الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة عن تعثّر موجة التغيير ودَمَقْرطة الأنظمة العربية

حميد خنجي

2008 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


حمل العالم معه ، مع دخوله الألفية الثالثة، تداعيات زلزال العقد الأخير من القرن العشرين الذي قيل عنه أنه القرن الذي بدأ متأخراً وانتهى قبل الأوان ! والقصد طبعاً ابتداءً من الثورة البلشفية في سنة 1917 وتأسيس الاتحاد السوفيتي في سنة 1922 وانتهاءً بتفكّكه في سنة 1991 أي فترة " ثنائية القطبية" وما تلاها من نشوء الفترة الحالية ، الانتقالية (الضبابية) المعروفة بـ" أحادية القطبية" المتجسّدة في الهيمنة الأمريكية على العالم المعاصر، المُتّسمة بحروب وتدخلات كان الهدف المبكر منها الاستفادة القصوى من فرصة تلك الهيمنة واستثمار ما يمكن استثماره بُغية تداوى الجروح البنيويّة للولايات المتحدة الأمريكية ،العصيّة -أصلا- على العلاج الجذريّ ولو أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ونُخبها السياسية الأخصّائية والحِرَفية، ممثلي الصفوة الحاكمة أثبتت قدرتها وحيويتها البيّنتين على إعادة إنتاج مشروعها الليبرالي السائد بشكل دوري وجديد في كل مرة !



لعل منطقتنا العربية والشرق أوسطية كونها واقعة في بؤرة الاهتمام الأكبر للخطط الإستراتيجية الأمريكية، ليس بسبب الوفرة النفطية فحسب بل أيضا كونها تتشكل من أنظمة طاردة للنمط المؤسساتي العصريّ ، ذي تركيبة تحتوي على مناعة ذاتية –تاريخيا وجغرافيا-ضد التحديث والتنوير. والمنطقة تعاني من مشاكل متكدسة مزمنة على مختلف الصُّعد، تتجلى في تخلف اقتصادي اجتماعي ثقافي مؤسساتيّ بنيويّ وهيكليّ عام ، برغم الغِنى الظاهريّ وكنوز قارون التي تعود ملكيتها لشريحة صغيرة مستبدة ، مصابة بتخمة اقتصادية وشحّ ثقافي،الأمر الذي لا يؤهلها للفهم الموضوعي للمتطلبات المُلحّة للمركز والتخوم –على السواء- وضرورة التغييرات الحقيقية المنشودة لاستمرار الحياة السوية في منطقتنا حتى لا تنجر لحروب الطوائف المضرّة للقاصي والداني ، عدا حاملي لواء فكر الإقطاع القديم !



في السنوات الأخيرة ، خاصة منذ الألفية الثالثة المذكورة بدأ حراك سياسي واضح ولهفة نحو تحريك ركود القرون الماضية في المنطقة العربية ، تحديداً عند تخومها المشرقية المحافظة في دول الخليج وذلك لأسباب عديدة لعل أهمها ؛ وجودها بين كماشتي نظامين إقليمين ندّين، هما النظام الإيراني والعراقي، على اثر التداعيات التي رأتها المنطقة وبات ثقل التغيير العربي في الانتقال شرقا . ترافقت التطورات تلك مع سقوط النظام العالمي الذي كان قائما في فترة القطب الثنائي ونشوء ما أطلق عليه" النظام العالمي الجديد" المنبثق من سيطرة القطب الأمريكي الواحد وتفرد الولايات المتحدة للنفوذ والسيطرة ، المرتكزة أساساً في هذه المنطقة الحيوية المتّسمة بأهمية جيواستراتيجية وجيوبوليتيكية فريدة من نوعها بالإضافة إلى عنصري الطاقة و"السوق المفتوحة" الكامنة ، ذي الأهمية الحياتية لـ" اليانكي" ومن هنا تأتي أولويّة التحديث المؤسّساتي لأنظمة الحكم القائمة منذ عهود من وجهة النظر الأمريكية وهي الحاجة الموضوعية القصوى التي لم تستوعبها بعد النخب السياسية الفاعلة في بلداننا بمختلف مشاربها من جهة ، ولم تتبلور بعد في مشروع أمريكي واضح المعالم ومتكامل، من جهة أخرى!





حدث هذا بُعيد الحرب العراقية الإيرانية التي عرفت بحرب الخليج الأولى والثانية المعروفة بحرب تحرير الكويت الأمر الذي حدا بالمواطنين والمسؤولين البحث عن صيغ جديدة للعلاقة بين الحاكم والمحكوم. بل أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي حاول إعطاء شيءٍ من الغطاء الشرعي لنظامه السياسي من خلال إجراءات - شكلية- في منطقة لم تعرف أنظمة الحكم فيها أي نوع من المشاركة الشعبية حتى في حدودها الدنيا ، عدى الكويت منذ الستينات والبحرين –مبتوراً- في السبعينات. تطورت الأمور سريعاَ، بشكل غير مسبوق في البحرين والإمارات وعمان وقطر وحتى السعودية التي شكلت مجلس شورى استشاري. أصبحت المواضيع المتعلقة بمسألة وأهمية المشاركة السياسية ومحاولة تأسيس المجتمع المدني على لسان المواطنين العاديين والنُّخب السياسية وحتى أجنحة من الصفوة الحاكمة.. شهدنا الفعاليات العديدة من منتديات وأنشطة وكتابات ومعارض ثقافية وفنية رديفة الخ.. وبمشاركة وتشجيع السلطات الرسمية ، محاولة منها التكيف والتكييف مع الوضع العالمي الجديد والاستجابة لمتطلبات روح العصر الملتبس لديها –أصلا- محاولة منها الالتفاف وتحت الضغوطات الهائلة من الداخل والخارج ، لانحناءة مؤقتة ، آملة- متوهمة- مرور العاصفة وبعد ذلك قد تعود إلى سابق عهدها انطلاقا من القول المأثور ؛ "عادت حليمة إلى عادتها القديمة " !



تجاذبت –على استحياء- شيء من هذه الأفكار وغيرها في الحوارات (النظرية/المجردة الطابع) التي تلت المساهمة الثرية التي قدمتها الضيفة الإماراتية الدكتورة "ابتسام الكتبي" من خلال محاضرتها في ندوة جمعية "المنتدى" يوم الاثنين الماضي ، المعنونة " أهمية المشاركة السياسية وقيام دول مدنية في الخليج" والمشتملة على المبادئ النظرية العامة الأساسية للديمقراطية الليبرالية في ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث والتسامح والمساواة الحقوقية وحرية الرأي والعقائد وكل الأمور المتعلقة بالمفهوم النظري للدولة المدنية الحديثة . انصب الطرح على ضرورة اتخاذ الخطوات الجدية من قِبَل أصحاب القرار، تلخّصت في مفهوم المواطنة المساواتية بين جميع المواطنين إضافة إلى المساواة الجنوسية (المرأة) وضرورة تطوير التشريعات وسيادة القانون من حيث تطبيقها على الكل، آخذين بعين الاعتبار المسافة الشاسعة- حتى الآن- بين السلطة والدولة بين القبيلة والشعب بين الراعي/الرعية ودولة الرعاية المؤسّساتية



في المداخلات هناك من اختزل كل المعوقات في مشكلة الاقتصاد الريعي الجالب للثقافة الريعية المعوقين لأي مشروع إصلاحي، ومن تبحّر في التاريخ الحديث من أن الديمقراطية ليس شرطا ضروريا لمفهوم المواطنة الحديثة وغيرها من الأفكار والرؤى المهمة بالطبع ، التي في حاجة إلى مقارعة منهجية جادّة. أُثيرَتْ مسألة المعوقات للتغييرات المرجوّة من ناحية أن الحداثة السياسية ما زالت شكلية بمحتوى تقليدي،انصبت على الجانب الاقتصادي/التقنيّ ،عصية على التغيير الاجتماعي/الثقافي. بالإضافة إلى أن شعار "التدرج في عملية الإصلاح" الذي يحمله ويُسوّقه النظام العربي الرسميّ هو في الواقع، كلمة حق يراد بها باطل ! ولكن لم يتطرق أحد إلى آليات العمل وتفعيل هذا الشأن النظري إلى عمل واقعي واضح على الأرض .. ومَن هي القوى المؤهلة لهذه العملية التاريخية الصعبة؟! أسئلة عديدة تتعلق بحياتنا وبمستقبل الأجيال القادمة.. سنحاول الاسترسال فيها وتفكيكها في أقرب فرصة ممكنة









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | بلينكن يعزف الغيتار في كييف بالتزامن مع تقدم


.. العربية ويكند | زوجة الأمير هاري تكشف للمرة الأولى عن أصولها




.. العربية ويكند | دراسات الجديدة: إبر فقدان الوزن تقلل خطر الإ


.. العربية ويكند | الإعلان عن نسخة ثورية من برنامج الذكاء الاص




.. العربية ويكند |-تيك توك- يعتزم وضع علامة على المحتوى المنتج