الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يواجه العنف الطائفي بعنف طائفي

عبد العالي الحراك

2008 / 4 / 19
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


عندما سقط النظام السابق في العراق في التاسع من نيسان 2003 ظهر الاستقطاب الطائفي مباشرة , متمثلا بعناصر تنظيم القاعدة والتيارات الاسلامية السلفية والتكفيرية المتطرفة التي يحركها ويدعمها الفكر الوهابي العنفي المتخلف جدا واحتمت بين صفوفها بقايا النظام السابق والمتسريحين من القوات المسلحة والشرطة وقوات الامن المختلفة والتحقت بها مجاميع غفيرة من سكان المناطق الغربية من العراق ذات التفكير المناطقي والعشائري المتشدد والمنغلق على نفسه , معتقدين جميعا بضرورة اتحادهم وتكاتفهم ضد فريق آخر قادم مع الاحتلال الامريكي , للسيطرة على السلطة وحكم العراق , يمثله تيارا سياسيا اسلاميا شيعيا (تآلف لاحقا في تكتل طائفي مكشوف) متحالفا مع تيار قومي كردي واضح في توجهه القومي , الذي لم يتوقعه الشعب العراقي . وحصلت الازمة العامة وانحدرت البلاد في هاوية لا يعرف عقباها ولا تحصى نتائجها السلبية حاضرا ومستقبلا . ازاء هكذا موقف وهكذا اصطفافات تفريقية وتمزيقية قاسية للشعب وللوطن, كان لابد من القوى والشخصيات الوطنية واليسارية مفر من ان تتخذ موقفا اخر وطنيا انسانيا يجمع الشعب العراقي بكافة مكوناته واتجاهاته السياسية الوطنية والمذهبية والاثنية والدينية وغيرها رافعا شعار الوحدة الوطنية معارضا للشعارات والمواقف والاصطفافات الطائفية . ولما لم يحصل هذا ولم تتبلور في الافق حركة سياسية تنزل الى الشارع تدعوهذا المدعى .. تطورت الاوضاع سلبيا وحصل التدهور في الوضع السياسي والاجتماعي العام في البلاد وسيطرة الظاهرة الدينية الطائفية والمناطقية وانتشرت الدعوات الفئوية الى المستوى المتدني جدا , بحيث غاب الحس الوطني وانعدمت كل المواصفات الانسانية والمدنية في حياة العراقيين حتى اخذ على بعض التنظيمات اليسارية ايضا انحيازها مع هذا التيار الطائفي دون الآخر ولم يستطع قادتها الدفاع عن مواقفهم بسبب مشاركتهم في العملية السياسية التي انطبعت هي الاخرى بالطابع الطائفي وعبرت عنه اقبح تعبير في كثير من تصرفات وتصريحات قادتها ومن مختلف الاتجهات والطوائف . اما على المستوى الفردي للاشخاص فقد انبهروا لهذه الحالة المرعبة , فانكفأ البعض على نفسه واتخذ موقف الانعزال واللامبالاة وانحاز البعض الاخر مع هذه الطائفة او تلك التي ينتمي اليها عائليا , دون ايمان حقيقي حفاظا على نفسه وعائلته , او مجرد رد فعل انتمائي عاطفي لا واعي. ضمن هذا الواقع المتردي وهذه الحالة العامة الغريبة التي حملت الشعب والبلاد ما لا يطيقه شعب من الشعوب ولا بلد من البلدان في كل المراحل والحقب التاريخية.. ما العمل وما الحل ؟؟ العمل يبدأ من مراجعة النفس واعادة البناءعلى اساس العقل والوعي ورؤية الواقع والنظر الى المستقبل. على الاحزاب كافة ان تراجع نفسها وخاصة طلائعها وكوادرها الواعية جماهيرها وهي الاكثر تضررا لانها جزء من الشعب , فقد يكون قادتها في مواقع الاستفادة الشخصية المبنية على الانانية والابتعاد في مكاتبهم ومنطقتهم الخضراء .على هذه الطلائع والكوادر و الجماهير ان تناقش قياداتها بكامل الحرية والجرئة والشجاعة وان تستخدام العقل والحجة ومعطيات الواقع وان تطالبها اولا بالتخلي عن المذهبية والمناطقية والقومية والطائفية وان تطرح شعارات وطنية انسانية وتسعى الى تطبيقها عمليا دون النظر والغيرة من الاخرين وليبدا كل تنظيم بنفسه وان يعتذر لنفسه ولغيره بان ما فعله من عنف طائفي اضر به واضر بالجميع واخر الوطن والشعب ومكن الاحتلال الامريكي من ترسيخ وجوده الذي سيهتز عندما يتحد الجميع على الاسس الوطنية . مع هذه التفرقة ايضا تمكنت ايران من التدخل المر والسافر في شؤؤننا بشكل لا يطاق . عندما نستخدم عقولنا لا عواطفنا وننظر الى واقعنا الحالي , سنجد حكومة ضعيفة مقيدة لا تفعل شيئا , ونجد احتلالا امريكيا وآخر ايرانيا يتصرفان بها كما يشاءان وخيرات تهدر وتسرق والناس تتضرع جوعا وحرمانا . فالحاضر مؤلم والمستقبل مظلم والتغيير مطلوب ليزيل الالم وليضيء الطريق نحو مستقبل زاهر يعيش فيه شعب صبور ويتمتع بخيراته الوفيره وعقول ابناءه المتنورة التي تملأ ارض الدنيا . على الافراد المستقلين ان يرفعوا اصواتهم في سبيل الارتقاء بالوعي الوطني ومناهضة الطائفية ولا مجال للاستقلال الفردي في هذا الظرف الصعب . فالانتماء الى الوطن ضرورة انسانية من اجل الانقاذ والخلاص .
