الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-اسلامي الهوى .. ليبرالي الميول- يقبل بالحوار يا عبد العالي الحراك

سليم سوزه

2008 / 4 / 24
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


لا ارى عدم ذكر الاسماء صراحة ً والاستمرار بلغة الرموز والشفرات سوى تكبّراً نهتنا عنها اخلاقنا قبل اي شريعة سماوية، لهذا وكبادرة حسن نية ذكرت اسمك الصريح ذو الوقع الموسيقي الجميل في عنوان المقال اعلاه لأكسر اولا الرتابة والروتين في نقاشنا الذي لا يبدو عليه العقم ابداً، وثانياً كي يكون النقاش على المكشوف ومفهوماً للآخرين، مَن هو المقصود ب (التقدّمي) ومن هو (الاسلامي الليبرالي) على الضفة الاخرى .. لانني افترض وجود الكثير ممّن هم على سجيتهم لا يجيدون لغة الرموز كما هو حال كاتب هذه السطور صاحب السريرة الجبلية البسيطة التي لا تعرف الاّ لغة (الدغري).

لا داعي ان تتمنى ان يكون النقاش دون خدش او تجاوز فهو كذلك بالتأكيد لانني لا احب اسلوب التجاوز والطعن والتخوين ولو احسست بانك تجاوزت في ردك الاول لما كنت كتبت رداً اطلاقاً.

سيدي (الحراكي) الكريم .. لم اقل بانك استهزأت حينما قلت (اسلامي الهوى، ليبرالي الميول) فهو وصف اطلقته على نفسي بنفسي على اية حال، لكني رددت عليك استغرابك الذي كرّرته مرة ً اخرى ايضاً حول كيفية تلاقي الاسلام مع الليبرالية، فلم يكن مني سوى الاجابة بطريقة الاستفهام عن بعض الامور التي تبدو ايضا متناقضة في ظاهرها مثل: كيف قبل الحزب الشيوعي بالخصخصة وكيف دخل في العملية السياسية وكيف ائتلف مع البعثيين ... لم اقل بان هذا كلامك او وصفك لاني كنت لاضعه بين اقتباس حسبما تقتضيه ابسط قواعد المهنة لو كانت كذلك. لكني اردت ان ابيّن لك باننا في عصر المتغيّرات ولا شيء ثابت، فاذا التقى الشيوعيون مع مبادئ ومفاهيم الرأسماليين فلا تستغرب بعد كيف التقت الليبرالية مع الاسلام. لقد بيّنت في ردّي الاول بانني اقتبست الليبرالية ليس بمعناها الجامد الرافض للتديّن انطلاقا من جذورها ومنحاها العلماني، بل فقط لأستعير دلالتها التحرّرية من الجمود والدوغمائية التي تصاحب الحركات الشمولية المختلفة حتى اليسارية منها، ولست الوحيد الذي وظف هذا المصطلح بهذه الصورة، هناك العديد من كتاب ومثقفي العرب وصفوا انفسهم باسلاميين ليبراليين وشكّلوا هويتهم الثقافية والفكرية من دمج الاسلام مع مفاهيم التحرّر التي انطوت عليها الليبرالية العلمانية، فكانت اشبه بحالة وسطية تراعي روح الاسلام مع المتغيّر الزمكاني الحاكم رغماً عن الجميع في العالم والمنطقة بشكل اخص. وما حزب العدالة والتنمية التركي الاّ نموذج عن الاسلام السياسي المؤمن بحكم روح الدين في واقع علماني مؤطر بالديمقراطية، وحينما وصل هذا الحزب الى السلطة في تركيا ديمقراطياً لم يفرض حكم الاسلام قسراً على الآخرين لانه تحرّر من الأطر الاسلامية القائلة بولاية الله وجوباً وفرض رؤيته - التي هي اصلاً رؤية غير مطلقة عند كل المسلمين - على الآخر المُخالف. فما هذا الاّ نموذج جلي وواضح على ليبرالية قيادييه.

هناك حزب آخر عراقي اسمه (التيار الاسلامي الديمقراطي) وبعنوانه هذا نستطيع معرفة بان هذا التيار لا يؤمن بوجوب حاكمية الله على الناس والدولة، وعليه انتقل من التصوّر الثيوقراطي المرافق للفكر الاسلامي الى تصوّر مغاير تماماً عنه وهو التصوّر الديمقراطي القائل بحاكمية الشعب وليس الله. كان سيكون مستهجناً ومرفوضاً اذا اُطلقت هذه التسمية قبل مئة عام مثلاً، لكنها الآن مقبولة ومستساغة والفضل في ذلك للزمن الذي اثبت علمياً بانه لا شيء ثابت او مطلق بل كل شيء نسبي، وتلك حقيقة يسارية بحتة كما تعرف.

الحزب المسيحي الديمقراطي الالماني يدعو لاستلهام روح المسيحية في الادارة السياسية لكنه لا يفرض العقيدة بتفاصيلها على الالمان، ماذا نسمّي ذلك ؟ انا اسمّيها تسامحاً ليبرالية مسيحية. قد اكون وكذلك الاسلاميون الليبراليون العرب غير مستقرّي الفكر فعلاً ونعاني من السطحية في التوفيق بين الامور المتناقضة عندما جمعنا الاسلام مع الليبرالية كما تفضّلت، لكننا افضل بكثير ممن لا زال اسير رؤى الماضي ومفاهيم سابقة اكل الدهر عليها وشرب سواء كانت يسارية ام اسلامية ام قومية .. فاعترافاً منا بالمتغيّر وتأقلماً مع الوقائع والظروف التي هي ليست نتاج ارادتنا في كثير من الاحيان، خضعنا للتطوّر وفقاً لما يقتضيه فهمنا المعاصر ضمن الديناميكية الفكرية المستمرّة، ونأمل ان يحذو اليساريون المتشدّدون حذونا في ذلك.

من وجهة نظري ليس هناك حزباً اسلامياً مشاركاً في العملية السياسية العراقية اليوم، شيعياً كان ام سنياً، لا يؤمن بصورة او باخرى بالليبرالية الجديدة والاّ كيف كان سيبرّر مشاركته في العملية الديمقراطية وقبوله بنتائج صناديق الاقتراع الكاشفة عن ارادة الشعب وليس بالضرورة عن رأي الله. وبهذا الاتجاه كان تحرّك الحزب الشيوعي العراقي كذلك عندما قرّر المشاركة في العملية السياسية والموافقة على بعض المفاهيم الرأسمالية التي ذكرناها اعلاه .. فقد كانت اشبه بليبرالية ثورية ضد المفاهيم والتصوّرات القديمة التي رافقت نشوئه وتأسيسه والتي ابى الحزب الشيوعي العمّالي المتطرّف ان يفارقها ويندمج في بوتقة التغيير نحو الانفتاح والتخلّي عن الموروث السائد.

اخيراً لست انا من وضعك في خانة الحزب الشيوعي العراقي بل ان اي شخص قرأ ردّك السابق على مقالي لتصوّر بانك عضو في الحزب، مع ذلك ارجو ان لا اكون قد هربت من المواجهة او خلطت الاوراق بين السياسة والايديولوجية كما خفت انت من هذا، لاني واتمنى ان تتذكر، اول من نوّه في ردّي الاول الى ان السياسة شيء والايديولوجية شيء آخر، حتى انني ميّزت بين ايديولوجية الحزب الشيوعي وسياسته التي اتخذها انطلاقاً من حجم قاعدته الجماهيرية في العراق، ولم اوجّه انتقادي الاّ لسياسته دون ايديولوجيته كما ذكرت سابقاً.

اقبل اعتذاري لأني سأكتفي بهذا القدر اليوم، فقد اطلّت عليّ فيروز من نافذة جهاز الراديو بجانبي وهي تغني (بغداد والشعراء والصور)، ولم اعد اركّز في الكتابة لاني لا استطيع مقاومة صوتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب


.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط




.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