الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدينة الصدر تراهن على استبدال البندقية بالسلام والتنمية

جاسم الحلفي

2008 / 4 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


ما ان يتوتر الوضع الأمني في أي مدينة من العراق حتى تتوجه الأنظار الى مدينة الصدر (الثورة)، إذ عدّها المحللون والمتابعون بأكثر مناطق بغداد اضطرابا، فالمدينة أصبحت ثكنة عسكرية، ومخزناً لتكديس السلاح ومختلف الاعتدة، مما جعلها مسرحا للعنف المتواصل، حتى بات الهدوء حلما يراود ساكنيها الطيبين، وجلهم من الطبقات الفقيرة والمعدمة والمهمشة وغالبيتهم من العمال البسطاء وذوي الدخل المحدود.
المدينة تشكو من نقض كبير في الخدمات، وهي مهملة ومغضوب عليها من قبل السلطات الحاكمة منذ إنشائها في أوساط القرن الماضي، باستثناء بعض الفترات القصيرة، وظلت مرتعا خصبا لمختلف الإمراض الصحية والبيئية والاجتماعية. لكن وبرغم الإهمال المتعمد للمدينة وسكانها، ونظرة معظم حكام العراق السابقين الاستعلائية والمستخفة بها، فقد رفع أبناؤها اسم العراق عاليا في المحافل الوطنية والدولية، وأبدعوا في الفن والرياضة والعلوم وحققوا نجاحات ستبقى عالقة في ذاكرة التاريخ. فعلى سبيل المثال أحرز رياضيوها نجاحات باهرة، ومثلوا العراق خير تمثيل في ابرز المباريات الدولية، وخاضوا التحدي باسم العراق، فيما أسهم مثقفو وفنانو المدينة في رفد كل ما هو جميل في الفن والإبداع والثقافة العراقية الإنسانية.

من المؤكد ان مدينة بهذه المواصفات والخصائص لا تحتاج الى القتال ولا الى العنف وما يخلف من جروح وندوب تترك أثارا موجعة على الحياة الإنسانية. فمن المعروف للجميع ان المدينة أخذت " حصتها " من الحروب والنكبات التي مرت على العراق، حيث كان أبناء هذه المدينة جنودا ووقودا لـ " القادسيات " المدانة للنظام المقبور. فهي، وبعد كل هذه الويلات، لا تحتاج الى المزيد من الأرامل والأيتام، بل الى المياه الصالحة للشرب والكهرباء وتحسين شبكة الصرف الصحي حيث تعاني من طفح المياه الثقيلة ودخولها إلى البيوت، وتحتاج ايضاً الى اصلاح الطرق، ومكافحة البطالة المنتشرة بشكل مفلت في أوساط مختلف الشرائح العمرية وفي مقدمتهم الشباب، وتحسين مستوى التعليم، وتقديم الخدمات الطبية ومكافحة الإمراض.

إن تواصل العنف والإصرار عليه والاستماع الى من يشجعه ويدعو اليه هو الداء الذي يجب ان يستأصل عبر جعل المدينة مدينة للامان والسلام بعيدا عن السلاح وقعقعته، وغلق بؤر التوتر وتبديد القلق، عبر تجنيبها التصعيد العسكري، وحماية أرواح المدنين عموما، والأطفال والنساء والشيوخ على وجه الخصوص الذين يذهبون ضحيا لصراع لا يعنيهم ولا ينفعهم، وعلى ما يبدو غير عابئ بحياتهم وغير معني بمعاناتهم، على ان تكون مصالح المدينة وسكانها الكثيرين في المقدمة، ما يتطلب تجنيبها صراعات لا مصلحة لها فيها ولا تساعد على تقدمها وحل مشكلاتها بل تفاقمها وتضيف لها والحرص على إبعاد المدينة عن ان تكون أداة بيد البعض ممن يسعون لجعلها أداة لتوسيع النفوذ وفرض سلطات هي غير سلطات الدولة ومؤسساتها.

ان المدينة تحتاج الى إطلاق حملة أعمار واسعة واعتماد إستراتيجية تنموية خاصة بها. فالخراب الذي يعمها كبير، والتخريب الذي عانته وتعانيه وصل الى مديّات خطيرة، والتضخم السكاني فيها هو من الاتساع بحيث بات خطرا يهددها ولا تستطيع تحمله.

ليتم البدء بالأعمار، ولتكسر جدران الإهمال الذي رافق عمر المدينة منذ تأسيسها، فمواطنوها يستحقون كل الدعم لإخراجهم من الأوضاع الصعبة والتهميش الذي يعانونه. انهم جديرون بذلك وليكن الخيار التنموي بديلا للعنف والعنف المضاد.
ذلك ان ما تحتاجه المدينة، ليس العنف، مع كل ما يرافقه من آلام ومآسٍ، بل الامن والسلام والتنمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخلاف التجاري بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.. إلى أين؟ | ال


.. بايدن وترامب.. وقضايا بارزة في المناظرة الرئاسية




.. انتخابات الرئاسة الإيرانية.. مرشحون وشروط


.. بالمناظرة التاريخية.. بايدن يتعثر مبكرا وترامب يدعوه للخضوع




.. بايدن يتلعثم خلال المناظرة الرئاسية أمام ترمب