الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العشوائية والفوضى وإعادة تقسيم المحليات

إلهامى الميرغنى

2008 / 4 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أجلت الحكومة حركة المحافظين لما بعد انتخابات المحليات،وبعض انتهاء تمثيلية الانتخابات وإرضاء كل الموالين،وبينما كانت المجالس الجديدة تعقد اجتماعها الأول لانتخاب هيئات المكاتب،صدرت حركة المحافظين الجدد وقد تضمنت إنشاء محافظتين جديدتين في حلوان والسادس من أكتوبر وإعادة تقسيم حدود المحافظات لتنفجر موجة جديدة من الفوضى والعشوائية التي أصبحت سمة رئيسية لكل القرارات الحكومية خلال العقود الماضية.
تواكب ذلك مع انتهاء المؤتمر السنوي للجمعية العربية للإدارة وإعلان الدكتور علي السلمي رئيس الجمعية أن عام 2008 سيكون عاما للتميز الإداري تحت شعار التميز من أجل البناء وذلك من خلال تشكيل مجموعة بحث لدراسة تأطير نموذج تميز عربي يستلهم قيمنا الأصيلة‏. ولا تغيب المفارقة الكوميدية المصرية فيما حدث نخبة علماء إدارة الأعمال يتحدثون عن صياغة نموذج للتميز الإداري بينما الفوضى والعشوائية هي أهم مقومات هذا النموذج في الواقع العملي!!!
يشكو المسئولين صباح مساء من تضخم عدد موظفي الحكومة ، بل أن رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة يرغب في تخفيض عدد موظفي الحكومة للنصف، بينما تفاجئ القيادة السياسية الجميع بقرار سوتيه ( مسلوق ) يتم فيه تغيير حدود عدد من المحافظات.
بداية أود التأكيد علي أهمية إعادة ترسيم حدود المحافظات وفق معايير محددة اقتصادية واجتماعية وعمرانية وبيئية تراعي مصالح السكان ورفع كفاءة أداء الجهاز الإداري من ناحية والتسهيل علي المواطنين في الحصول علي الخدمات من ناحية أخري وتحقيق مقومات تنمية متكاملة للمحافظات. لكن ذلك يحتاج لتكامل مجموعة من الخبرات القادرة علي وضع معايير للتقسيم ومشروع متكامل يمكن طرحه علي الرأي العام لمناقشته وإبداء الملاحظات عليه وبحيث يأتي التغيير بشكل ايجابي نابع من مصالح المواطنين وبموافقتهم بدلاً من الفرمان السلطاني الذي نزل علينا فجأة دون مقدمات.
إننا لم نسمع عن دراسات تعد في هذا الصدد ولو كانت موجودة نريد الاطلاع عليها ، كما أن الكثير من التفسيرات تتحدث علي أن الهاجس الأمني فقط هو الذي حكم هذه التعديلات وبحيث يعزل المناطق العمالية الموجودة حول القاهرة في محاولة لإحكام السيطرة الأمنية ، فالأمن هو المعيار الوحيد للتقسيم الجديد.
إن استحداث محافظتين يعني ديوان عام لكل محافظة بموظفين منهم البعض ينقل من محافظات أخري بالإضافة لوظائف جديدة سيتم استحداثها. محافظة جديدة يعني 13 مديرية خدمة في كل منها تموين وإسكان وقوي عاملة وتضامن اجتماعي وزراعة وتأمينات ... إلخ ، بخلاف وجود مديريات أمن وأجهزة أمنية لكل محافظة ومحاكم وأجهزة رقابية. وهنا نطرح عدة تساؤلات:
ـ هل تريد الحكومة زيادة عدد موظفي الدولة أم خفض عددهم للنصف ؟
ـ ما هي تكلفة إضافة المحافظتين الجديدتين وما هي مبررات ذلك ؟ ومن أين تدبر الحكومة الموارد اللازمة لذلك؟
ـ كم عدد الوظائف التي سيتم إضافتها لتغطية احتياجات المحافظات الجديدة ؟ ومن أين ستدبر الحكومة الاعتمادات اللازمة لهذه الوظائف؟
ـ هل سيؤدي إعادة تقسيم حدود المحافظات لتحسين مستوي الخدمات الجماهيرية أم سيؤدي لأضرار بمصالح بشر سيتم نقل ملفاتهم واحتياجاتهم من محافظة لأخرى؟
ـ ما هو مصير العاملين في جهاز مدينة 6 أكتوبر وهل سيصبحون هم موظفي المحافظة الجديدة؟ أم سيتم عودتهم لهيئة المجتمعات العمرانية؟
ـ هل تستمر هيئة المجتمعات العمرانية أم سيتم إلغاؤها؟!
ـ هل التغيرات التي حدثت في محافظة الجيزة لصالح سكان الجيزة أم ضد مصالحهم ؟!

إننا بحاجة للإجابة علي كل هذه الأسئلة .لقد ظلت مدينة الأقصر لسنوات تعامل معاملة خاصة وهي وسط مراكز محافظة قنا ونسمع منذ سنوات عن ضم مراكز جنوب قنا للأقصر في محافظة جديدة . ولكن ذلك لم يحدث ، وبقي حال قنا والأقصر كما هو بينما شهدنا ميلاد محافظات حلوان والسادس من أكتوبر ألا يعكس ذلك قدر العشوائية والفوضى في قرارات الحكومة.
لقد صدعتنا الحكومة والحزب الوطني بأغاني عن المشاركة الشعبية والشفافية.هل الفرمان السلطاني الأخير هو التعبير المصري عن المشاركة والشفافية أم أن الحكومة لا تعرف من الشفافية سوي الملابس الحريمي الشفافة!!! إلي متي يظل الشعب مجرد متلقي لقرارات فوقية لا تراعي مصالحه وتضر به وبمستقبل أبنائه؟!
لقد تظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص في الواحات البحرية اعتراضاً علي قرار نقل تبعيتهم إلي محافظة المنيا وتم توقيف أكثر من 15 شخص . تري هل كان من الممكن أن يحدث ذلك لو تمت مناقشة مفتوحة لمسألة تعديل الحدود الإدارية للمحافظات ،وهل كان سيحدث ذلك لو شرح أصحاب التقسيم الجديد فلسفة هذا التقسيم وأثاره الايجابية والنقاش حولها!!!
إن حركة المحافظين جاءت في موعد غير مناسب ، وتغيير الحدود الجغرافية جاء في توقيت سئ يضرب المجالس الجديدة قبل أن تبدأ عملها. لذلك فإن واجب كل خبراء الإدارة والمختصين ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام أن تفتح مناقشة عامة حول واقع ومستقبل المحليات في مصر.
إن موظفي المحليات يعانون أوضاعاً معيشية صعبة ويحصلون علي مرتبات هزيلة وهم عصب التنمية المحلية المنشودة لذلك يجب الاهتمام بتطوير أوضاعهم ضمن رؤية شاملة للحكم المحلي.
لدينا 14 كلية تجارة حكومية بها عشرات الرسائل الجامعية الهامة عن تطوير الحكم المحلي، ولدينا نخبة من أساتذة الإدارة العامة أصحاب الخبرة والمعرفة العلمية والذي يجب الاهتمام بآرائهم من اجل تقريب المسافة بين البحوث الأكاديمية والواقع العملي.وإذا كانت الحكومة قد اتخذت فرمان عشوائي ليؤبد الفوضى فإننا نريد حوار علمي حول مستقبل الإدارة المحلية يدعي له خبراء الإدارة العامة والحكم المحلي والاقتصاد والاجتماع والسكان والتخطيط العمراني.بذلك يمكن أن نبدأ نتحرك علي الطريق الصحيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة التونسية تلقي القبض على المعارض لطفي المرايحي بتهمة ت


.. كأس أمم أوروبا: -نهائي مبكر- بين ألمانيا وإسبانيا وموقعة بنك




.. بسبب اللغات.. الإصلاح التعليمي الجديد يثير الجدل في موريتاني


.. قشر البيض : قطاع واعد للاستثمار و منجم لكولاجين البشرة • فرا




.. قمة أستانا: بوتين وجينبينغ ينددان بالأحادية الأمريكية ويدعوا