الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى 13 نيسان، لبنان ما بين حرب أهلية متفجرة و حرب أهلية كامنة

عديد نصار

2008 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


- كانت الحرب الأهلية في لبنان، التي انطلقت شرارتها في الثالث عشر من نيسان 1975، الرد الطبقي للنظام الطائفي للبرجوازية اللبنانية التابعة، على إمكانية التحوّل الاجتماعي التي مثلت للعيان عبر انتفاضات العمال و الفلاحين و صيادي الأسماك و الطلاب و المعلمين، و التي أوشكت على أن تقلب هذا النظام و تحدث تغييرا جذريا في البنى الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية في لبنان.
فمنذ 1969، بدأت التحركات الجماهيرية الطبقية و القطاعية تأخذ منحى تصاعديا تجلى بانتفاضات الطلاب و تحركات المعلمين و إضراباتهم و انتفاضات عمال المصانع و في مقدمهم عمال غندور و الريجي و مظاهرات مزارعي التبغ ثم الشمندر السكري، إلى انتفاضة صيادي الأسماك ضد بيع البحر لشركة خاصة حيث سقط النائب معروف سعد الذي شارك بنفسه في تظاهراتهم.
صحيح أن الواقع العربي و الدولي، و الوجود الفلسطيني الفاعل كان له دور مساعد في رفع مستوى التحدي الشعبي لنظام البرجوازية الطائفي، و أن وجود المقاومة الفلسطينية المسلحة شكل سندا هاما للتحركات الشعبية، خصوصا بعد أن اكتشف أبناء المناطق الحدودية قدراتهم في التصدي للإعتداءات المتكررة و الصلف المتواصل من قبل العدو الصهيوني، ما شكل دفعا معنويا باتجاه تصعيد التحركات الشعبية التي لم تكن منفصلة عن القضايا العربية و في القلب منها قضية الشعب الفلسطيني و أرضه السليبة، غير أن تفاقم الوضع الداخلي و الاستغلال الفاقع للطبقات الشعبية المنتجة و الاهمال المتواصل لمناطق اعتبرت حتى مطلع الحرب الأهلية مناطق تابعة ضُمّتْ إلى "لبنان*"، " كي يجد اللبنانيون ما يقوم بأودهم"** و هي مناطق البقاع و الجنوب و الشمال، هذه المناطق التي ظلت، و هي لا تزال، مناطق محرومة من أغلب الخدمات التي يفترض، أو كان يفترض، بالدولة أن تؤمنها لمواطنيها، ما جعلها مناطق طرد بشري لأبنائها باتجاه بيروت حيث شكلوا أحزمة بؤس زنرت العاصمة، و كانوا هم، أكثر الناس إخافة للنظام الذي بدأ، منذ مطلع السبعينات، يتحفز للرد على ما بدا له أنه ثورة اجتماعية سوف تودي به، شكلت الأسباب الحقيقية التي فجرت، ردا عليها، البرجوازية بتحولها إلى فاشية، الحرب الأهلية، بالشكل الذي تفجرت به.

- لا بد أن نفهم أن النظام الطائفي أو نظام التحاصص الطوائفي و الذي هو نظام سيطرة البرجوازية التابعة، لا يمكن له أن يستمر و أن يجدد لنفسه إلا بالاعتماد على التبعية للخارج و الاستقواء به. و من هنا، اليوم، و في ظل أزمته القاتلة، فإنه يعمل على ربط مصير الوطن بمصيره من خلال مزيد من الاستقطاب الذي لا يمكن أن يتوصل إليه إلا من خلال ضرب و تحطيم كل البنى الاقتصادية التي ينشأعنها، بالضرورة، توحيد للطبقات الشعبية، و بالتالي للبنى الاجتماعية الناظمة لمصالح هذه الطبقات كالنقابات و الاحزاب العلمانية، و بالتالي ربط رعايا الطوائف و المذاهب بمصالح هشة على غرار أنظمة من المساعدات الاجتماعية المرتبطة بقيام مؤسسات تربوية و صحية و ثقافية و أمنية خاصة بكل مذهب أو طائفة و تحويل هؤلاء الرعايا أتباعَ مستفيدين ماديا و معنويا، ما يجعل الحرب الأهلية دائما على الأبواب.
- و اليوم، حيث تتلاقى تماما، مصالح الديكتاتوريات الفئوية في لبنان مع المشروع العام الامبريالي للمنطقة، فإن لبنان يقف تماما على فوهة بركان حرب أهلية متجددة نموذجها العراق و غايتها إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة لتتناسب مع المصالح الامبريالية و الصهيونية ، لذا، لا بد من مسار صعب و معقد لاستعادة الشارع إلى قواعده الطبقية، قد لا يكفي في ذلك كل ما يمكن أن نفكر فيه من مقولات التوعية و التذكير بأهوال الحرب الأهلية، إذا لم تتجسد أمام اللبنانيين، المصلحة الطبقية الحاسمة لتغيير مسار الاستقطاب و العودة إلى القواعد الطبقية الموحِّدة التي تنتج القوى الاجتماعية و السياسية و التي بدورها لا بد أن تعمد إلى إنجاز التغيير الذي يحول تماما دون تجدد النظام الطائفي و ما شابهه، و يمنع بالتالي، و بشكل نهائي، كل إمكانية لتجدد الحرب الأهلية.
.......................................................
* لبنان = جبل لبنان أو بروتوكولية المتصرفية، و لم يكن ضم المناطق الأخرى إليه بمثابة توحيد أو تحرير أو بناء على استفتاء شعبي أو حركة تحرر وطني !! بل كان ضما قسريا أشبه بالاستعمار، و قد انعكس ذلك على مدى الاستغلال الجشع و الحرمان التام من كافة الخدمات على مدى عقود.
** من أقوال البطريرك الحويك إلى مؤتمر الصلح في فرساي لتبرير ضم الأقضية الأربعة إلى جبل لبنان ليتحول إلى " لبنان الكبير ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة