الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا يا عام الخلاص و أهلا بك يا عام الاستقرار

محيي هادي

2004 / 1 / 1
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


اليوم تنتهي حياة عام 2003 ليفسح الطريق بحرية  لولادة عام آخر جديد ، عام 2004.
سيذكرنا التاريخ بأن عام 2003 كان عام ولادة لعراق جديد، أعاد لنا حرارة الشمس التي أطفئها البعثيون الدمويون و أحرقوا العراق بنيرانهم، و أرجع  الأمل لكي يتمكن العراقي العيش داخل أرضه بدون أن يسمع كلب سائب ينبح معلنا أن  رجال مخابرات يزورونه في ظلام الليل، و بدون سماع نعيق غراب شؤم ينذر حدوث تقتيل في وضوح النهار.
عندما يعجز أطباءنا من معالجة مريضا لنا، و عندما تفتقد مستشفياتنا و صيدلياتنا لدواء الشفاء، نضطر الى أن نبحث عن الحل في خارج الوطن. فكثير من المرضى لاقوا حتفهم في داخل الوطن، وآخرون ساعدتهم ظروفهم على الذهاب الى الخارج ليجدوا العلاج الملائم ثم يعودوا. و هذه الظاهرة لم نجدها في بلدنا فقط بل و أيضا نجدها في أرقى المجتمعات في العالم.
و هكذا فإننا العراقيون لم نتمكن من إطاحة حكم الدم و الإرهاب الذي حل بأرضنا، فشعبنا قد زج في السجون و دفن في المقابر و قياداته المخلصة التي استطاعت النجاة اضطرت الى مغادرة البلاد. و لم يبق لنا حل الا استدعاء أطباء و جراحين من أوربا و من أمريكا، فاستطاع هؤلاء إجراء عملية جراحية خطيرة لكنها أنقذتنا من الداء الذي أصاب جسدنا، ولو تركنا هذا الداء  يسري فإنه كان يقضي على كل من تبقى منا.
قد يقول البعض أن العيون الزرق لم تأتِ لأجل عيوننا السود العراقية، بل لأجل ذلك السائل الاسود.
*السائل الأسود الذي  يجعل الغدد اللعابية الطامعة تفرز اللعاب عند السماع باسمه،
*و الذي جعل أدباء أعراب النفاق و فنانونهم  ينحنون أمام كوبوناته،
*والذي أذاب شحوم الدماغ المحيطة بعقول علماء الحروب الذين  أضاعوا مادة دماغهم،
*والذي قال عنه  الممثل الكويتي القديرعبد الحسين عبد الرضا في مسرحيته الشهيرة-باي باي لندن-: أننا نجلس و نتغوط عليه.
قد يكون كل ذلك صحيحا، بل و أكثر، إلا أن شباننا الآن يستطيعون التجوال و التحرك بحرية و رؤوسهم فوق أكتافهم  فلم يعد يرهبهم خطر حرب يعلنها الطاغية على الأهل أو على الجار  فيضيعون فيها و تضيع حياتهم، و لم يعد بعث الموت يقبض على أرواحهم.
و عاد الى أولادنا و بناتنا  ضوء الأمل الذي فقدناه نحن. لقد عشنا عقود عديدة لم نعرف فيها الا أخبار الحروب التي يعلنها الطاغية و اختطاف أقرباء و أصدقاء. حروب و اختطافات و اغتيالات قضت على ابتساماتنا و ضحكاتنا و أفراحنا، وأحلت محلها الدموع و المآتم.  و بدأنا نحس بغيرة  عذبة صحية و صحيحة تجاه أبنائنا، و أبناءنا، أولادنا، هم أكبادنا التي تمشي على الأرض .
قد أنقذت العيون الزرقاء عيوننا السوداء. و حقا فقد تمت عدالة السماء على أيدي الأمريكان و الإن?ليز، و هؤلاء الأجانب لا يسودون العالم بقوتهم العسكرية فحسب بل و أيضا بقوة العلم و التكنولوجيا.
ثم، و لم لا؟! بقوة القانون. قانونهم.
قد لا يعجبنا هذا القانون الأمريكي و يعجبنا القانون الأوروبي الآخر، أو بالعكس يعجبنا هذا و يعكر مزاجنا  ذلك القانون. و لكن القوانين في هذه البلدان هي قوانين للجميع و تطبق على الجميع، لا كما كانت قوانين البعث التي لم  تكن الا قرارات يصدرها رأس البعثيين المجرمين، مكتوبة أم غير مكتوبة، معلنة في الصحف أم غير معلنة، لتطبق على المساكين  حسب مزاج الدمويين الإرهابيين. كانت قرارات قرقوشية  ننام في الليل على قرار تعسف لنصحو على آخر في الصباح أكثر تعسفا.
ما أقسى ظلم المدعين بالعروبة!  ما أقساهم!
ليت عدالتهم يوزعونها على من يصفق لهم من الأعراب، من فلسطينيين و اردنيين و سوريين و -حبربش- آخرين. ليعرفوا أعراب الإرتزاق و النفاق، هؤلاء، عدالة بعث الهمجية التي حكمت في العراق التي يدافعون عنه بكل ما لديهم من نفاق و فتح أفواه!
كل قوانين دول العالم تحمي أبناءها و مواطنيها و الذين اختاروا جنسيتها، الا في عراق حكم البعث، ففي هذا الحكم كان على العراقي أن يعيش كمواطن من أدنى الدرجات. و قد يتصور البعض أن أبناء شعبنا الذين يسكنون في ما يسمى الآن بالمثلث قد استثنوا من تقسميهم الى  درجات، و لكن و حتى في "مثلثنا"  فإن التقسيم قد لحقهم، فمجرموا العوجة كان يضعهم البعثيون في درجة  أعلى من الباقين. فلم يكونوا متساوين أمام قرارات طاغية البعث و لا بالقتل. و قد يكون حسين كامل و أخوه خير دليل على ذلك، إذ أصبحوا شهداء غضب "القائد".
و قوانين دول اسلامية و عربية أخرى، إذا أمكننا أن نسميها قوانبن، ترى مواطنوها يكدحون و يكدحون و ليس لهم مجالا لا للراحة و لا -للمستراح-، و يجب عليهم أن يروا نجوم الضحى لكي يستطيعوا الحصول على معونة ما. و يأتي شخص من مكان آخر بعيد و يقول أنه يريد أن يصبح مسلما، فما ترى الا و حكام هذه الدول قد شمروا عن سواعدهم ليساعدوا هذا الجديد الذي يريد أن يصبح مسلما. و ينظر إبن البلد حائرا و مستفسرا: هل يغير دينه الى آخر لكي يحصل على المساعدة اللازمة، و يعيش بخير و إزدهار؟ أن  بقاءه في دولته ليحلم بالحصول على معونة لا يكون الا كحلم إبليس في الجنة.
إنني أرى كثيرا من المسلمين الأسبان الجدد و  قد حصلوا على منح دراسية من السعودية أو من دول أخرى، في الوقت الذي أرى مسلمون "قدامى" و يداهم فارغة، و يد للأمام و أخرى الى الوراء.
و قد طبَّـق صدام حسين هذه الطريقة على العراقيين، فلم يحصل العراقيون الا على السجون و الموت، أما الأعراب فقد أكلوا و شربوا و تقيئوا في وجوهنا، و رقصوا في مآتمنا و دبكوا على مقابرنا. و لا غرابة أن نرى هؤلاء، و خاصة الحاقدين من الفلسطينيين منهم و هم يتباكون على قمل و وجه صدام العفن. و لن يكون بَيُّـوض الحقد و الكراهية التي أعلنها ضد العراقيين، من أرض القدس الشريف، هو الوحيد، أو الأول أو الأخير، بل أن هناك  العديد من الذين  يتباكون الآن على الجرذ صدام مثلما كانوا سابقا يرفعون صوره و يسمون أولادهم باسمه الكريه.
و أحمد الله إذ أرى العراقيين يبدلون أسماء أولادهم بإسم آخر غير صدام، و قد يكون  مثالا ذو معنى  ما قام به المجرم طارق خنا عزيز إذ غير إسم إبنه من صدام الى آخر. و سبحان مغير الأحوال.
أنا متأكد و التاريخ يؤكد لي ذلك، أن هؤلاء المرتزقة مستعدين أن يبدلوا هواهم بواحد آخر يدفع لهم و يزق الشعير في أفواههم.
و تتبادر الى ذاكرتي قصة مصري كان يعمل مهندسا زراعيا في معمل ألبان في العراق، و يعلم الله هل كانت شهادته الزراعية حقيقية أم  مزورة، إذ أن بلد الكنانة هو بلد مشهور بين بلدان التزوير. و كان لهذا المصري  مخصصات و معونات إضافية كثيرة لم يكن لأي عراقي، مهما طالت شواربه، الحصول عليها أو الحلم بها. و بعد أن سمع زبوننا المصري بأنه يستطيع الحصول على الجنسية العراقية، طمع فيها متصورا أنه سيقبض أكثر مما كان يحصل عليه. و تحول صاحبنا المصري الى عراقي فقطعت عنه المخصصات و أصبح حاله حال -العبرية- العراقية. و بدأ يصرخ يريد أن يرجع الى حالته السابقة، الى مصري. لقد تحولت الجنسية العراقية الى جِنِّـيَـة.
هكذا كان حال العراقيين في زمن بعث الإرهاب. فالأقربون كانوا أولى بالكفخ و السجن و التقتيل.
و إنني الآن آمل أن يبدل الحكام الجدد ما كان عليه العراقيين من ظلم و حيف، و يعيدوا الى نفوسنا الشموخ العراقي. فهل يتمكن الحكام الجدد من ذلك؟ إن الكثير منهم قد عاشوا  في ضوء الحرية و الديمقراطية و في ظل عدالة القوانين.
اللهم ساعدهم!
اللهم مد لهم يد العون لكي يتمكن العراق من العيش في طمأنينة و سلام و استقرار.

ينتهي عام 2003، و على الرغم من قساوة العملية الجراحية فقد كان عاما أفضل من سوابقه، حيث حكم في رقابنا طغاة البعث و مجرموهم و ساندهم أشرار أعراب النفاق.
و سيحل عام 2004 و نحن على أمل  أن يكون عام خير و حرية و استقرار، يستطيع اللاجئ الرجوع بهدوء  الى العراق و الهارب العودة الى أحضان الأهل.
و سينتهي الإرهاب و سيرحل عنا الأطباء.

و كل عام و جميع أبناء شعبنا الطيب بخير.

محيي هادي-أسبانيا
كانون الأول 2003








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقوى تعليقات على كابلز وفيديو كليبات مع بدر صالح ????


.. خوارزميات الخداع | #وثائقيات_سكاي




.. من هي وحدة عزيز في حزب الله التي اغتالت إسرائيل قائدها؟


.. رئيس التيار الوطني الحر في لبنان: إسرائيل عاجزة عن دخول حرب




.. مراسلتنا: مقتل قائد -وحدة عزيز- في حزب الله باستهداف سيارته