الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آمال لابد منها

عزيز العراقي

2008 / 4 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في مفاصل التاريخ , او في المراحل الانتقالية كما يسميها الادب السياسي , تنوجد مساحات اكثر خصباً للقائد السياسي في خلق اللوحة التي ستكون مناراً ليس لانقاذ السفينة التي تكاد ان تشرف على الهلاك فقط , بل ولكل الاجيال القادمة . ومن بين ثلاثة رؤساء وزارة منذ سقوط النظام الصدامي ولحد الآن , ينفرد المالكي بأمكانية زرع هذه المساحة رغم تأخره في ذلك .
رئيس الوزراء الاول الدكتور اياد علاوي , ورغم الصلاحيات المحدودة قياساً بمن تبعه , يبقى العمل القيادي بالنسبة له مشروع شخصي قبل كل شئ . وقد تجلى ذلك عندما استغل منصب رئيس الوزراء في توسيع نفوذ تنظيمه " الوفاق " الذي استأثر بالتعيينات الحكومية , وجعل منها وسيلة الكسب الرئيسية , وتمكن من خلالها ان يحصل على اربعين صوتاً في الانتخابات الاولى . وقد ظن ان هذه القوة الجماهيرية ( طابو ) لمنظمته " الوفاق " . وفي الانتخابات الثانية - وقد خرج من المنصب - ومعه اليساريين والديقراطيين ولم يحصلوا الا على خمسة وعشرين صوتاً. واحد الاسباب الرئيسية في هذا التدني , عدم منح الكثيرين اصواتهم " للعراقية " نكاية بعلاوي ( البعثي ) كما قالوا ولايزال يقولون . وبعد ان تأكد من رصيده الجماهيري ( اضطر ) لتوجهات خارج اطار العملية السياسية في مسعى للعودة الى المنصب . مما دفع رئيس الوزراء السيد نوري المالكي لتهديده واحالته الى التحقيق او الكف عن اللقاء والتنسيق مع عصابات البعث الخارجة على القانون . وبعد انفراده بتحديد توجيه القائمة " العراقية" جعل الاعتذار له عن هذا الاتهام الشرط الاول لانهاء المقاطعة وعودة وزراء القائمة للعمل , مما اكد نزوعه الشخصي في تحديد اولويات عمل القائمة .
والثاني الدكتور ابراهيم الجعفري , وكما عرفه العراقيون , واصرّ ممثلوا القوى السياسية الرئيسية على استبعاده رغم ترشحه مرة ثانية من قبل قائمته " الائتلاف " . فقد كان قصخون سياسي اكثر من رجل دولة (معمم ) , والقصخون يهمه ان يسوق نفسه لمستمعيه ولا تهمه صحة الرواية التي يقصها . واتسمت فترة ادارته بانتشار الفساد الاداري , واختراق المليشيات الشيعية لاجهزت الشرطة , والتي فاقمت في تعميق الصراع الطائفي من جهة , ومن جهة اخرى ازدياد الدموية بين العدوين اللدودين المجلس الاعلى والتيار الصدري , الذي رفض الاختراقات من قبل قوات بدر التابعة للمجلس . كل هذا ساعد في ترسيخ نفوذ النظام الايراني , وافرغ الكثير من الجهد العراقي في اعادة بناء الدولة والمجتمع لصالح الصراع الايراني الامريكي , وما تبعه من تأثيرات في المحيط العربي والدولي , مما زاد في عمق الجراح العراقية .
الارث الثقيل الذي تركه نظام صدام , والانحدار الذي جاءت به المحاصصة , والاخطاء المقصودة وغير المقصودة لسلطات الاحتلال , وضعت المالكي في دوامة لايستطيع الخروج منها الا من كانت لديه الارادة الحقيقية لانقاذ العراق . والخطوة الواثقة التي وضعها في اولى درجات السلم في مكافحة العصابات والمجاميع التي صادرت حياة العراقيين , والتي استغلت الانضواء تحت اسم التيار الصدري ستكون كفيلة بأرتقاء درجات السلّم الاخرى . سواء نفذ السيد مقتدى الصدر تهديده بجعلها حرب مفتوحة , او انتبه لمسؤولية تحمل دماء المسلمين , وآثر تنظيف التيار الذي يقوده من القتلة وقطاعي الطرق .
العراقيون يدركون جيداً ان اعادة ترميم الحكومة جاء نتيجة صراعات وحسابات حزبية اكثر من أي دافع آخر , رغم ان البعض حاول تصويرها على انها جاءت نتيجة مقررات مجلس الامن الوطني . لكن خطوة المالكي ببدء الحرب على القتلة والمجرمين هي الاهم من الناحية العملية في تعبيد طريق اعادة بناء الوطن , وهو ما زاد في امل العراقيين بمختلف طوائفهم ان تتحول توصيات مجلس الامن الوطني الى ادوات حقيقية تستنهض الارادات الحرة للاحزاب العراقية بعيداً عن المحاصصة والنزعات الفردية والفئوية . ولاشك ان هذا الزخم هو الاكثر فاعلية من بين كل الخطوات الخيرة الاخرى , والتفريط به سيكون اكثر دموية من جريمة المحاصصة التي يدينها حتى المستفيدين منها . والامل كبير , وكبير جداً بالنهوض مرة اخرى , ومن سيتخلف ويصر على ممارساته السابقة سيكون مصيره ليس افضل من مصير صدام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد