الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطينيون بسببهم يستمر الحصار على غزة!

عماد صلاح الدين

2008 / 4 / 17
القضية الفلسطينية


الوضع القانوني والطبيعي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 67، من قبل "إسرائيل" ، هو أنهم شعب تحت الاحتلال لهم حقوق مكفولة في مواجهة القوة المحتلة بموجب القانون الدولي، وتحديدا ذلك المتعلق بوقت الحرب ،وهو ما اصطلح على تسميته بالقانون الإنساني الدولي .

يجب على" إسرائيل" ما دام أنها قائمة بالاحتلال ، أن تقوم أيضا بواجباتها المفروضة عليها بموجب القانون ، والمتعلقة أساسا بحماية المدنيين الفلسطينيين ، وتوفير احتياجاتهم المدنية والخدمية ، وعدم القيام بإحداث أية تغييرات لا ديموغرافية ولا جغرافية ولا اجتماعية أو غيرها فيما يتعلق بحياة الفلسطينيين من كافة النواحي والجوانب. هي مطلوب منها" إسرائيل"- أيضا- أن تعامل رجال المقاومة الفلسطينية على أنهم أسرى حرب بموجب القانون الدولي ، سيما أن القانون الدولي وفي القلب منه ميثاق هيئة الأمم المتحدة في المادة منه(51 ) أعطى الشعوب الواقعة تحت الاحتلال الحق بالدفاع عن نفسها ، بل الحق في المقاومة المشروعة حتى دحر الاحتلال وتحقيق وممارسة حق تقرير المصير الذي يقرره في الوضع الفلسطيني الشعب الفلسطيني نفسه .

قُلبت المعادلة الفلسطينية رأساً على عقب فلسفياً ومنطقياً، سياسياً وقانونياً بفعل اتفاقات السلام في أوسلو وما تلاها مع إ"إسرائيل" ؛ اعتراف الشعب الفلسطيني المحتل بالجهة التي تحتل أرضه وتغتصب حقوقه ، والمفروض أن الاعتراف يجب أن يأتي من الاحتلال نفسه بحقوق الشعب الذي تُحتل أرضه ، هذا وفقا للقانون الدولي وبديهيات جريان العمل في العلاقات الدولية المعاصرة ، وفي منطق العرف الدولي سابقا . أصبح الشعب الفلسطيني مجرماً بممارسته حقه المشروع في المقاومة ، بينما غدا الاحتلال جهة ذات سيادة واستقلال وديمقراطية تدافع عن نفسها ضد العنف والإرهاب حسب المصطلحات الجديدة للهيمنة الأمريكية و"الإسرائيلية" .

تبين من التجربة والممارسة أن "إسرائيل" لا تريد سلاماً ، ولا تريد حتى تمكين الفلسطينيين من إقامة دولة على كامل الأراضي المحتلة عام 67 ، وإنما تريد شرعنة وجودها وتوسيع مستوطناتها في الضفة الغربية ، وما تبقى من الجزء الشرقي من القدس المحتلة ، ولعل تصاعد وتيرة الاستيطان بعد لقاء "انابوليس " بأضعاف المرات عما كان عليه الوضع قبل سنوات ، ليصب في خانة حقيقة التوجه الإسرائيلي القائم على توسيع مساحة سيطرتها على الأراضي المحتلة ، وخنق الفلسطينيين فيما تبقى من وصلات هنا وهناك ؛ تحقيقاً لفكرة تهجيرهم المستقبلية إلى الأوطان البديلة في المحيط العربي القريب والبعيد ، وبالتالي فان الحديث عن دولة للفلسطينيين وسلام وحل عادل ، هو من باب الهرولة نحو سراب .
قيادة السلطة الفلسطينية الرسمية هي الفاعل الأنشط والسبب الأكبر في استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي شمل كل شيء الغذاء والوقود والدواء وجميع مناحي قطاعات الحياة الحيوية فيه، إلى درجة توقع حدوث انفجار شعبي هناك: إما صوب الجهة المحتلة والتي تنفذ الحصار ، أو باتجاه الحدود مع مصر كما حدث في المرة الأولى في( يناير) كانون الثاني من بداية هذا العام .

حينما نقول أن الجهة الفلسطينية الرسمية هي الفاعل الأنشط والسبب الأكبر في استمرار الحصار، فنحن لا نعفي "إسرائيل" من ذلك فهي أم المصائب والجرائم ، واحتلالها هو الجريمة الأولى والكبرى ، وإنما نقصد بان قيادة السلطة بإمكانها رفع الحصار عن الفلسطينيين في قطاع غزة بمجرد أن تمتلك إرادتها الوطنية الحرة في مواجهة "إسرائيل" التي لم تلتزم بشيء حتى في سياق ما يسمى بتنفيذ المرحلة الأولى من خارطة الطريق ، وما اتفق عليه في" انابوليس" في تشرين الثاني من العام المنصرم .

الإرادة الوطنية الحرة للقيادة الفلسطينية المفاوضة ، هي أن تعلن وقف المفاوضات مع "إسرائيل" والتهديد بحل السلطة الفلسطينية ، إذا لم تقم "إسرائيل" ومن ورائها أمريكا برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وعن غزة على وجه الخصوص ، والاهم الاستجابة في نهاية المطاف لحقوق وتطلعات الفلسطينيين في سياق حدها الأدنى المتمثلة بدولة كاملة السيادة والاستقلال على جميع الأراضي المحتلة عام 67 ، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين . أنا متأكد أن" إسرائيل" ستتعامل بجدية مع تهديدات القيادة الفلسطينية الرسمية -على الأقل - فيما يتعلق بفتح المعابر ورفع الحصار الخانق ، لان البديل تعرفه" إسرائيل" ، وهو عودة المعادلة الطبيعية للصراع : شعب تحت الاحتلال من حقه أن يقاوم محتله ، وعلى محتله تحمل الواجبات والالتزامات المفروضة عليه بموجب القانون الدولي والشرعة الدولية .

تُعطي القيادة الفلسطينية الرسمية – ومن أسف – المبرر والغطاء لاستمرار الحصار المفروض على غزة وعلى عموم الأراضي المحتلة ، وكذلك لمجمل الجرائم "الإسرائيلية" التي ترتكبها "إسرائيل "ليل نهار ، بفعل تمسك هذه القيادة بالمفاوضات خيار استراتيجي وتاريخي ، علما انه يعقب كل جولة لقاء أو مفاوضات على الأقل منذ لقاء" انابوليس" تصعيد كبير وخطير بشأن الجرائم "الإسرائيلية" على صعيد الاغتيالات والاجتياحات وتقرير رزمة جديدة من مئات وآلاف الوحدات الاستيطانية التي يراد إنشاؤها أو توسيع مستوطنات بها في الضفة الغربية والجزء الشرقي من القدس المحتلة ، وأيضا بفعل تمسك هذه القيادة بمقولة" الانقلاب "في مواجهة حماس بعد الذي جرى في غزة في منتصف حزيران من العام الماضي ، علما أن كل المعطيات تقول أن حماس هذه لم تقم بانقلاب على النظام السياسي للسلطة الفلسطينية، وإنما أن هناك كان تمرداً مقصوداً ومدروساً من أطراف بعينها في فتح وفي الأجهزة الأمنية مدعومة أمريكياً و"إسرائيلياً" ، أرادت الانقلاب على خيار الشعب الفلسطيني الذي تحقق في انتخابات (يناير) كانون الثاني 2006 ، وتقرير مجلة (فانتي فيير ) الأمريكية حول ذلك لم يمض على نشره وإثارة ما جاء فيه قرابة الشهر .

كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الانسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن