الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد سامي ..... حوار العقل مع منظومة التشكيل

محمد العبيدي

2008 / 4 / 17
الادب والفن



بلاد الرافدين قبل اختراع الكتابة،سكنت اللغة ولم تعجز عن الجمع بين اللغة وبين الفعاليات الاجتماعية المؤداة ، وهذا اختلف تماما عن بلاد النيل ، التي غادرت اللغة لحين اكتشاف اللغة الصورية فيها وهذا كان استبدال واضح ، للرموز عندما كانت تصنع الاشياء وتكون وسيلة تفاهم متقاربة لاجيال عدة .
وبما ان العالم يشهد الان انغلاق مشروع ثقافي وظهور مشروع اخر ، يعطي للمشتغلين به نوع من الانجذاب الدلالي الواحد ليس باللغة وانما في مستوى الجد ومغادرة التفاصيل ، أي ظهور مستوى الاشياء بانتقائية عالية توصلك في بعض الاحيان الى فريسة لمنظومات تبدو شبحية في التكوين والتشكيل على حد سواء، واذا اقتضى الامر التبادل بالمتشابهات ربما يكون تشكيل المنظومة عقيم ولايمكن الاستفاده منه ، وهنا كانت ارض الرافدين هي التي ولدت الخطاب لتكون شعوب اولية وليست بدائية ، ولانها رسمت الخطابات المتكاملة واعطت خطابات ضمنية كان الفنان الرافديني جزء منها ليرتبط الان الفن العراقي التشكيلي المعاصر بخبرات من سبقه لامن حيث استعارة المفردات التكوينية ، وانما كان الفنان العراقي المعاصر هو نوع من الاحالة ليجعل الخطاب تواصلي دون انقطاع .
وتاسيسا على ماتقدم من مقدمة بسيطة وانت ترى لوحات الرسام ( محمد سامي) تجد الخطاب له فرصة من التحقق ضمن بنية التشكيل المتكاملة في ذاتها ولانها قادرة على التشكيل ، في تجربة المدلولات الجديدة المعاصرة اعطت مضامين لافكار تعاملت مع الاتجاه السائد للبيئة الان وهذا امر حتمي ولكن بقي الخطاب متلاصقا لافكار مثل الوحدة الموضوعية الخالصة في التشكيل .



وهكذا تسترسل بالحديث والكتابة ونجد ان هناك عالما مستقلا انفرد به الرسام ( محمد سامي) عكس شمولية المشروع الجديد المفروض مثلما نقرا ونسمع عن فلسفة المنظور البصري والاتجاه ذات الاطار الاعلى في التجريد ليترك عالم التقنية ويذهب الى افكار البصر ونفسية الفنان وزاوية النظر كلها الان تعتبر اوليات في اللوحة الفنية ولاتتسابق وتحتل أي منها أي مراكز متقدمة ، وانما تصل الى نهاية السباق ( المتلقي ) بنظام مجرد من للمفردات والذي يصل به الحال بان لايتم حتى في مرجع العمل الذي وقع خارج حدود التشكيل ، وهنا ( محمد سامي ) يكون عامل يبشر بمنطوق جديد وفق تلك التزاحمات المبنية بتلك الافكار وليقول من احد نتاجاتهاان الترميزات تكفي بدل المفردات ، ليس خوفا من الاقتباسات اعلاه وانما تقع ضمن التفسيرات الذي يعطيك الحوار بين الاشياء والمفاهيم ، ولكن تتقبل نتاجاته كحدود متقابلة ولاتستطيع الخروج عن المالوف .
هنا ارى ان الرسام لم يقحم نفسه للحفاظ على الاسس المرجعية ، ولان المواقف المعرفية الحديثة اخذت الكثير وكونت علاقات متوازية مع كل الفنون ، ولكن هذا الحوار امسى عند الفنان وكانه يحافظ على نوع من التراث المتراكم الذي راكمه الزمن ولكن لايحيل ، هذا التراكم بشيء جزئي او فردي وانما تعامل مع التشكيل بروح العقل لان يحيل المعنى الى تصورات مفهومة ، وليترك للمتلقي ادراكاته من خلال نتاجاته انها ليست تجريدا عن الشيء نحو المفهوم ، وانما تجريدا للمفهوم نفسه .


يرى الكاتب ان حوار العقل مع منظومات الافكار، لم يجعله ان يتحرر من حتميات الواقع ، ويفرض افكاره الخاصة على نتاجاته وانما تحرر من كل الارتباطات بمن فيها المشروعة ، وهذا هو التاسيس الخاص الذي تكلمنا عنه ، وبه لم تعد الافكار قديمة عنده لانها اعتقد تدور حول معايير التشكيل بمستواها التقني الذي اعطاه خبرة معرفية تحولت تلك الخبرة الى ان تكون احد الوسائل ، بان تجعل الخطاب عنده يحقق الاداة كاملة ويبتعد عن النقصان واعطى للنتاج اللغة الاجتماعية الجديدة المسيطرة الان .
وبما ان التشكيل هنا يحتاج الى لغة مصطلحات وليست لغة قواميس ، وانما بدا يتفرع من افكاره الى افكار غير محدودة ، يبث فيها ( محمد سامي) التعامل المنظم مع حاجات واشياء التشكيل في مكانها المخصص ليعلن ، ان الفن البصري موجود ومن كل زواياه ، والذاتي الفردي هي لغة غير مباشرة عندي ولكنها قد تمتلك نوع من الحضور ، وهذا تحصيل حاصل في النتاج ولايشكل نوع من الخطورة ، وانما الان الحضور موجه الى الفهم والتعامل والتصرف حسب المعايير المسيطرة على افكار الفنان نفسه .
وهنا لاعطي مثالا مبنيا على مانقول في لوحة ( الطائر) هذه العلاقة الحتمية المرتبطة في مفردات اللوحة هي نوع من التشكيل لافكار منظبطة ، من سلسلة منظومات تابعة الى لغة خطاب رافدينية الاصل مما دفع الرسام الى النطق والتعبير لان يشكل حيزا من ساحات الدلالة التي تجاوزت اهتمامات المتلقين ، أي ان النتاج لم يكن معبرا للغة ، وانما كان حاوية لآفاق الترميزات الاخرى المتشكلة بمفردات الحيوان الطائر ومايشكله من سلوك عند الانسان في ارض الرافدين هذا من جانب ، الجانب الاخر التعامل اللوني بدا يؤلف ذخرا من لاينفد من دلالات لايمكن استيعابها بنظرة واحدة وانما عوامل التمعن والتبصر هي كفيلة بان تخرج المتلقي من عنق الزجاجة ، وبما تكرار الالوان اقتصر على الوان محدودة اخذ هذا التكرار نوع اخر وجديد من ترميزات عبرت عن ثوابت الحياة اليومية التي يشكل منها حيوان الطائر نفسه .
هذه الحدود كانت مفتوحة عند ( محمد سامي) لانها تعلقت بفراغ مكاني لايعير للزمان أي اهمية وفي مثل هذه الحالة فان هذه اللوحة كانت اتصال مباشر ازدادت بها السيطرة واستطاعت ان تعطل حتى العلاقة الجدلية مابين القديم والحديث ، ولتكن نتاجات ( محمد سامي) لغة فاعلة تنوعت واغنت والفت ، شبكات غير منظورة من دلالات ارتبطت بحيوية الفن التشكيلي العراقي المعاصر

محمد العبيدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل