني المستوى المعيشي إلى حد الفقر.

إن الواقع المأساوي للشعب العراقي هذا , دفع العراقيات والعراقيين لاستغلال أول فرصة تسنح لهم للانتفاض على الدكتاتورية وتغير الوضع القائم . ولكن الانتفاضة لم تحقق أهدافها بإسقاط الدكتاتورية لأسباب وعوامل عديدة لا مجال للتوسع بها الآن , ولكن أهمها , الموقف الأمريكي الداعم لصدام ,و بعد هذا الفشل أصُيبَ المواطن العراقي بالإحباط واليأس , ووجدَ نفسهُ وحيداً  أمام جبروت الدكتاتورية وعنجهيتها  , ولم تمد  الدول العربية والاقليمية لهُ يد المساعدة للتخلص من النظام الفاشي , أضف إلى هذا الحصار الاقتصادي , الذي فرضتهُ أمريكا وبأسم الأمم المتحدة , طيلة فترة التسعينات من القرن الماضي ولغاية اندلاع الحرب , هذا الحصار الذي أنهك َ الشعب ولم يمس الدكتاتورية وأتباعها , الأمر الذي أوصل أبناء الشعب العراقي إلى القبول بفكرة تغير الأوضاع وإسقاط الدكتاتورية بأي وسيلة كانت, وليأتي من يأتي بعد سقوط صدام , فبهذا تكون أمريكا قد مهدت الأرض للدخول في الحرب , وفرضت الأمر الواقع على الشعب العراقي  بانهُ ليس هناك من قوة قادرة على إسقاط صدام  وتحسين الأوضاع غير الولايات المتحدة الأمريكية.

 

التعامل مع المعارضة العراقية

عانت المعارضة العراقية ولسنوات طويلة من الفرقة والتشتت وعدم تمكنها من الوصول إلى برنامج الحد الأدنى وتنسيق مواقفها في النضال لإسقاط صدام , بسبب عوامل داخلية وإقليمية , حالت دون وحدة هذهِ القوى خصوصاً في فترة الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي .

 استغلت أمريكا ظروف هزيمة حرب الكويت والانتفاضة الشعبية وتشتت المعارضة , فمدت الجسور والقنوات للدخول في صفوف المعارضة وتعميق الخلافات بينها وبناء أطر وتشكيلات جديدة كأحزاب وتجمعات , فاعتمدت على المنشقين من نظام صدام وحزب البعث , وتم تشكيل ما أطُلقَ عليهِ المؤتمر الوطني العراقي الموحد , كإطار لتجميع المعارضة واحتوائها ولغرض تبنيها للمشروع الأمريكي في التغير , ولكن تجربة المؤتمر هذهِ لم تعمر طويلاً بسبب الفساد وافتضاح مصادر التمويل وغيرها من الأسباب ,الأمر الذي أدى الى أنسحاب أغلب القوى السياسية منهُ , ولكي يتم تدارك هذهِ المعضلة , عمدت أمريكا على اجراء الاتصالات واللقاءات مع أطراف المعارضة بصورة منفردة وليست جماعات ذات برنامج ومشروع وطني عراقي مستقل , مما أدى إلى شراء مواقف بعض القوى ووعودها بدور مؤثر في الساحة العراقية بعد سقوط صدام , وأدى أيضاً إلى زيادة حدة التباينات في صفوف المعارضة واختلافها على الكثير من مفردات الشأن الشعبي والوطني العراقي( كالموقف من الحصار , المنطقة الآمنة , ترسيم الحدود مع الكويت الذي تم دون استشارة الشعب العراقي , الضربات الجوية اليومية , وسقوط الأبرياء جراءها , حضر استيراد المواد التي سميت ذات الاستخدام المزدوج و التي وصل تأثيرها إلى حد المدارس والمستشفيات والزراعة ...الخ) وغيرها من التباينات , ففي ظل هذا المناخ , تمكنت امريكا من فرز القوى التي أبدت استعدادها للتعامل مع مشروعها والقوى التي تحفظت , والأخرى التي رفضت , فمن هنا جاء قانون تحرير العراق , الذي تبنى قوى واستثنى قوى أخرى .

وقد أستفادت أمريكا من مناخ التشتت هذا , ليس فقط  في خلق الفرز وإنما تشويه المعارضة بشكل عام ووضعها في سلة واحدة , واظهار فشلها  بعدم امكانية توحيد صفوفها وعدم مقدرتها بالتالي على إسقاط صدام , وهنا استفاد صدام من هذهِ الورقة في تشويه المعارضة أيضاً , أمام الشعب العراقي ومجمل الشعوب العربية , فوصل الأمر بالمواطن العراقي والعربي الى صعوبة التمييز بين القوى واتهام الجميع بالعمالة واليأس من قدرتها على إحداث أي تغير, وهنا علينا التذكير بالدور الذي لعبتهُ الفضائيات العربية في السياق نفسه , حيث قدمت المعارضين العراقيين بصورة المتعاونين مع الأمريكان والراغبين باحتلال بلدهم , بل عمدت على استقبال الأصوات الداعية للحرب وهمشت الأصوات الأخرى , التي رفعت شعار( لا للحرب لا للدكتاتورية) , وهكذا أدخلت الى نفس المواطن العراقي اليأس,وعملت بنفس الطريقة والوقت مع السياسي والمثقف العراقي المنسجم مع مشروعها في ترويج حالة اليأس هذهِ , وخلق سياسة الأمر الواقع , بأنهُ لا أمل بالتغير إلا بضربة صاعقة للنظام وهذا يعني الترويج للحرب , فذهبَ الأمر ببعض المثقفين بالظهور على الفضائيات العربية , ودعوة العراقيين إلى شراء الورود لأن المحرر قادم , لكن الطريف في الأمر هو اختفاء هذهِ الوجوه من على الشاشات العربية بعد سقوط صدام , فكم كان الثمن لدورهم يا تُرى!؟ فالمحصلة كانت هي  تمكن أمريكا من زيادة شق المعارضة , وخلق اصطفافات جديدة داخلها وعرقلة وحدتها وتسويق مشروعها وخلق روحية اليأس والإحباط في صفوفها ومن خلالها ألى الجماهير وبالتالي فالحرب هي ّ سياسة الأمر الواقع وما على الجميع , الإ التسليم للأمر الواقع هذا .

 

التعامل مع المجتمع الدولي

لقد استثمرت أمريكا خروجها المنتصر من حرب الكويت ( الذي تزامن مع فترة انهيار الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الاشتراكي) في انفرادها بالسياسة الدولية وتكريس سياسة القطب الواحد والتي تجسدت :

1-                                      الهيمنة على الأمم المتحدة , واستخدامها كمظلة لفرض أجندتها السياسية .

2-                                      نشر القواعد العسكرية في العالم والتلويح , باستخدام القوة والتدخل المباشر في بعض الدول , والشروع بتنفيذ على ما اصطلح عليهِ  الحرب أو الضربة الاستباقية .

3-                                       معاقبة الدول واستخدام سياسة فرض الحصار السياسي والاقتصادي ومنع الشركات الأمريكية من التعاقد أو الاستثمار مع هذهِ الدول .

4-                                      المباشرة بتطوير منظومة الصواريخ وتطوير أجيال جديدة من الأسلحة النووية , الأمر الذي يعيد الى الأذهان سياسة سباق التسلح وأجواء الحرب الباردة .

وفيما يتعلق الأمر بالملف العراقي , فقد استغلت أمريكا نفوذها وهيمنتها على الأمم المتحدة في فرض نظام محكم وقاسي للعقوبات لم يمارس سابقاً ضد أي دولة , وتم إصدار القرارات الدولية ضمن مساومات وتوزيع المصالح بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن , وهنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر حرب الشيشان وحروب البلقان والحروب الأفريقية , حيث تم إسكات أصوات كل من روسيا وفرنسا وألمانيا وبعض الدول الأوربية الأخرى كهولندا وبلجيكا , حيث تم توفير غطاء أوربي للتوجهات الأمريكية , أما الدول العربية والإقليمية , وجدت نفسها عاجزة عن فعل أي شىء , بحجة عدم التدخل في الشؤون الداخلية والتمسك بقرارات الأمم المتحدة , وإن كانت لا تخفي رغبتها  بإزالة صدام , لكن ليس بوسيلة الحرب واحتلال العراق , ففي ظل أجواء توزيع المصالح الدولية, سعت أمريكا إلى الامساك بالملف العراقي بمفردها , ضاربة عرض الحائط بمصالح الدول الأخرى ولذلك اشتدت الخلافات مع هذهِ الدول عندما دخل الملف مراحلهِ الحرجة وهي التلويح بالحرب , والتهديد بدخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب منفردة ( إذا اقتضت الضرورة) بحجة نزع أسلحة الدمار الشامل وتطبيق قرارات الأمم المتحدة وعودة لجان التفتيش , فعملت أمريكا على فرض سياسة الأمر الواقع على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي , وهكذا خطت أمريكا ومن وقف معها كبريطانيا واسبانيا وبعض الدول ذات التمثيل النسبي المحدود في إشعال الحرب , دون الغطاء الدولي والشرعية الدولية , فأفاق َ العالم على واقع جديد بعد التاسع من أبريل و هو واقع احتلال العراق .

