الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسوم قديمة على مرآة فارغة…!

نجيب المغربي

2008 / 4 / 20
الادب والفن


الكلمات تتساقط لتغسل الصّمت بما بقي من طين اللغة… لك أن تنظري الى عناقيد المعنى …أن تشتمّي الألم عطرا…أو ان شئت اغرقي في فيض الحلم الراشح… احفري أنت ايضا اسمك على حافة هذه المقصلة…
بعد أن داهمتني كل دروب التيه…بعد أن دخلت في شريط ذاكرة شائخة…مرة أخرى استسلمت لشقوق تربة الأسى…كان اللّيل مائلا و الجرح متعبا..و كان الحلم يتسمم على طول الحريق….تلك أولى الحكايات…بعدها كانت أكوام صور و خرائط … كلمات قديمة تلفني كغصون وحشية… و على العتبات دائما كانت المدافن منتصبة…ترتفع صرخات تزفّ الرّحيل العابر…يقع الظلام بهدوء من فوق…و ليس من أثر بعد لأقدام الطريق…بعض الوجوه تتراقص على مرمى الضوء أمامي…بين مدّ و جزر أوراق ترتفع ضاجّة بطعم مرّ …تخرقين قطعة النوم الهزيل بجانبي…دون أن تفسدي الحكي الشاحب… تبتسمين بين صفحات تملؤها الخنادق…بين كلمات نائمة …تسيرين الى حيث زهرات الجبال….هناك مآتم حزينة أخرى دائما… على هذه الارض حيث تقفين …تمتد مشاتل أنبتت قبلك جراحا شاخصة…هل تستطيعين أن تعترفي لي بولادة مـتأخرة ؟!…برسم ملامح موحشة تشبهني؟!… أنا لا استطيع ان أرتق أثواب روحي الممزقة … رغم كل دعاواك المفتعلة…كل الاغواء الدافئ…
الحكاية من نسل الدّخان…اللغة تتشرد مجهضة بلا رغبة….و أنا أضيع على فوهة القلق…أنطلق كرصاصة تتقوض مصوّبة الى الفراغ… هل أغلق الآن ما في عيونك من انقلابات الأسئلة المريبة؟!…و أرشق المرآة ببقية الكآبة المؤجّلة؟!… أم أتلمّس طريق الجسر القديم … آخذك حيث البداية…حيث انطلق صهيلك الجامح؟!… ببطء أبحث عن قلب مرمي بعلبة الأشياء المستهلكة… أقلّب تمثالا مطليا بالتراب … تتراكم أنفاسي بسخرية غريبة تستفزني …فلا أتفرّس نبض من كنت أعرفهم فيها… تدوّي رجفة عميقة من باطن القلب… حيث تلتصق الأحلام بافتتان داخل رحم الحنين…تجفّ ألواح الأنين قبل أن أكمل و تتبعثر…هكذا أصغي لعويل روح تتبخّر مع انهمارات الجراح القديمة…تشجّ حواسي الملتبسة… و لأن صوتا يتخبّط بالصمت الراعش… يذهب الحلم المدهش بعيدا… يبث فراغا شنيعا من شقوق الذاكرة… هل من أخرى تخضّب برد ليالي الخريف الموحشة ؟ … لا ! حدّ التمنع أتوقّّّف عن اشتهاء كل ما هو حميم…تفيض رجّة عميقة قربي… أمتلؤ بحيرة كانت لا تزال خامدة…تتجهّز رجّة اقوى تهزّني…كل الأسرار تتهيؤ الآن للظهور… لتمنع تضامّا راسخا بالمشهد… عناء متضخّم أحسّه يحيط بجسدي …يتساقط أرشيف الألم بقوة متناثرا… يخلّف روحا تأزف على طول بوابات الغياب…يستنسخ شراكا باردة…في نهاية العينين عتمة محطّمة…أتوقف متأملا موعدا يتّسع لونه لكلّ بقايا الّسبات الذي ينقصني… و أضيع في خطوات هذيان يتلهّى حد التبرّج…أوشك أن أتعثّر بالفراغ المفزع…تستقر الذاكرة المنهكة أخيرا… على أطراف جدار مترهل…هناك بقية الكلمات…بقية أناشيد مهرولة…لا أبواب لهذا اللغط لكي أغلقها…كل الالفاظ تمضي بلا اتجاه …حيث البوح المكسور… على امتداد الذبيب يشهق وجه بلا هويّة…ماثلا يلفظ بضع كلمات لا أفهمها…تفاصيلك التي تحملينها أنت كالأخريات … أتذكّرها جيدا…بعض الرماد ينهض منك… يقوم على انفراد بالتغريد…أ كنت تمضين عنوة الى الاسفل ؟!…لنلتقي عند هذا العمق اذن ؟…بعد انفراط كل هذا الزمن…أحسّك كقطعة ثلج باردة…كم مرّة صٌُلب ذاك الجسد؟…كم أحرقتِ من الدفاتر حتى الآن؟… لما يورق الخوف من قامة ماضيك الطويل حين تتحدّثين؟… هل كان لا بد أن تمرّ كل تلك الصور أمامك؟…رأسك المنتفخ بالأسرار يقلّب حشرجة غريبة تخفينها… لكنّها تتسرب كطوفان …تحقنك بارتعاشات غيبوبة حزن…يرسم الزمن خطّا ذابلا… لمن تويج زهرة النّار؟ هذا الذي على جسدك؟!…لما كل الأشياء تخرج الآن؟!…و تنهار القصيدة بعد أن تستنزف الحبر…تتجمد الذاكرة مقفرة… على السّرير تتمدّد امرأة غريبة… ألم يبقى غير ذكريات تتدلى هكذا بيننا ؟!…تتداخل مع تواريخ قديمة…و أنت ترتطمين بعد كل تلك الألفة بالفراغ…تصارعين ركام الكلام المدون على الحيطان… تشدّين الذاكرة بخفوت…لكي لا تثبت غيرأسماء كثيرة عابرة…تحتشد على جسد النسيان بعناد… عبثا تبحثين عن قلب آخر…ملجأ ضيق آخر يدفؤك تريدين ؟…مخبأ جديد لموسم الشتاء الذي بدأ؟ …و أنا أتأمّل وجهك بذهول…أبتعد في مجرى الرّيح… أختفي مبكرّا مع النهاية… أقطع طريق العبور… أمضي مطأطأ الرأس… معي أصداء صورك … أطياف غريبة تزحف أمامي… امرأة تحتضن السيف…تصارع فوق النصال بزنبقة…لا شيء…لا شيء مجرد رسوم قديمة…. على مرآة فارغة../…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي