الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الامعاء الخاوية

جهاد الرنتيسي

2008 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


للتحولات الاقتصادية والسياسية في المنطقة قوة تعزيز العامل الاقتصادي في منظومة دوافع ومتطلبات الاصلاح ، والقدرة على احداث تغييرات جوهرية في البنى الاجتماعية ، واعادة ترتيب اولويات الفرد .

فالامن الوطني والعالمي الذي يدخل في صلب التطورات بات في مهب الريح ما لم تتخذ خطوات رئيسية لخفض اسعار غذاء الفقراء كما جاء في تحذيرات مدير عام منظمة الاغذية والزراعة جاك ضيوف .

والدول النامية التي تشمل منطقتنا العاجزة عن ضبط حركتها على ايقاع الغلاء العالمي ، وتضم النسبة الاكبر من الفقراء ، الاكثر عرضة لما يصفه ضيوف باعمال الشغب ، الامر الذي يعني ان استقرارها الداخلي وسلمها الاهلي باتا على المحك ، وتتطلب المحافظة عليهما ادخال تغييرات سريعة على السياسات المعمول بها ، الامر الذي لا يخلو من الصعوبة .

فهي تفتقر في بعض الاحيان الى الادارة العقلانية ، وادوات قراءة الواقع ، وآليات التخطيط للمستقبل .

كما ان الظروف التي اتاحت لها الحياة على هوامش الاقطاب الكونية ، والاستفادة من تناقضاتها، واللعب على توازناتها لم تعد قائمة .

وبالتالي تاخذ التفاعلات المقبلة منحى الحفاظ على البقاء ، وتجاوز معادلة الصراع من اجل تحقيق مكسب هنا ،واجبار الخصم على تنازل هناك .

الا ان حدة التفاعلات ـ السابقة واللاحقة ـ تختلف بين بلد واخر نتيجة عدة عوامل بعضها داخلي يتمثل في طريقة ادارة اللعبة بين السلطة والمجتمع ، وحجم الموارد الطبيعية ، والآخر خارجي تعبر عنه بوضوح القدرة على التعايش مع المحيط والعالم ، وكيفية فهم المتغيرات الاقليمية والتحولات العالمية .

فهناك دول تمتلك ثروات ضخمة ، ولكنها تعجز عن تحويل هذه الثروات الى عامل تصالح مع المجتمع كما هو الحال بالنسبة لايران ، البلد المنتج للنفط ـ ينفق القدر الاكبر من موازنته على التسلح ـ والعاجز عن تامين المحروقات لمواطنية .

وهناك دول تواجه ازمات سياسية ـ اقتصادية مركبة مثل سوريا المرشحة منذ سنوات لتغيرات واسعة تطال مختلف مناحي الحياة .

وتسعى دول كالسعودية للاستفادة من ثرواتها في القيام بدور يهدئ من حالة التوتر السياسي التي تشهدها المنطقة والتقليل من حدة الازمات الاقتصادية التي تواجهها دول اخرى .

وتحاول دول ثرواتها محدودة قياسا بالتزاماتها تجاه شعوبها كالاردن قدر استطاعتها الحفاظ على استقرارها من خلال عصرنة المجتمع والاقتصاد والانفتاح على العالم .

وبطبيعة الحال تتفاوت اثار السياسات التي تتبعها هذه الدول على مستقبل شعوبها وشعوب المنطقة .

فالجانب الايراني مثلا يضع ثرواته النفطية في خدمة فكرة " تصدير الثورة " التي طرحها الخميني لاغواء شعوب المنطقة اثر استيلائه على السلطة واخذت تنويعات لفظية مختلفة خلال العقود الماضية لتصل الى " حماية دول المنطقة " كما جاء على لسان جنتي في خطبة الجمعة .

ويتباين المنحى الذي تأخذه حماية شعوب المنطقة في التفكير السياسي الايراني ، بدءا بتفجير الاوضاع في العراق والتخطيط للاستيلاء على مناطقه الجنوبية الغنية بالنفط ، ومرورا بادامة حالة التوتر السياسي اللبناني الذي يحرم البلاد من اهم موارده الاقتصادية من خلال تكريسه بيئة طاردة للسياح ، والمساهمة الفعالة في تجويع ابناء قطاع غزة من خلال الاستخدام السياسي لبعض الاطراف الفلسطينية في تعزيز حالة الانقسام ، والحصار .

والمساهمة الايرانية في الافقار والتجويع لا تقتصر على الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين ، فالفئات الاكثر فقرا من الايرانيين ـ تخرج بين الحين والاخر للتظاهر احتجاجا على اوضاعها المعيشية التي تزداد صعوبة يوما بعد يوم ـ جزء من معادلة المعاناة المتفاقمة بفعل الغلاء ، والعقوبات الغربية المتزايدة نتيجة اصرار طهران على برنامجها النووي تطال بشكل اوبآخر فئات من الشعب الايراني .

وفي الحالة السورية تبدو الامور اكثر قتامة حيث فقدت فئات سورية جزء من عوائد التهريب بعد الانسحاب العسكري من لبنان .

كما تواجه محاولات دمشق المزاوجة بين الانفتاح الاقتصادي والانغلاق السياسي العديد من الصعوبات .

وساهمت العزلة التي تسببت بها خيارات دمشق السياسية في تحويل الاقتصاد السوري الى رهينة لدى ايران .

ونتيجة لهذا النمط من العلاقة يستخدم الجانب الايراني سوريا مدخلا لسياساته في المنطقة مما يزيد من عزلتها العربية والدولية .

ولمواجهة " الخراب الاقليمي " الذي يتسبب به المحور " الايراني ـ السوري " والحفاظ على النظام العربي تضطر السعودية بين الحين والاخر الى القيام بمبادرات لانعاش اقتصادات عربية .

وبذلك تتداخل الابعاد الاقتصادية والسياسية لـ " الدور السعودي " المتنامي من خلال سعيه لسد الفراغ الناجم عن التطورات الكونية المتلاحقة و الهزات التي لحقت بالنظام الرسمي العربي .

ومن خلال قيامها بهذا الدور تلتقي الرياض مع دول عربية اخرى ، تجد في السعي الى مزيد من التسامح السياسي ، والانفتاح الاقتصادي طريقا لتجنيب شعوب المنطقة المزيد من الكوارث ، وتعزيز العلاقة بين الشعوب وحكوماتها لضمان حالة السلم المجتمعي .

ويكاد الاردن الذي فعل ديناميكية حركته السياسية لمنع حروب محتملة ان يكون نموذجا لهذه السياسة .

وعلى الصعيد الداخلي تملك القيادة الاردنية قدرة تحسد عليها في التقاط معاناة الفئات الاكثر فقرا ، واستشراف التوترات قبل وقوعها رغم قلة الامكانيات ، وتقابل الفئات الاكثر فقرا السياسات الاقتصادية الحكومية بتفهم لافت للنظر .

وفي هذا السياق تندرج توجيهات الملك للحكومة باتخاذ اجراءات الحد من الغلاء ، والتسريع في اسكان الفقراء ، وتوسيع مظلة التأمين الصحي .

وباتساع الحضور المجتمعي للتحولات الاقتصادية التي تشهدها دول المنطقة ، يتربع الواقع المعيشي على راس الاولويات في تفكير الفئات الشعبية الاوسع ، كما يأخذ العمل الحزبي طابعا ترفيا.

ولا شك ان مثل هذا الحضور سيجد له مكانا لدى راصدي مسيرة الاصلاح والديمقراطية في الوطن العربي ، فمن الصعوبة ان يفكر الجياع وفاقدي الامن في محاكاة التجارب السياسية الاكثر رقيا ، كما يصعب تهميش العامل الاقتصادي في معادلة التحولات الاجتماعية والسياسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا