الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفقا بهذا البلد

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لا نبغى سوى الحقيقة حين نقول إن مصر من أعرق وأقدم الدول فى المنطقة والعالم أجمع إذ يعود تاريخ نشأتها إلى عام 3000 قبل الميلاد وبفضل وضعها الاستراتيجى وعبقرية موقعها فقد استطاعت مصر أن تواجه الكثير من التحديات عبر العصور وشهدت عتبات شواطئها تحطم آمال الغزاة والمعتدين. وفى الواقع فإن التجربة التى خاضتها مصر فى مسيرتها التاريخية لم تمر بها دولة من الدول، فرحمها يحتوى على أشكال مختلفة من الحكم تواردت عليها من كل حدب وصوب، كالحكم الفارسى فى عام 525 قبل الميلاد والحكم البطلمى فى عام325 قبل الميلاد والحكم الرومانى فى عام 30 قبل الميلاد ثم الحكم العربى فى عام 639م والحكم العثمانى فى عام 1517م والحكم الفرنسى فى عام 1798م والحكم البريطانى فى عام 1882م. واليوم تمر مصر بأكبر تحدى لها منذ انتصار أكتوبر 1973م وعودة أرضنا المحتلة فى سيناء. وهذا التحدى يكمن فى ضرورة استعادة مصر لمكانتها الثقافية والسياسية على الصعيدين الإقليمى والعالمى من خلال معالجة كيانها الإنسانى ومراجعة وتطوير وإدخال قوانين تنظم أمورنا الاقتصادية والاجتماعية والتجارية. وتجدر الإشارة إلى أن التأنى فى إصدار التشريعات واللوائح ومناقشتها ودراسة كل جوانبها قد تساعدنا كثيرا حين نبدأ فى تفعيل هذه القوانين إذ أنها ستنال رضاء المواطن وإحساسه وفهمه بأن هذه القوانين تهدف إلى تحسين وتأمين أحواله الحياتية وشئونه المستقبلية ولا تتضمن ما يؤدى إلى تعكير أو تعقيد هذه الحياة.

من المعروف أن هناك قوانين تنتظر يد التعديلات كقانون الضرائب العقارية وقانون المرور. إذا أمعنا النظر فى قانون الضرائب العقارية سنجد أن الدولة من حقها أن تفرض ضرائب على العقارات مع الأخذ فى الاعتبار دخل الأسرة والعائد المادى للعقار. ولا نضيف جديدا إذا قلنا إن هناك عقارات كثيرة فى قلب القاهرة والمحافظات تئن تحت وطأة الإيجارات القديمة ولا يكفى ريعها لشراء كيلو لحمة، هذا رغم أن متر الأرض المقامة عليها هذه العقارات يتعدى الملايين. ومن ثم فإن قانون الضرائب العقارية بصدد توجيه ضربة قاضية لأصحاب العقارات القديمة خاصة فى المناطق الراقية حيث أن سعر العقار سوف يتم تقييمه وفقا لسعر الأرض فى الوقت الحالى وهو سعر لا يمكن تخيله لأن سعر متر الأرض الفضاء بلغ 35 ألف جنيه فى الزمالك و25 ألف فى المهندسين و11 ألف فى مصر الجديدة. والسؤال الذى يطرح نفسه: كيف ستطالب وزارة المالية أصحاب هذه العقارات القديمة بدفع آلاف الجنيهات. أعتقد أن هذا التوجه يعوزه العدالة والنظرة الثاقبة لمجريات الأمور. أما بالنسبة للمرور فإنه فى حاجة إلى قانون يهدف إلى تقليل الحوادث وتحقيق الانضباط فى الشارع المصرى وفى الحقيقة فإن المشكلة لا تكمن فى القوانين بل فى تفعيلها وتطبيقها على سائر المواطنين والعمل على التخلص من المحسوبية وتوفير الحماية لرجال المرور من بطش وإغراءات وتهديدات أصحاب النفوذ والمال وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم ثم فرض رقابة صارمة على أعمالهم إذ يتعين على الشرطى أن يكون منضبطا ومحترما للقوانين التى يعمل فى ظلها لكى يحقق الانضباط والالتزام ويحد من التجاوزات فى الشارع.

وإلى جانب تطوير هذه القوانين فإن هناك تحديات أخرى تواجه وطننا ولا سبيل لمواجهتها إلا من خلال إدخال قوانين جديدة تعمل على إزالة الاحتقان من صدور المواطنين وعلى تعميق روح الانتماء فى نفوسهم. نحن نتوق إلى قوانين من شأنها ضبط السوق والتصدى لزيادة الأسعار الناجمة عن احتكار السلع. لقد بات واضحا أن هذا هو السبيل الوحيد لمواجهة مطالب فئات عديدة تسعى إلى زيادة مرتباتها التى باتت عاجزة عن مواكبة الزيادة المطردة فى الأسعار. وقد نتفق أنه لا مفر من قوانين مغلظة تحد من التعذيب (البدنى أوالمعنوى) والمعاملة السيئة للمواطنين فى بعض مصالح الدولة وتحديدا نحن فى حاجة الى قوانين تجرم عرقلة العدالة والتدخل السافر للتستر على مخالفة القوانين. ونحن قد نعجز عن إخفاء اشتياقنا إلى قوانين تشجع المواطنين على المشاركة فى الانتخابات بكل مستوياتها ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال الشفافية وتأكيد النزاهة. لقد تلاحظ أن التسويد والتزوير عادا بعد طول غياب خلال الانتخابات الأخيرة التى أجريت يوم الثلاثاء 8 إبريل. ومن لا يصدق ذلك فليفحص الصناديق الانتخابية فى اللجنة التى أدلى بها صوته حيث سيفاجئ بأن الصندوق الذى لم يحتوى إلا على 80 ورقة اقتراع فى انتخابات مجلس الشعب السابقة يحتوى الآن على 800 ورقة اقتراع. والسؤال الذى ينتظر إجابة شافية: هل معنى هذا أن المشاركة فى المحليات أكبر وأعمق من المشاركة فى انتخابات البرلمان؟

نود لو أغمض كل منا عينيه لفترة وجيزة وتخيل حال هذا البلد بعد خمسين عاما من الآن. قد تتساءل: ماذا سوف يقول الأبناء والأحفاد عن إبائهم وأجدادهم؟ هل سوف يدعون لنا ويذكرون تلك الأعمال الجليلة والإرث العظيم والقوانين والدساتير التى تركناها لهم أم سوف يلعنون حياتهم ويتمنون لو أنهم لم يولدوا ولم يخرجوا من بطون أمهاتهم؟ الآن تستطيع أن تفتح عينيك فالإجابة عن هذه التساؤلات سوف نتركها للأجيال القادمة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد سنوات من القطيعة.. اجتماع سوري تركي مرتقب في بغداد| #غرف


.. إيران تهدد بتدمير إسرائيل.. وتل أبيب تتوعد طهران بسلاح -يوم




.. وفاة طفل متأثرا بسوء التغذية ووصوله إلى مستشفى شهداء الأقصى


.. مدرسة متنقلة في غزة.. مبادرة لمقاومة الاحتلال عبر التعلم




.. شهداء وجرحى بينهم أطفال في استهداف الاحتلال مجموعة من المواط