الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة كارتر لسوريا تحرق الأحرار والديمقراطية

بشار السبيعي

2008 / 4 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


يستعد الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر للتوجه لسوريا، المحطة الثالثة له في جولته الشرق الأوسطية، للقاء الرئيس السوري بشار الأسد و من ثم لقاء متوقع مع القيادي في حركة حماس ومدير المكتب السياسي خالد مشعل بعد أن إلتقى اليوم بأعضاء قياديين في الحركة نفسها في مصر.
وقد صرح الرئيس السابق كارتر خلال جولته في إسرائيل والضفة الغربية بعد أن إلتقى مع القيادي في حماس والمسؤول عن قطاع غزة محمود الزهار أنه " سيحاول أن يطالب سوريا بأن تلعب دوراً بناءً في عملية السلام في المسارين العراقي واللبناني" وأضاف أن عملية السلام في الشرق الأوسط "يجب أن تتضمن منظمات مثل حماس". مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تعتبر حماس منظمة إرهابية و ترفض التعامل معها!!
مع كل الإحترام للرئيس كارتر و جهوده السابقة في إحلال أول معاهدة سلام بين العرب وإسرائيل، ولكن لابد من السؤال اليوم عن مدى عمق الرؤية التي يحملها الرئيس كارتر في إيجاد حل لمعضلة السلام في الشرق الأوسط. هل أصبحت عملية السلام في الشرق الأوسط إحدى السلع التي ترفع من شأن حاملها و تشرق شمساً جديدة على كل من نادى أو ينادي بها اليوم في واشنطن؟ أم أن اليسار الليبرالي في الولايات المتحدة قد خلت جعبته من حلول للشؤون الإقتصادية الداخلية للبلد و أصبح يردد شعارات السلام في الشرق الأوسط لإحراج اليمين الجمهوري والإدارة في البيت الأبيض؟ فنحن لايمكن لنا أن نستخف في قدرات الرئيس كارتر على إستيعاب جوهر القضية العربية والإسرائيلية بكل مساراتها. فهو الذي إستطاع أن يجلب أول طرفين في ذلك الصراع إلى طاولة الحوار ومن ثم إحراز أول معاهدة سلام مابين إسرائيل و جمهورية مصر العربية. ولكن اليوم يبدو أن رؤية الرئيس الأمريكي السابق كارتر أصبح يشوبها ضباب الخداع والتلاعب الكلامي الذي يسوقه النظام السوري من جهة و منظمات رجعية من جهة أخرى.
فبعد أن عجز المسؤولين الرسميين في البيت الأبيض عن الوصول إلى تفاهم منطقي مع قصر المهاجرين لإحلال السلام في المنطقة والكف عن تدخل النظام الأسدي في شؤون الجوار، و بعد أن خاب ظن رئيسة مجلس النواب الأمريكي السيدة نانسي بيلوسي بعد زيارتها للرئيس الأسد في ربيع السنة الماضية، وبعد أن خاب ظن السيناتور أرلن سبكتر والنائب باتريك كنيدي في شتاء السنة الماضية، تأتي زيارة سيادة الرئيس الأميريكي السابق لتفتح أبواب الخيبة مرة أخرى أمام العالم المتحضر وتحمل معها حقنة جديدة من ثقة النفس للرئيس الشاب الذي لم يعد عقله يتسع بأحلام صلاح الدين الأيوبي الثاني مجسدة بخطابه الشهير الذي وصف به أشقائه العرب ب " أنصاف الرجال".
المشكلة لاتكمن في زيارة ساسة الدولة الأمريكية، فهي إن دلت على شيء فماهو إلا الدليل على نزاهة النظام الديمقراطي التي تمارسه الولايات المتحدة في دولتها ومؤسساتها. فالكل يعرف أنه ليس هناك من قوة على وجه الأرض تستطيع أن تمنع أعضاء من الكونغرس الأمريكي أو أشخاص و رجال أعمال أمريكيين من لقاء أنظمة دول أو منظمات معادية للولايات المتحدة، ولكن تداعيات و عواقب تلك اللقاءات على الحركات الديمقراطية التي تكافح من أجل الإطاحة بتلك الأنظمة الفاسدة في الشرق الأوسط أصبحت تتفاقم يوماً بعد يوم و تسبب المأسي لأصحاب الفكر الحر والقضايا العادلة في تلك البلدان الديكتاتورية وأقبية سجونها.
فبعد كل لقاء أو زيارة من محبين السلام من العالم الغربي و الذين يصفون أنفسهم باليبراليين، تدفع الحركات الوطنية في المنطقة التي تقبع تحت رحمة تلك الأنظمة الثمن الباهظ، وتشن فروع المخابرات المحلية السورية حملة إعتقالات جديدة على أصحاب القلم والضمير الحر.
ألم يحن الوقت لأن يفهم اليسارالأمريكي مدى تورط النظام السوري في إسقاط كل المشاريع والمبادرات العربية والدولية المتجسدة في قرارات الأمم المتحدة والجامعة العربية؟ النظام السوري اليوم ليس في جعبته من شيء إيجابي يقدمه على طاولة المفاوضات. فهو غير قادر أن يتخلى عن نفوذه على بلد الجوار لبنان أو أن يصنع السلام مع إسرائيل أو أن يفك إرتباطه مع دولة الإرهاب الإيرانية وأعوانها
في حزب الله و حركة حماس. فالمسألة اليوم أصبحت وجودية بالنسبة لهذا النظام الذي أصبح يخاف من شعبه أكثر من نفسه، ويزج كل معارض أو ناقد لسياسته في أقبية سجونه منذ عقود و حتى اليوم كما فعل ويفعل في أعضاء إعلان دمشق وغيرهم من أصحاب الضمير الحر.
سيعود الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، بعد أن يسلط أضواء الإعلام والمدنية من جديد على تلك الحفنة المرتزقة في النظام السوري، وفي جعبته وعود تشابه الهواء الرطب في صيف حار فهي إن حملت الكثير من الراحة المؤقتة لا تبقى أكثر من بضع دقائق ليعود حر الصيف ليحرق بلهيبه كل من أراد أن يرفع صوت الحرية والكرامة في سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24