الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حرية التعبير والتدمير

جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)

2008 / 4 / 24
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


شاهدنا على شاشات الفضائيات مظاهرات في مختلف القارات ومختلف الدول ، تختلف كثيرا عما نشاهده من مظاهرات ومسيرات في وطننا العربي الكبير الممتد من المحيط الذي كان هادرا ،إلى الخليج الذي كان ثائرا ، فقد شاهدنا مظاهرات يعزف فيها المتظاهرون على القيثارة،أو يدقون الطبول ، ويرقصون ويغنون رافعين شعارات تحمل مطالبهم ووجهة نظرهم في الموضوع الذي يتظاهرون من أجله ،كما شاهدنا متظاهرين يحملون الشموع ويسيرون بصمت ،متضامنين مع ضحايا سقطوا في حدث ما،كما شاهدنا متظاهرين يقفون على رصيف الشوارع أو في حدائق أمام مؤسسات رافعين شعاراتهم بصمت ، وشاهدنا متظاهرين يخطب فيهم منظمو المظاهرة والمشاركون يستمعون باصغاء شديد .أما في عالمنا العربي ،وقد يشاركنا في ذلك بعض اخواننا في مناطق ما وراء "السند والهند" وهم يتظاهرون وكأنهم في معركة شرسة، فيحطمون كل ما في طريقهم من مؤسسات رسمية وشعبية ومحلات تجارية وسيارات ......إلى اخره، والمتضرر الوحيد جراء هذا التحيطم هم أنفسهم، وأبناء شعبهم ،وأوطانهم ، وقد تكون المظاهرة ضد جهات أجنبية معادية، ومع ذلك فإن سياسة "التدمير والتحطيم" تطول ثروات الشعب الذي يتظاهر أبناؤه ، ففي بيروت مثلا قذف المتظاهرون سفارة الدنمارك - ومع ان هذا العمل مرفوض – الا انٌه من غير المفهوم مطلقاً الاعتداء على الكنيسة المجاورة , وعندنا في فلسطين كانت تجري مظاهرات ضد المحتلين لكن املاك المواطنين لم تنج من غضب المتظاهرين , كما أن اطلاق الرصاص في المظاهرات والمسيرات غير مفهوم , ولا مبرر له , وقد سبق وان سقط ضحايا لذلك , ومع ذلك فإن هذه الظاهرة لم تتوقف، وحتى في تشييع جنازات الشهداء تجري عمليات اطلاق النار , وتصل هتافات التكبير والتهليل درجة من الحدة وكأن المشاركون في الجنازة يخوضون معركة .
وثقافة الغضب , واللهجة الخطابية المهاجمة وصلت الى المساجد , ومن يحضر خطب صلاة الجمعة في غالبية المساجد , يجد الخطيب حتى وأن تكلم في بيان حكم شرعي , أو روى حادثة من تراثنا العريق , ودون ان يتكلم في السياسة , نجد لهجته رنانة وطنانة وكأنه في " طوشة " او كأنه يهدد المصلين بالويل والثبور وعظائم الامور , فهل هذه " الحماسة وهذه " العنتريات " من مقومات لغتنا الجميلة , أم هي جزء من ثقافتنا ؟؟ وهل نتذكر بأن الله سبحانه وتعالى عندما امتدح رسوله العظيم صلوات الله عليه , مدحه بخلقه الحسن عندما قال تعالى " وانك لعلى خلق عظيم " وبما أن الرسول عليه السلام قدوة , فهل نقتدي بخلقه الحسن في التعامل ومخاطبة بعضنا البعض , وحتى مخاطبة غيرنا , ولنتذكر خطاب خالقنا تعالى لرسولنا العظيم عندما قال تعالى " ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك " , وقد ثبت لنا مراراً وتكراراً ان العالم لم يفهم حقوقنا المشروعة , وخسرنا حقوقنا واتهمنا بما ليس فينا , ووقف الى جانب اعدائنا , وتحولنا من ضحايا الى " مجرمين " نتيجة فشل خطابنا الثقافي والاعلامي , فهل نتعظ ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب إسرائيليون يهاجمون داعمين لفلسطين بالألعاب النارية في ج


.. -قرار بايدن- يغضب إسرائيل.. مفاوضات الرهائن في خطر




.. هل الميناء العائم للمساعدات الإنسانية سيسكت جوع سكان غزة؟


.. اتحاد القبائل العربية في سيناء برئاسة العرجاني يثير جدلاً في




.. مراسل الجزيرة: استشهاد ثمانية فلسطينيين نصفهم أطفال في قصف ع