الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون ومرض حمى صدام حسين

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2008 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لعلي لا أئتي بجديد اذا ما قلت ان صدام حسين – كظاهرة – لم يولد من فراغ ، ولكن الجديد الذي اود ان اواجه نفسي به وباقي العراقيين هو ان كل عراقي مشروع لصدام جديد ! تحت جلد وفي دماء كل عراقي هناك صدام حسين – اعني الطاغية والدكتاتور وسوء استخدام السلطة وادعاء الوطنية والحرص على مصلحة المواطن – رابض ، واذا ما تهيأت له الظروف الملائمة فسرعان ما سيكشر عن انيابه ليصرخ بوجوهنا : انا صدام انا الوطني الوحيد الذي اصطفاني ربكم لاقودكم بحكمتي ونزاهتي ووطنيتي وحرصي على مصالحكم ورفع الظلم عنكم واحقاق الحق بينكم وانصافكم من انفسكم .......... والاهم تعليمكم وتثقيفكم بالخلق السليم والسلوك القويم واحترام الصالح العام والامانة تجاه امواله ومنع كل انواع الفساد المستشري بين صفوفكم ! ومن لا يصدق ادعائي هذا فادعو
له ان يستلم سلطة – اي منصب ومهما كان متواضعا – وعندها لينظر الى وجهه في عيون مواطنيه ! اسوق كل هذه المقدمة المملة بمناسبة الذكرىالاولى لما يسمى بمجالس الصحوة او مجالس الاسناد ، وبين هلالين : ميليشيات المدن السنية ! بالمناسبة ، تفتقت عبقرية قادة هذه الميليشيات مؤخرا عن اكتشاف ان تسمية ميليشياتهم بمجالس الصحوة تمثل اهانة من نوع ما اوانتقاص من قيمتها فغيروا تسميتها الى مجالس الاسناد ، وقد ابتدعوا لمن يصر على دعوتها بمجالس الصحوة عقوبة تأديبية لمدة اسبوع كامل ! في عام 2004 كنت اعمل في قسم تحقيقات احد الصحف العراقية وكان علي في احد الايام ان اكتب تحقيقا عن خدمات امانة العاصمة ، فحملت اوراقي وكامرتي وجلت في شوارع العاصمة لاتابع سير عمل عمال التنظيف واطلع على سير عملهم .. وبعد لقاء قصير مع احد مراقبي عمال التنظيف ، استأذن الرجل ليتناول افطاره في احد المطاعم القريبة ، بعد ان رشح احد كادره لمراقبة سير العمل اثناء فترة غيابه ؛ وما ان ابتعد الرجل بضعة خطوات حتى تحول العامل الى دكتاتور راح يأمر وينهي على زملائه ويطالبهم بالعمل بضمير وان يحللو ا اللقمة التي يأكلون ! فقلت له : ولكنك قبل قليل كنت تعمل بنفس الروح والاهمال بين صفوفهم ، فما الذي استجد فيك بعد ان صرت مراقبا لهم ؟
فرد : لا استاذ انت لا تعرف هولاء ، انهم لا يأتون الا بالعين الحمراء !
وبين هلالين فان صاحبنا قد تحول الى دكتاتور بمجرد ما ان قال له المراقب : راقب عمل زملائك في فترة غيابي . اذن روح الدكتاتورية التي تلبست صدام لم تكن حالة شاذة اصابة معتوه او مجنون سلطة ، وانما هي داء يتلبس معظم العراقيين ويجري في دمائهم ، بما فيهم كاتب هذه السطور ! وهذا ما يفعله قادة وامراء ميليشيات مجالس اسناد المدن السنية ، آخر مبتدعات قوات الاحتلال الامريكي في العراق لحماية جنودها ولا شعال المزيد من نار الفرقة والتشرذم في صفوف العراقيين . ففي مدينة سامراء ، على سبيل المثال لا الحصر ، والتي لا يزيد عمر هذه الميليشيات العشائرية - لكل عشيرة ميليشيا خاصة بها يقودها شيخ العشيرة او احد ابنائه – على ثلاثة اشهر ، سرعان ما تحول قادة هذه الميليشيات الى امراء حرب ومكاسب وراحوا يستأثرون لانفسهم بكل امتيازات السلطة ومنافعها ، واستخدام مواقعهم لغرض الاثراء السريع و وضع اليد على اوسع مساحة من النفوذ ، دون حسيب او رقيب ، بعد ان احاطوا انفسهم بطواقم الحماية ومكاتب السكرتارية والحجاب والاجهزة البوليسية التي تستدعي وتلقي القبض وتعتقل وتسجن وتعاقب من تشاء
في كل وقت ودون المرور على بحلقة القضاء او مركز الشرطة .
والتهمة جاهزة ولا تقبل الرد ، لا من الاجهزة الامنية ولا من قوات الاحتلال : معلوماتنا تؤكد انك ارهابي او متعاون مع الارهابيين !
المضحك المبكي في الامر هو ان هذه الميليشيات صارت تمارس دور القضاء وجهاز الشرطة ومركز التزكية والمباركة والطرد والاعتقال في ان واحد ! ومن يعترض فانه يهدد كالتالي : تسكت لو انسلمك للمغاوير!
لان مغاوير الشرطة اثبتوا ، وبامتياز ، انهم اكثر اجهزة قمعية وبطشا على طول تاريخ العراق المعاصر ! فما الذي جناه ابناء المدن السنية من مجالس الصحوة ... عفوا مجالس الاسناد غير استبدال الميليشيات العشوائية بميليشيات نظامية ؟ الحقيقة لاشيء سوى امتياز ان الميليشيات غير النظامية لم يكن نشاطها المال العام ومجالس الاسناد –
وبماركة الحكومة وقوات الاحتلال – تطال المال الخاص والعام وارواح المواطنين . فرحم الله صدام ، لا لانه يستحق الرحمة ، بل لانه كان اول من نبهنا الى مرضنا العضال هذا ، وايضا لانه لم يكن يقتحم علينا بيوتنا
الا بصحبة مختار المحلو و امر قضائي ، وان كان صوريا !
واخيرا اقترح ان نجري استفتاءا عاما لمن يملك الجرأة على تبرأة نفسه من مرض حمى صدام حسين من العراقيين ... ولو على صفحات الانترنيت ولنرى كم صداما يعيش بين ظهرانينا !










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما رصدته كاميرا شبكتنا داخل مستشفى إماراتي عائم مخصص لع


.. تساؤلات عن المسار الذي سيسلكه الرئيس الإيراني الجديد في العل




.. وفود إسرائيلية وأميركية في مصر.. هل الاتفاق بشأن هدنة غزة با


.. مراسلتنا: قصف مدفعي إسرائيلي على أطراف بلدتي حانين وعيترون ج




.. 5 مرشحين يدعمون القضية الفلسطينية فازوا بمقاعد في مجلس العمو