بوركتم جميعا يا ابناء العراق لصبركم ولتحملكم ظلم الاشرار وعبث العابثين..واسفاه على مدينتني البصرة الآمنة الجميلة ان يخربها الجهلة والحاقدون بعد ان خربتها الحروب الهمجية السابقة . استثمروا الانتخابات القادمة واستعدوا لها على الاساس الوطني ونظموا انفسكم ولا تعطوا اصواتكم للطائفية والطائفيين. ان الانتخابات حق وواجب في نفس الوقت فلا تتنازلوا عن حقكم ولا تهبوه مجانا او يستمر في القتل كما قتلكم عندما انتخب معظمكم الجهلاء والاميين وكانت عواقبها مؤلمة .. حتى وان كانت غالبية ابناء الشعب لا يعرفون من الديمقراطية شيئا ولم يجربوها سابقا ولكن جربوا ويلات العبث بها من قبل الجهلاء والاميين , فلا تكرروا ما فعلتم وانتخبوا الوطنيين الاخيار . لقد تحركت عواطفهم نحو المرجعيات الدينية والتقاليد الاجتماعية واحزاب الاسلام السياسي التي قادتكم نحو عذابات ستطول فتراتها اذا بقيتم على هذه الحال ..اصبح واضحا للجميع بان العنف الطائفي لا يحل بعنف طائفي يقابله ولا يقابل التكتل الطائفي بتكتل طائفي ولا القتل على الهوية بقتل اخر يشابهه ولا يقابل الجهل بالجهل. بل ب العلم و العمل واستخدام العقل من قبل اهل العقول النيرة المسؤؤلة ... لو كانت هناك احزاب وطنية في الساحة البصرية والعراقية عموما تنظم الجماهير ضد العنف الطائفي لما تدهورت الامور الى السئ ثم الاسوء. من التزم بالوطنية واليسارية يجب ان يكون طريقه طريق العقل والعلم والمنطق الذي يهدي صاحبه الى تحقيق مصلحة الوطن والشعب وليس المذهب او العشيرة او الطائفة , لان هذه الاموروالمواقف تفرق ولا توحد . فالائتلافات الطائفية التي ظهرت بسبب التخلف الاجتماعي والثقافي ووجود الاحزاب الاسلامية ذات البناء الطائفي التي عمقت المأساة ودعمها من قبل المرجعيات عقد الامور وسد الابواب بوجه الجميع نحو الحل الصحيح , فاصبح كل طرف يبحث عن مصالحه ونسي الشعب. ادعوكم انتم ايها اليساريين الى العمل الجدي من اجل بث روح الوحدة الوطنية والتكاتف واستنهاض الحس الوطني لدى ابناء العراق وابناء مدينتي البصرة الاغيار, التي ظهر فيها ومنها الخير دائما فمن ارضها يخرج النفط وفي بساتينها وعلى ظفاف شط العرب تشمخ النخيل ومن موانئها يصل الخير الى افواه العراقيين كافة .. ومنها ظهر العلماء والادباء والمثقفين .. ومنها ظهرت الاحزاب الوطنية وتأسست النقابات .. ومنها انطلقت اولى المسيرات والمظاهرات والانتفاضات .فلا يقبل اهل البصرة المعطاء ان ينتشر فيها الجهل والجهلاء الذي يسوقون العنف ضد الشعب ولا يقبل اهلها ان تقوم الميليشيات بمعاقبة شعبها لانه شعب معطاء يريد الحرية .. الحالة لا تطاق ويجب ان يتحرك اليساريون في البصرة وغيرها من مدننا في هذا الاتجاه دون ان يجاملوا احزاب الاسلام السياسي , فقد جرت هذه الاخيرة البلاد الى الدمار وكلما استمرت بالحكم كلما تدهورت الامور نحو الاسوء. اتمنى ان تفاجئنا الجماهير الواعية بنتائج انتخابات جديدة في المحافظات ومنها البصرة. ولكن كيف يحصل هذا ولا يوجد الحزب الوطني المؤهل الذي يتبنى هذه الجماهير ويقودها نحو بر الامان والخلاص ؟ اعتمدوا على انفسكم ولا تعطوا اصواتكم الا وانتم متأكدون بانها اصوات لا تقتل الابرياء اصوات تبني وتعمر ما دمره الاشرار. اتمنى لكم السلامة والامان يا اعزائي العراقيين ويا ابناء مدينتي الجميلة المنكوبة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماهي تداعيات صعود اليمين المتطرف الفرنسي على الدول المغاربية


.. حكومة حزب العمال في بريطانيا: أية سياسة نحو غزة وأوكرانيا؟




.. بريطانيا.. وصول زعيم حزب العمال كير ستارمر إلى قصر باكنغهام


.. استطلاع يظهر تحقيق حزب العمال فوزا ساحقا على حساب المحافظين




.. الانتخابات البريطانية.. فوز حزب العمال في الانتخابات العامة