الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الكتاب والمثقف في الوطن العربي

ابراهيم الداقوقي

2004 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


اشتكى معظم المثقفين العرب وكذلك الناشرون ، في ملتقى القاهرة للابداع الروائي ، من كساد الكتاب العربي – والرواية على الاخص -  وعدم الاقبال على القراءة نتيجة انتشار الامية ( 67% ) او بسبب الطفرة النفطية التي شهدتها المنطقة العربية  " التي ادت الى تراجع الكتاب التنويري وهيمنة الافكار والكتابات السلفية التي اقفلت الباب امام انتشار الكتاب الحقيقي الذي يدعم او يدفع المجتمع العربي باتجاه التطور والحداثة " . واحتكار المؤسسات القومية الكبرى لنشر الكتاب العربي " والتي تفرض على الناشر ان يدفع لها 40% من ثمن الكتاب ، وفي الوقت نفسه تحدد نوعية الكتب التي تريد تشجيع توزيعها او تقليصها " . كما ان القيود -  الرقابة والتبعات المالية والكمركية – المفروضة على حركة التوزيع وحرية انتشار الكتاب " تضع حاجزا امام انتشار الكتاب وتوزيعه " .
واذا كنت اعتقد من خلال خبرتي –  مؤلفا ومترجما لـ 35 كتابا ورئيسا لهيئة رقابة المطبوعات وكمدير للصحافة ومؤسس ومدير دار الفنون للطباعة والنشر ببغداد – بصحة ووجاهة جميع هذه الاراء كسبب رئيس في كساد الكتاب العربي ، بيد انه يجب اضافة ثلاثة اسباب رئيسة اليها ، والتي لم يتطرق اليها المجتمعون – وربما لاسباب سياسية او خوفا من الاتهامات -  وهي : غلاء سعر الكتاب العربي الاعتيادي ( 8 – 12 دولار امريكي كمعدل ) وعدم دعم الدول العربية لنشر كتابات المبدعين الشباب و جشع بعض الناشرين العرب في طلب اجور الطبع من المؤلفين او عدم دفعهم – أي الناشرين -  لحقوق النشر ،  التي تؤلف بمجموعها – مع الاسباب المذكورة اعلاه – محنة المبدع العربي والظروف المعاشية القاسية التي يعيشها بين متطلبات الحياة وبين اشكاليات علاقة المبدع بالسلطة والتي تؤثر سلبا على ابداعه ومستقبله وبالتالي الى تدني مستوى الكتاب العربي ، وانصراف القراء عن اقتنائه . وكانت صيحة صنع الله ابراهيم ورفضه لجائزة الرواية العربية – وإن غلفتها بعض الطموحات الشخصية والسياسية – لانها " تصدر عن حكومة لا تملك مصداقية منحها "  تعبيرا عن المحنة التي يعانيها المبدع العربي في مجال التاليف والنشر والمكافأة . لاسيما بعد ان عرفنا جميعا – خلال الشهر الماضي – ان الكاتبة البريطانية جي . رولينغ ، مؤلفة روايات ( هاري بوتر ) كسبت من مؤلفاتها في العام الماضي فقط 954 مليون دولار اميركي .
اما حجة بعض التاشرين بانهم لا يربحون الا القليل من بيع الكتاب العربي ، فان الواقع العربي خلال اعوام 1972 – 1980 يكذّب هذا الزعم : فقد كانت وزارة الثقافة والاعلام العراقية خلال تلك الفترة – حيث كنت مدير الصحافة في بدايتها – تطبع كتابا في اليوم وتبيعه بسعر زهيد ( لا يتجاوز الدولارين ) ومنح المؤلفين مبالغ مجزية ، ومع ذلك فانها كانت تربح ، كما ان كتاب الهلال المصري – الذي كان يتوزع في جميع انحاء العالم وبسعر نصف دولار فقط -  تربح مؤسسة الاهرام من ورائها ، اضافة الى ان المجلس الاعلى للثقافة والاداب الكويتية ، كان يربح من سلاسل مؤلفاتها المنشورة ، رغم ان اسعار كتب تلك السلاسل لم تكن تزيد على الدولار الواحد ، مع قيام المجلس بدفع مبلغ 500 دولار للمراجع وبين اربعة آلاف – ثمانية آلاف دولار امريكي للمؤلف .
 فاذا كنا نريد حقا ترويج قراءة الكتاب العربي ورفع مستوى مضامينه علميا وتنويريا مع انصاف المبدع العربي ، فيجب اتخاذ ما يلزم :
اولا – القيام بحملة محو الامية الابجدية والحضارية في الوطن العربي وبجميع اقطاره ، لتيسير القراءة للمواطنين .
ثانيا – تولي الدول العربية ( بمؤسساتها الثقافية مباشرة او عن طريق الدعم المادي لاتحادات المجتمع المدني ) نشر الكتاب العربي ، وتوزيعه عن طريق وسائل مواصلاتها الى جميع انحاء العالم ، وبسعر الكلفة فقط .
ثالثا – رفع وصاية الدولة الفكرية – وبالتالي الرقابة المسبقة - عن الآراء واتاحة ممارسة الحريات لإحداث التراكم المعرفي والديموقراطي اللذين يدفعان بالمجتمعات العربية الى آفاق التطور والحداثة .
رابعا – دفع مبالغ مجزية للمبدعين في كافة حقول المعرفة البشرية ، لإتاحة جو من الارتياح والانسجام الفكري للإبداع والتواصل الثقافي .  فقد كانت جامعة بغداد تدفع لمؤلف الكتاب الجامعي خلال فترة 1972-  1979 ، أي قبل اعلان صدام حسين لحروبه العبثية ولمصلحة الاخرين على الجيران ، ورغم الاستبداد ووصاية الدولة الفكرية والرقابة المسبقة على المطبوعات ، مبلغا يتراوح بين 12 الف – 18 الف دولار امريكي في محاولة ( لكسب الاستاذ الجامعي للحزب والثورة ) وليس خدمة للعلم والثقافة .  وبذلك كان الاستاذ الجامعي ، مع هذه الرقابة الخلفية –  أي اساءة استعمال القوانين والتشريعات باستخدامهما في الدعاية السياسية للدولة -  يكسب من الناحيتين العلمية ( الترقية العلمية الى الدرجات العليا ) والثقافية والمادية ، وتربح الجامعة أضعاف ارباحها المادية ، علميا ومعرفيا وتحديثيا وسياسيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤكد أن نيكي هيلي ليست في قائمة المرشحين لمنصب نائب ال


.. هل انهارت مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس؟




.. الناطق باسم الدفاع المدني بغزة: القصف الإسرائيلي لم يتوقف دق


.. فلسطيني يوثق استشهاد شقيقه بقصف الاحتلال




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يهتفون بـ -انتفاضة- في طوكيو