الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنعشوا الحب

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2008 / 4 / 16
العلاقات الجنسية والاسرية


الشعور بالحب هو احد أهم حقوق النفس البشرية ، واستمرار هذا الشعور هو الذي يجعل الانسان مليئاً بالثقة والاطمئنان والتيقن من وجود صدر حنون يلجأ اليه بعد كل عناء ..
وفي مجتمعاتنا ، يشتكي الكثير من الازواج ، حتى اولئك الذين يتزوجون عن حب ، من فقدان الحب بينهما إشعاعه السحري ودفئه ، بعد ان ينشغل الطرفان بشؤون االمعيشة والبيت والاطفال ، حتى قد ينشغل احدهما عن الآخر ، فيعتادا هذا الانشغال ، ويمشيان جنباً الى جنب في مسيرة حياة واحدة ، لكن كلاً منهما يكون بعيداً عن الاخر ! واكثر طرف يشتكي ويشعر بفقدان الحب شرارته الاولى وخدره العجيب في الوقت نفسه ، هو المرأة ، إذ لاتتوانى عن التصريح بما يؤلمها بين حيطان بيت خبت فيه تلك الشرارة ، وإن بقي الحب موجوداً ، ولكنه يتمثل بطريقة تعبير مختلفة عن احلام الرومانسية وايام الخطوبة وايام الهمس واللمس واللقاء والهرب من عيون الرقباء .. طريقة تعبير قد يجوز تسميتها بالعملية .
اننا بالتاكيد لانستطيع اهمال متطلبات الحياة اليومية المادية وغض البصر عن متاعبها وهمومها ، ونعجز عن التعامل معها بلا مبالاة ، حتى لو كان ذلك على حساب لحظات حب دافئة ننساها ، فتنسانا في احدى محطات الرحيل .. إلاّ ان بامكاننا ان نستعيد اجواء الحب الرومانسية إن أردنا .. إذ ليس من العسير ان يمنح الزوجان نفسيهما اجازة من مشاغل الحياة ولو يوم او اكثر في الشهر ، لكي يمنحا حياتهما معاً لمسة سحر ..
في الدول الغربية ، نسمع عن ازواج يفعلون ذلك ، فيأخذون من البيت والاولاد اجازة ويقضون ليلة في فندق ، لأستعادة الرومانسية والتفيؤ تحت ظلالها .. لكن عندنا في العالم العربي ، نادرا مانسمع عن هذا ، بل ربما لانسمع اصلاً .
لكن يمكن القيام بأ مور تصون لنا الحب من غبار الايام الذي قد يفقده بريقه في نفوسنا .. أمور بسيطة تقع مبادرة القيام بها ، غالباً ،على عاتق المرأة ، لأنها الطرف الأكثر رّقة ورومانسية في الغالب .. إذ يمكنها ان تظهر بصورة متجددة دائماً ، فغالبية الرجال يحبون التجدد ، ولكي تطفئ الزوجة رغبة التعددية لدى الزوج عليها ان تكون اكثر من إمرأة واحدة .. وهذا يتحقق بالتجدد ، إذ نلاحظ جميعا كيف ان الرجل يشعر بالدهشة والأنبهار حين تقع عيناه لأول مرة على إمرأة ما تثير اعجابه ، فيرغب في ملاحقتها واكتشاف دواخلها ، هذه السمة ، يمكن للزوجة الذكية ان تلعب عليها ، فتظهر له كل يوم وكأنها إنسانة جديدة ، ليست هي نفسها التي رآها بالأمس ، وليست هي نفسها التي سيراها في الغد .. لكي تحتفظ بميزة النظرة الأولى بين يديها ..
وبأمكانها ان تجرّه الى منطقتها ، بأسلوبها الشفيف لاسيما إن كان من الصنف الجاف او البارد ، بأن تخلق جواً صاخباً مليئاً بالمرح .. إنّ اجمل إمرأة في العالم هي المرحة بلا ابتذال ، وإمرأة بلا مرح تفقد خاصية مهمة من خاصيات الجذب .. بل تعجز عن اضفاء روح جديدة خلابة للحب ، يطلق شرارته الاولى ويبقيها تتقد دائما ، أو تشعلها كل يوم ، بكلمة شفيفة تنسي الرجل كل هموم العالم .. بابتسامة ساحرة تفقد الرجل عقله .. برقصة .. نعم برقصة ، لمَ لا ؟ ولمَ تخجل معظم الشرقيات من الرقص لأزواجهن ؟!!
إن الحب يستحق اموراً اصعب بكثير من الرقص ، لكي يبقىمتألقاً باعثاً الروح حتى في الحجر .. فلماذا لاتحرك الزوجة جسدها على نغم صاخب او هادئ ، يخلب لب الرجل ؟!! اين العيب في هذا ؟!!
بالتأكيد ، لاتقع مسؤولية احياء الحب على كاهل المرأة فقط ، بحيث يبدو الرجل وكأنه الطرف السيد المطاع الذي يجب على الانثى ارضاؤه ومنحه كل شيء من غير أن يحرك ساكناً .. ففي العلاقة الزوجية يتساوى الطرفان في الحقوق والواجبات ، ولايمشي احدهما قبل الآخر ، بحيث يكون هو دائما في المقدمة ، وشريكه يمشي وراءه بانقياد مثير للشفقة ، الحب بين اثنين يعني ان يمشي حبيبك معك الى جنبك ، لاأن تتقدمه او يتقدمك ..
على الرجل ان يهدي زوجته وردة ، مع أن مجتمعاتنا لم تعتد اهداء الورود .. عليه ان يهمس في اذنها كلما غادر منزله صباحاً بكلمة حب ، أو يمنح خدها قبلة تكون لها غذاءً لروحها طوال اليوم ..
هذه أمور بسيطة جداً لاتحتاج الى جهد كبير ، بيد إنها تحتاج فقط الى التفاتة وعدم نسيان حق الآخر .. وهي تدفع الشريكين الى الحفاظ على حياتهما معاً ، حرصاً على لحظات في العمر هي بفضل الحب تقدر بسنوات ..
إن من يريد انعاش الحب وسط دوامة الحياة ، يمكنه فعل ذلك إذا فكر بألانعاش بطريقة مبتكرة ، كأن يتصرف الزوجان وكأنهما مازالا غير متعارفين ، ولم يسبق لهما أن كانا مخطوبين ، ولم يتزوجا ، ولم ينجبا اطفالاً .. فيتفقان على أن يتقابلا في مكان ملئ بالناس كأن يكون متنزهاً أو جامعة درسا فيها ، فينظر الزوج الى زوجته باعتبارها ليست زوجته ، فينبهر بها ، ويبحلق فيها ، وتبادله النظرات من بعيد بخجل ، وتحمر وجنتاها ، وتطرق عينيها ارضاً بين الفينة والأخرى .. ثم تترك مكانها ، فيتبعها ، ويحاول مكالمتها ، فتتمنع ، وتتدلل ، لكنها في النهاية ترضخ لنداء الحب ، وتضع كفها في كفه ، ويصارحها بمشاعره ، وتصمت هي صمتاً ترافقه ابتسامة خجلى ، دلالة على الرضى ، وتعبر عن مخاوفها من ان يراها أحد افراد اسرتها معه ، فيشعران بلوعة الحب ، وشوقه وهذياناته ، الى ان يمضي الوقت ، ويتحتم أن ينهيا اللقاء ليذهب كلُّ منهما الى بيته ، لكن عليهما ان لا ينجرفا مع الدور بحيث لايعودان الى منزلهما الزوجي !! بل حتى في المنزل بأمكانهما استكمال مابدآه .. حتى قد يبدي رغبته في التحرش بها ، فتتمنع خوفاً من أن يضبطها أحد متلبسة بالحب !!
أليست وصفة حب بسيطة جداً يمكننا القيام بها ، لتكون بمثابة جرعة تنعش الحياة الزوجية وسط الرتابة والروتين اللذين قد يحولاننا الى مخلوقات متحجرة ؟!
فكروا بأمور كثيرة ، قد يهزأ منها البعض ، أو تجعل البعض يستخف بعقولنا ، ويتهمنا بالجنون ، بل بنا حاجة الى وصفة جنون لكي نحيا كما نريد ، لاكما يريد الآخرون أو كما تريد متاعب الحياة ومتطلباتها ..
فكروا مثلاً ، بالتحادث على الشات .. أي يتحدث الرجل مع زوجته على الشات ، حين يكون هو خارج البيت ، وهي في مكان يتوفر فيه الانترنت .. يتحدث لها عن شوقه ، وهي كذلك .. لمَ لا؟!
لمَ لانفعل ذلك ، لننقذ قلوبنا من الحسرة التي قد تقض مضاجعنا ، وهي حسرة لاتعالجها إلاّ جرعة زائدة من الحب ..
قد تقولون هذه إمرأة جنت ، تكتب أمورا خيالية وغير معقولة و بعيدة جداً عن الواقع ، وسأقول لكم : ولمَ لانتصرف خارج المعقول ، مادام اللامعقول يسعدنا ، ويعيد لنا الحب بشرارته الاولى التي تمنحنا الدفء والسعادة والاحساس بجدوى الحياة ..
إمنحوا الحب فرصة الأستمرار ، والحفاظ على بريقه ، وبقدر ماتمنحوه يمنحكم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سيدتي
الحميدي ( 2011 / 7 / 27 - 08:30 )
سيدتي انتي قمة الابداع
و كلماتك تدل على انك انسانه رائعة وشفافة ورقيقة وقوية .
انت نجمة ابداع وتختلفين عن النساء في عطاءك وعاطفتك وحبك .
كل الاحترام لكتاباتك

اخر الافلام

.. المرأة فى ولاية الفقيه


.. دار المرأة في حسكة




.. هبا عويدان


.. سوسن مسعود




.. الذاريات محمد