بعد أن تم إسقاط صدام واحتلال العراق , استمرت أمريكا في نهج فرض سياسة الأمر الواقع ولكن بأشكال وتكتيكات مختلفة وحسب ردود الأفعال سواء من الشعب العراقي أم من المجتمع الدولي , فعملت على حصر الملفات الاقتصادية والمالية والأمنية بأيديها وتمكنت من إعطاء العقود إلى الشركات المقربة من البيت الأبيض وفرض الاشتراطات على الدول والشركات , للمساهمة في أعادة أعمار العراق , كما عملت وتعمل بأستمرار في عرقلة خطوات مجلس الحكم الانتقالي للحيلولة دون تمكنهِ من أداء مهامهِ وعدم تسليمهِ الملف الأمني وغيرهِ من الملفات وعرقلة عمل الوزارات , من خلال التحكم بالميزانية واستحالة إمكانيتها على فتح أبواب العمل للعاطلين , أضف إلى هذا السعي الأمريكي المستمر في فرض اتجاه مسار تطور العملية السياسية المستقبلية  في العراق , والتحكم بالأجندة الاقتصادية والعسكرية للعراق , وبناء القواعد العسكرية  , وطرح فكرة القبول بالتواجد الأمريكي المستمر في العراق من خلال دفع الحكومة الانتقالية القادمة بطلب التواجد هذا, وغيرها من علائم المشروع الأمريكي المُراد تطبيقهُ في العراق .  فالتلويح يجري بها منذ ُ الآن لغرض جعلها أمراً واقعاً في المستقبل , ولكن ليس كل ما تريدهُ أمريكا يتحقق , فقد اثبتت التجربة , أنهُ بوحدة الموقف الوطني والشعبي العراقي , يمكن أن تتراجع أمريكا عن بعض مفردات ومفاصل مشروعها في العراق ( اللجنة الاستشارية التي طرحها بريمر, محاولة استقدام القوات التركية إلى العراق , محاولة الشروع بخصخصة الاقتصاد , التخلي جزئياً عن الملف الأمني وإعطاء مجلس الحكم صلاحيات أكثر في هذا الملف ..الخ) إذا ما واجهت رداً شعبياً منظماً , فلهذا تطرح الظروف الحالية وبإلحاح , أهمية البحث عن القواسم المشتركة بين الأطراف السياسية والتكوينات العرقية المختلفة , لصياغة برنامج مشروع وطني عراقي متكامل (سياسي واقتصادي واجتماعي ) يحشد الجماهير حولهُ ويستثمر الطاقات الكامنة في الشعب العراقي , وزجها في العملية السياسية  , والخروج من حالة الترقب السلبي والانتظار, وذلك بتحريك الشارع واستثمار التخبط الأمريكي والضغوط الدولية على قوات الاحتلال للإيفاء بتنفيذ التزاماتها الدولية تجاه الشعب العراقي , في السماح للعراقيات والعراقيين برسم مستقبلهم السياسي وحرية تصرفهم بثرواتهم الوطنية وإنهاء الاحتلال .  فلكي تتم صياغة هذا المشروع لابدَ من ارتقاء ممثلي الشعب على اختلاف أطيافهم السياسية والقومية والدينية والطائفية إلى مستوى الشعور بالمسؤولية الوطنية ونبذ سياسة الاحتكار وإلغاء الآخر واحترام حقوق اللإنسان وخياراتهِ السياسية والفكرية , فالوضع لايتحمل المزاودة , ولا التبجح والادعاء بتمثيل هذا الطرف أو ذاك , فالشعب العراقي عانى بمجموعهِ من سياسة الدكتاتورية ويعاني الآن من فقدان الأمن والعمل والخدمات والاحتلال بكل تفاصيلهِ , فليكن لأبناء شعبنا العراقي صوتاً مسموعاً واحداً ودوراً مؤثراً وحاسماً في مواجهة وعرقلة سياسة فرض الأمر الواقع الأمريكية , فالمهمة ليست بيَسيرة , بحكم التباينات في الرؤى والمنطلقات المذهبية والدينية والسياسية , ولكنها ليست بالعسيرة أيضاً فهناك الكثير من القواسم المشتركة للأطراف هذهِ , فتعويلنا على الحس الوطني العراقي , وتجربة الأعوام الدموية لحكم حزب البعث , وأنفرادهِ بالسلطة , ورغبة العراقيات والعراقيين بعدم رؤية نزيف الدم العراقي من جديد تحتَ أي مسمى كان .

السويد  في

29-12-2003








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا