الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفكر الأمريكي هنتجتون وصراع الحضارات..

عبده جميل اللهبي

2008 / 4 / 20
العولمة وتطورات العالم المعاصر


استطاعت أفكار المفكر الأمريكي صامويل هنتجتون،إثارة الكثير مـن الجدل في السنوات الأخيرة ،حين وضع تسلسلاً لمراحل الصراع فـي التاريخ، الذي انتهى فيه إلى أنه بنهاية الحرب الباردة ، سوف تبدأ مرحلة جديدة من الصراع بين النظام العالمي الجديد مع الحضارات الأخـرى.
وأخطر هذا الصراع مع الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية، لأنهما حضارتان تستعصيان على النموذج الغربي..
أي أن المكونات الثقافية والقيم الأساسية لهاتين الحضارتين سوف تظل بعيدة عن الالتئام والذوبان في الخصائص والسمات التي تميـــــز الغرب..فكان طبيعياً أن يتنبأ هنتجتون بالصراع مع الثقافة الإسلامية ومثيلتها الصينية.. والذي يفسر الى حد كبير فشل قيام الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني في العالم العربي والإسلامي..
ومن العجيب في أفكار هنتجتون رغم الانتقادات التي واجهته في العالم الإسلامي ، أنها تلتقي بدرجة أو بأخرى مع أنماط وألوان من المواقف التي تتخذها بعض النخب السياسية في العالم العربي وأسيا وأفريقيا، التي ترفض قيم الغرب وترى في الترويج لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان محاولة لإعادة الهيمنة الغربية وفرض القيم والسياسات الغربية التي لاتتفق وتقاليد مجتمعاتنا الإسلامية..بل أن البعض يرى في هذه المبادئ والتأكيد عليها نوعاً من المؤامرة التي تستهدف كياننا وديننا محدثتا البلبلة في مجتمعات لها تقاليدها العريقة ..
فيما يذهب البعض إلى اتهام هذه الأفكار بأنها نوع من الغزو الثقافي الذي يمهد لغزو عسكري وتدخل أجنبي لامحالة ..
فإذا تأملنا في هذه الحجج فسنكتشف أنها نفس الحجج التي تستخدمها الجماعات الإسلامية المتطرفة التي لجأت إلى استخدام العنف والإرهاب باسم الإسلام بدعوى إنقاذ المجتمع من جحافل الكفر والانحراف بالمسلمين إلى مهاوي الانحلال والتفسخ..
رغم هذا كله فإن هذه الاراء والأفكار كان لها سببها وواقعا التاريخي والزمني الذي تنطلق من خلاله.. فالفترة الاستعمارية التي عاشها العرب بأحضان الاستعمار كانت كافية لإنتاج مثل هذه الحجج الواهية واستمراؤها بين الشعوب..
اليوم أصبح الوضع يختلف عما كان عليه في السابق وأصبح الغرب ينظر إلى هذه البقعة من العالم بعين الرحمة والشفقة في محاولة منه لإخراجها من أزماتها وتخلفها الذي جعلها بعيدة عن العالم غريبة عن العصر ومتنفساته العملاقة..
الفجوة التي عاشها العالم العربي بعد هيمنة الاستعمار كانت السبب في نقله إلى أحضان أنظمة دكتاتورية إقطاعية لاتراعي حقوق الإنسان ومتطلبات الشعوب..
أحلام التحديث والنهوض التي كانت تراود العرب في حال خروج الاستعمار الأجنبي سرعان ماتبخرت بعد الاستقلال بفترة قصيرة من الزمن..وتبدلت إلى عقد نقص كبيرة متنامية ثقافياً وردات فعل عكسية بعد العجز الكامل من تطوير وتنمية العالم العربي وإخراجه من أزماته وتخلفه العريق..
وواقع الأمر أن دول العالم الثالث والدول العربية والإسلامية حين ترفع شعار تمايز ثقافتها وخصوصية مجتمعاتها ومغايرة معتقداتها على ماعند الغرب فهذا لايعني أن الغرب يطالبها بالانسلاخ عن معتقداتها وميراثها..
فالحياة المدنية والتطور الحضاري ومسايرة الغرب في تطوره العلمي لاتعني انسلاخ الإنسان المسلم أو العربي أو الأفريقي عن معتقداته ومذاهبه. ولاتعني أيضا انغلاق الثقافة الإسلامية وانعزالها عن مؤثرات العصر..وعن مبادئ الديمقراطية والتطور التي حكمت تقدم المجتمعات الأخرى..
فقوانين تطور المجتمعات تسري عليهم كما تسري علينا، وليست شعوبنا وثقافاتنا دون أهل الأرض جميعاً هي التي يتوالد فيها الإرهاب والأنظمة المستبدة وتكرس كل أساليب القمع وتجهض الحرية والديمقراطية وتعجز عن الخروج من أسر التخلف وتظل في إحباطها المتلاطم الأمواج في عالم يغتصب الحقوق ويهرول نحو القمة..
فهناك دعوات للتعايش مع الأخر مهما كانت معتقداته أو مذاهبه أصحابها رجال دين ومفكرين إسلاميين وعلمانيين عرب ، ودعوات إلى الحوار الذي سيعطي هذه الشعوب حريتها واستقلالها ويؤمن لها مصالحها مع العالم..
فالمشكلة اليوم ليست في قول الناس "ربنا الله" بل هي في المفاهيم الدينية والمعتقدات المغلوطة من قبل البعض المتطرف..
اليوم لازالت أمكانية الحوار مع الغرب قائمة ومعترف بها ولن يظل التناقض الداخلي الذي يعيشه العالم الإسلامي صامدا طويلاً أمام المتغيرات الحياتية والاقتصادية التي تهز العالم وتغيره تغييرا كلياً..
فإذا ظل العالم العربي على تخلفه ، تحتضنه سياسات استبدادية وقوى قمعية، ورجال دين كهنوتي يفرضون سطوة السيف ورفض الآخر .. هنا حتماً سندخل مرحلة جديدة من الصراع العالمي بين شعوب تناضل من أجل الحرية والتمدن وأخرى تناضل من أجل التخلف والعيش في قماقم الماضي باجترار عمائم السلف وسيوفهم وسراويلهم أيضاً...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح