الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمس سنوات على حرب العراق

أمين شمس الدين

2008 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ألقى الرئيس بوش في البنتاغون كلمة يوبيلية بمناسبة الاحتفاء بذكرى مرور خمس سنوات على الحرب العراقية. وقد أذيعت الكلمة في مختلف وسائل الإعلام العالمية. وكما أشار إليه المراقبون، استخدم الرئيس هذه المناسبة للدفاع عن سياسة إدارته العدوانية في العراق، وبشكل عام للدفاع عن الأسلوب الرسمي لواشنطن في حل القضايا الدولية بالقوة.
كما نعلم ستجري قريبا الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، والرئيس يريد أن يسبغ على إدارة الجمهوريين شكل "المنتصر" في حربه على الإرهاب العالمي، قائلاً بحزم: "أن الإطاحة بصدام حسين كان قراراً صحيحاً"، كما أنه يرى "العالم أصبح بمأمن أكثر"، لأن "أمريكا تصرّفت". وكما أكد عليه الرئيس بوش فإن قرار زيادة القوات الأمريكية في العراق أدى إلى "انتصار استراتيجي مهم في الحرب على الإرهاب بشكل عام"، في محاولة لإقناع الناس بأن الحرب ضد المتطرفين الإسلاميين في العراق عرقلت مخططات لتنفيذ عمليات إرهابية جديدة في أمريكا نفسها، مما أنقذ حياة أعداد كبيرة من المواطنين الأمريكيين، وبأن "الفئات التي أفاقت من سباتها" رصت صفوفها جنبا إلى جنب، ووقفت مع أفراد الجيش الأمريكي لمحاربة مقاتلي "القاعدة".
لقد أعطى الرئيس بوش لهذه "الانتفاضة العربية العارمة ضد أسامة بن لادن" أهمية خاصة.
ومن جهة أخرى قلل الرئيس بوش في خطابه من شأن "التقديرات المبالغ فيها"،التي أشارت إلى ما تكبدته الولايات المتحدة من تكاليف الحرب العراقية، وقال: "إن هذه التكاليف ضرورية إذا ما قيست بالانتصار الاستراتيجي، الذي كان سيحققه أعداؤنا في العراق".
لقد قتل في الحرب العراقية حوالي أربعة آلاف جندي أمريكي. أما ما فقد من المواطنين العراقيين فلا يستطيع احد حتى أن يقدر عددهم، والحديث يدور عن عشرات، بل ومئات الآلاف من السكان.
لم يذكر الرئيس بوش في خطابه شيئاً عن البحث غير المثمر عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، والتي اعتبرت قبل خمس سنوات السبب الرئيس لاجتياح القوات الأمريكية وقوات التحالف للعراق.
جاء خطاب الرئيس على خلفية احتجاجات صاخبة، جرت في الولايات المتحدة ضد الحرب المشؤومة في العراق، نظمها الديمقراطيون. قامت إثرها الشرطة باعتقال العشرات من المتظاهرين، الذين طالبوا الإدارة الأمريكية بإصدار تقرير عن المصاريف الباهظة التي أنفقت على هذه الحرب، والتي تدفعها الجماهير الأمريكية من جيوبها على شكل ضرائب. وحسب تقديرات إدارة الموازنة في الكونغرس الأمريكي، تم حتى اليوم إنفاق ما يزيد عن 600 مليار دولار. وحسب الاقتصادي جوزيف ستيغليتس، الحائز على جائزة نوبل، فإن تكلفة الحرب العراقية ستبلغ 3 تريليونات من الدولارات مع حساب نفقات علاج العسكريين والخسائر الاقتصادية المتوقعة.
كما وأعلن المرشح الديمقراطي لمنصب الرئاسة باراك أوباما، أن قرار اجتياح العراق اتخذ لأسباب إيديولوجية، بدل استخدام "حقائق العقل السليم". وكان السناتور أوباما قد صوت عام 2002 ضد اجتياح العراق. وذكر أوباما في خطابه الذي ألقاه في ولاية كارولينا الشمالية، قائلاً: " كان هناك رئيس تغلبت لديه سيادة الإيديولوجيا على البرغماتية، وكثير هم السياسيون في واشنطن ممن قضوا وقتا ضئيلاً جداً في قراءة التقارير الاستخباراتية، ووقتاً كثيراً جداً في قراء استفتاءات الرأي العام".
إن من بين المرشحين للرئاسة لا يوجد سوى مرشح الحزب الجمهوري جون مكي، يؤيد نهج الرئيس بوش في العراق. وهيلاري كلينتون صرحت بأنها ستسحب الجيش الأمريكي من العراق، في غضون ستين يوما بعد انتخابها رئيساً للولايات المتحدة، وبأنها ستعطي المسؤولية كاملة عن البلاد للعراقيين أنفسهم.
وكما يشير إليه معلقون مستقلون، فإن الوضع في العراق لا يبدو مطلقاً ملوناً بألوان قوس قزح، كما اراد إظهاره في خطابه على هذا الشكل الرئيس بوش. فقبل فترة، وفي اليوم الذي زار فيه نائب الرئيس ديك تشيني بغداد، وأعلن بأن تقدماً قد طرأ في البلاد، دوى في مدينة كربلاء إنفجارا أودى بحياة 60 عراقياً، كما وترتفع أعداد التفجيرات الانتحارية، وتستمر حرب الألغام ضد القوات الأمريكية رغم بعض النجاحات التكتيكية التي أحرزتها قوات التحالف، التي لا تزال تتحمل خسائر ليست بقليلة.
ومن جهة أخرى نلاحظ تفاقم حدة التوتر بين السنّة وما بين الشيعة لحد استخدام السلاح، والقتل، وخطف الناس. كما يستمر العراقيون في الهرب من بلادهم. علماً بأن المقاومة الوطنية ما زالت مستمرة في مقارعة الاحتلال وتكبيده خسائر فادحة إلى أن يتم دحر الاحتلال والتحرر، كحتمية تاريخية لنضال الشعوب.
يرى المراقبون بأن هناك نتيجة مهمة تستخلص من حرب الخمس سنوات يجب أخذها بعين الاعتبار، وخصوصا عند النظر للمستقبل، وهي أن الحرب العراقية أظهرت بأن إمكانات الولايات المتحدة العسكرية لها حدود، وهي التي تخوض حربين إقليميتين بصعوبة. وقد بينت العراق وأفغانستان، أن الولايات المتحدة ليست تلك الدولة العظمى فوق العادة، كما انطبع في أذهان العالم قبل اجتياحها للعراق عام 2003. إضافة إلى ذلك، فإن التاريخ المرتبط بسجن "أبو غريب"، والتجاوزات العسكرية للقوات الأمريكية في حديثة والفلوجة وغيرها من المناطق، وكذلك السجون السرية لوكالة المخابرات المركزية.. الخ كلها نسفت سمعة الولايات المتحدة دولياً. ومن الناحية الفعلية أفقدتها إدعاءاتها حول حقها بأن تصبح المثال الأخلاقي والحكم الفيصل لبقية العالم.
لذا، ورغم ما حققته الولايات المتحدة من إنجازات حربية وسياسية في العراق، والتي يربطونها مع القائد الحالي لقوات التحالف، الجنرال ديفيد بيتراوس وسفير الولايات المتحدة في بغداد رايان كروكر، إلا أنه على الأرجح، وبشكل عام، يظهر بأن الوضع وكأنه "انتصار بيروس". ولم تزل واشنطن لا تستطيع أن تجد وصفة لتحقيق انعطاف حاسم للوضع؛ وتبحث بشكل محموم عن طريق يخرجها من مأزق العراق بأقل الخسائر الممكنة لنفسها. وبالكاد تستطيع كل إنجازات بيتراوس و كروكر تبرير كل تلك الخسائر الإنسانية، والمادية، والسياسية، والتي تكبدها قبل أي أحد آخر شعب العراق، والولايات المتحدة نفسها، وكذلك الأمن الدولي عموماً. إن فرص تحقيق نصر أمريكي "نهائي" في الحرب ضد "الإرهاب" تبدو لنا اليوم أقل مما كانت عليه قبل خمس سنوات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا