الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط الطاغية أمْ سقوط العاصمة ؟

عبد الرزاق السويراوي

2008 / 4 / 19
كتابات ساخرة


بحلول يوم 9/4/2008 يكون قد مضت خمس سنوات على ما إعتدنا تسميته بـ السقوط , وهذه المفردة التي دخلت قاموس تعاملنا , قابلة لأنْ تمنح لنفسها معاني شتى , تَبَعاً لمقاصد القائل بها أو سامعها . ومنْ بينها , سقوط الصنم/الطاغية وأيضاً سقوط العاصمة بغداد . والعلاقة ما بين هذين المعنيين أو السقوطين , هي الإخرى قابلة لتعدّد التأويلات والمعاني , فثمة بينها علّة ومعلول , تتشكّل في دلالاتها معادلة تجوز قراءتها من وجهين , الأول : سقوط الصنم/الطاغية بحيث يمكن إعتباره علّة لسقوط العاصمة ,والثاني أنّ العكس ممكن أيضاً , بمعنى أنْ سقوط العاصمة يمكن أنْ يكون علّة لسقوط الصنم/الطاغية . ولا أريد هنا الإستطراد أكثر في أمر أيّ السقوطين كان سبباً في إسقاط الآخر , وانما أودّ الإشارة الى مفارقة مؤلمة حقاً , يسْتبْطنها هذا الترابط التعسفي لهذين السقوطين ( الطاغية /والعاصمة ) , حيث أنّ من المقطوع به حتماً , أنّ فرح العراقيين بسقوط الصنم/ الطاغية , هو ضمن كل معايير الدنيا , أكبر من أنْ تبلغ وصفه الكلمات ,ولكن في قبال هذه الحقيقة , هناك سقوط العاصمة بغداد وهذه حقيقة ايضا لا يمكن بأيّ حال القفز عليها أو غض الطرف عنها ,وهذا هو جوهر المفارقة التي أشرت إليها ,ولعلّه بالإمكان القول هنا , ووفقاً لبعض الإعتبارات , أنّ منْ قسوة الفعل التاريخي , هو أنه وضع العراقيين في يوم 9/4/2003 أمام حالتين أقلّ ما يقال في توصيفهما هو تنافرهما من حيث وقْعهما على النفس , فأحدهما مفرح ( سقوط الصنم/الطاغية ) والإخر محزن ( سقوط العاصمة ) , وأشدّ ما في هذا الترابط القسري بالنسبة للشعب العراقي , هو إنعدام الخيار بين القبول بسقوط الصنم/الطاغية أو رفض سقوط العاصمة , ذلك لأنّ العوامل التي دفعت بهذين السقوطين سوية , وبطريقة التوازي , كأنّها أحكمتْ قولتها للعراقيين : أنْ لا سبيل للخيار بفصل أحد الخيارين أو السقوطين عن صاحبه , فالمعادلة حًسمتْ بأنْ تكون : سقوط الصنم /الطاغية مقابل سقوط العاصمة . ورغم ذلك يبقى ليوم 9/4/2003 وقعه الخاص في نفوس العراقيين بل وفي صفحات التاريخ العراقي كله . ولكن ثمة مَنْ يغيضهم ويكدر صفوهم هذا اليوم , بدعوى أنه يرمز لسقوط العاصمة بيد الإحتلال فلا يصحّ الإسْتبْشار به , وهو إدّعاء في جوهره , يأتي من باب كلمة حق يُرادُ بها باطلاً . فهؤلاء ما زالوا على ديدنهم القديم /الجديد , يحزنهم ما يفرح العراقيين , ويفرحهم ما يحزن العراقيين , ولا ينظرون الى هذا اليوم , إلاّ من الزاوية التي تتناغم مع ما تخفيه أنفسهم من نزوع شاذٍ لحبّ التسلّط على العراقيين , وكأنّ أكثر من ثلاثة عقود من الهيمنة , لم تشبعهم , وما بكائهم على بغداد بقدر ما هو بكاء على إفتقادهم للسلطة في مثل هذا اليوم . والأجدر بهم , أنْ يوجّهوا اللوم والتوبيخ الى أنفسهم , ويحمّلوها تبعات سقوط العاصمة , لأن السياسات اللاّمسؤولة والحروب المستمرة التي خاضها صنمهم الساقط في 9/4/ , هي التي جيّشت الجيوش وأتتْ بها الى العراق ومن كل بقاع العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا