الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سيحتفل بعيد العمال؟

جهاد علاونه

2008 / 4 / 23
ملف الاول من آيار 2008 - أفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عهد العولمة


كان القديس أوغسطين الأمازيغي يرى أن العبودية عقاب من الله على الخاطىء في دنياه , ولكن تقدم وسائل الإنتاج المعرفي والمهني أثبت عدم صحة مقولة القديس أغسطين , لأن الآلة حررت الإنسان من الإقطاع والتعب والإرهاق ولم يعد العمل إذلالا للإنسان ولم يعد خاصا بالرجل دون المرأة بل أصبح للعمل قداسته وأصبح للعمال عيد يحتفلون به في كل عام .
ولكن هل حقيقة يحتفل العمال بعيد العمال أم أنه منظر تجميلي لإخفاء تناقضات الحضارة مع الإنسان وتجميلا لبشاعة النمو الكريه لرأس المال.
من سيحتفل بعيد العمال إذا كان العمال يعانون من التمزق والطفر والفقر ولا يقدرون على شراء الخبز لأولادهم والخضروات والحاجيات اليومية.
لا بد أن يكون العمال والشغيلة في عيد ميلادهم مشغولين بأعمالهم ألتي إن توقفوا يوما عن أدائها يتوقف جريان الدم بعروقهم وأوردتهم .
لذلك هم لن يحتفلوا بعيدهم عيد العمال والشغيلة .
إذن من سيحتفل بعيدهم ؟
لا بد أن المستفيدين من العمال هم الذين سيحتفلون بعيدهم وسيكسبون يوما كاملا من الراحة والإستجمام على حساب العمال بجانب غزلانهم ونسائهم أما العمال المساكين فلن يحتفلوا بالعيد نتيجة ضعف إمكانياتهم وقدراتهم المادية ولإقتصادية الحقيرة .
لقد كان الفقر والجوع هو أهم مزودي الإقطاع بنظام الرق والعبيد,ومن المفترض أن الآلة خلصت الإنسان من ظام الرق والعبيد ولكن يبدو أن نظرة أو نظرية القديس أوغسطين الأمازيغي عن العبيد مازالت سارية المفعول فقد كان القديس أغسطين يقول أن الرق عقابا مفروضا من اللله على الخاطىء.
واليوم نظام العمال والشغيلة ليس نظاما عبوديا بل نظام مدني إجتماعي خلص الإنسان من النظرة السالفة للعمل على أنه عمل حقير مفروض على الطبقات الحقيرة .
إن العمل ليس حقيرا بل عمل مقدس أما في السابق فقد كانت الشعوب القديمة تنظر للعمل على أنه ليس من إختصاص النبلاء والملأ من القوم فهؤلاء ماكانوا يعملون شيئا غير النظر من بعيد للذين يعملون .
وبما أنه بفضل الآلة أصبح العمل مقدسا فإنه بهذا أصبح للعمال عيد يحتفل به العمال , ولم يعد الفقر مزود البرجوازيين وأرباب العمل بالعبيد بل أصبح مزود للمصانع والشركات بالعمال والحرفيين.
ومع تنامي النمو الكريه لرأس المال وتراجع الطبقة الوسطى أصبحت تزداد مع هذه الظاهرة أعداد العمال والشغيلة لكي يقودوا البرجوازيين لقصورهم العالية وفللهم الظخمة.
وبهذا لا بد أن يتخلى أصحاب المصانع والشركات عن دورهم القديم في قيادة العمال وفي التحكم بأسعار البيع والشراء للسلع التي ينتجها العمال , فإن ما ينتجه العمال يبدو أنه ليس بمتناول أيديهم فهم ينتجون بضائع ظخمة وهائلة من حيث الكم والكيف , ولكنهم بنفس الوقت غير قادرين على إقتنائها بمنازلهم .
وبهذا يصبح الركود الإقتصادي في الأسواق المحلية والعالمية متظخما بشكل غير طبيعي , فليس هنالك من زيادة في الطلب على البضائع وليس هنالك من تخفيض نسبة أرباح أرباب العمل لكي يزداد الطلب على المواد الخام المصنعة لأشكال مختلفة من المنتوجات الغذائية أو الدوائية أو الإنشائية العمرانية ,وبهذا ومع إزدياد النمو الكريه لرأس المال يصبح رأس المال في خطر وشيك وقريب جدا على الإفلاس .
وكذلك إرتفاع أسعار المواد الخام تؤدي أو أدت في الأيام الأخيرة إلى تراجع الطلب عليها وبهذا التراجع إزدادت نسبة عرض الأيدي العاملة وهذا الإزدياد عمل على تخفيض أسعار العمال ومصانعتهم فأسعار المصانعة تزداد إنخفاضا كلما قل الطلب على المواد الخام وبهذا الأمر يحدث تظخم في نسبة الركود الإقتصادي وتظخم في القوى البشرية العاملة ويصبح الإقتتال على أسعار المصانعة مثل إقتتال الإنسان البدائي على موارد الماء والرعي.

وإن غالبية الدول التي تعاني من ركود إقتصادي يكون سببه تلاشي الطبقة الوسطى من العمال فالعمال في تلك الدول التي تعاني من ركود إقتصادي لا يحسبون مع الطبقة الوسطى بل مع الطبقات المسحوقة وإنه لمن المفترض جدا أن يساهم التقدم الصناعي والإقتصادي بتقدم وسائل الرفاهية للعمال بحيث لا يشعرون أن هنالك تمايز طبقي بينهم وبين البرجوازيين أصحاب الأملاك الذين يستخدمون العمال عندهم في مصانهم وبيوتهم .
إنه لمن المفترض جدا أن الآلة حررت العبيد وحولتهم من عبيد إلى عمال ولم تعد نظرة القديس أوغسطين صحيحة لأن العمل ليس عقابا بل عبادة, وهذه خطوة رائدة على طريق تحرير الإنسان ولكن مع تقدم وسائل الإنتاج من حيث الكم والكيف أن يلاقي هذا الكم الهائل من المنتجات قوى بشرية تستهلكها وفي الحقيقة تأتي نتائج التصنيع غير مطابقة للربح المطلوب فإن الأرباح تتراجع للخلف ولا تفي بالغرض المطلوب نتيجة ضعف إمكانية العمال والشغيلة من حيث إستهلاكهم البطيء للبضائع المنتجة .
إن الأسواق والمستودعات تتراكم بها البضائع تراكما ملحوظا ويشكو أصحاب المصانع من قلة الأرباح والإستهلاك ويشكون من ضعف الطلب على منتجاتهم علما أنها منتجات جيدة ومحسنة ولكن لماذا هذا الكساد الكبير في الأسواق ؟
إنه بسبب ضعف إمكانيات العمال المالية فهم لا يستطيعون شراء أجهزة حاسوب حديثة لبيوتهم ولا يستطيعون شراء أجهزة كهربائية لبيوتهم وهذا بسبب ضعف دخولهم الشهرية والسنوية .
وحتى تزداد نسبة الأرباح الإقتصادية لا بد من تحرير {اس المال من عبء القيود الداخلية .
إن رؤوس أموال المستثمرين تبقى جامدة وغير متحركة نظرا لضغف الإقبال على شراء البضائع ولأن الإقبال ضعيف على الشراء تبقى البضائع مخزنة في المستودعات وهذا كله يعمل على الكساد .
أنا واحد أيضا من العمال والشغيلة الذين لن يحتفلوا بعيد العمال فهنالك في حياتي ما هو أهم من عيد العمال فإنني سأبحث في عيد العمال عن من يقرضني بعضا من الدنانير لأستوفي بها معيشتي اليومية .
ولا بد أن غالبية العمال يأتي عليهم عيد العمال ويذهب وهم لا يعرفون عنه شيئا فكيف سيصبح العيد للعمال إذا كان العمال لا يعرفون عنه شيئا .
إن غالبية العمال في المصانع والشركات يعرفون عن عيدهم أشياء كثيرة ولكن حجمهم ونسبتهم قليلة جدا إذا قيست بحجم العمال في سوق العمال المتناثرين هنا وهناك بكثافة معروفة .
إن العمال المساكين لا يستفيدون من يوم عيدهم علما أنه يجب أن يستفيد العمال من يوم واحد في السنة ولكن أصحاب الأعمال هم الذين يستفيدون من عمل العمال وتعبهم وشقائهم .
وإن العمال المستنزفين في الطاقات البدنية والروحية لا يستطيعون النهوض بالإقتصاد الوطني لبلدانهم طالما أنهم منهكون ومتعبون جدا جدا .
وكيف سينتج من يعاني من الإستنزاف والحسرة على رغيف خبزه ومن أين للفقير أن يساهم في إستهلاك ما تنتجه المصانع والشركات .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو