الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ممثلونا يفاوضون اصدقاءنا على حقهم بقتلنا

صائب خليل

2008 / 4 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يبدو أن جهود بناء "الصداقة" الجديدة تتعثر وأنها مفاوضات "شاقة" كما وصفها هوشيار وغيره سابقاً. هذا ما يستنتج من حديث الوزير العراقي لصحيفة "واشنطن بوست" حيث دعا زيباري الإدارة الأميركية إلى "تقديم تنازلات" في مسائل وصفها بـ "الحساسة" والتي تعيق التوصل إلى تفاهم نهائي حول إتفاقية "الصداقة" طويلة الأمد بين بغداد وواشنطن.
أما هذه "المسائل" فهي "رغبة" واشنطن بالاحتفاظ "بحق" احتجاز مواطنين عراقيين لمدد غير محددة و"حق" الحصانة القضائية للمتعاقدين مع القوات الأميركية و"حق" هذه القوات في شن هجمات من دون التنسيق مع الجانب العراقي.

أي، إن ترجمنا هذا الكلام إلى اللغة العملية، فأن جماعتنا يبذلون جهوداً كبيرة في مفاوضة "أصدقائنا" الجدد على "حقهم" في إعتقالنا وقصفنا وحق أي متعاقد معهم بقتلنا دون أن يتعرض للمساءلة القانونية !!
لا تتصوروا أن "حادثة" ساحة النسور كانت الوحيدة، ولا حتى استثناءً. ذهبت قبل بضعة أشهر الى إسطنبول لزيارة صديق صادف تواجده هناك. وعند خروجنا من مطار المدينة العريقة، قال لي ساقه مصابة قليلاً من رصاصة أطلقها عليه أحد المتعاقدين! سألته مدهوشاً كيف؟ قال كنت مع أصدقاء في الباب الشرقي ومر رتل امريكي وفجأة وقف وفتح الباب الخلفي لعربة مدرعة فنزل منه جندي وأطلق صلية من النار بإتجاهنا، ولم أشعر إلا بالدماء تسيل مني! إنتظر قليلاً ثم ركب عربته وعاد الرتل إلى الحركة!

والآن يفاوض الوزير زيباري على هذا الحق ويطلب من "الأصدقاء" "التنازل" عنه، وربما يقتنع إن تنازلوا عن جزء منه فقط ذي أهمية شكلية. لاتتخيلوا أن زيباري أو اي من المتفاوضين باسمنا سيقف كرجل ويقول إن هذه قضية مبدأ: لانستطيع السماح لمتعاقديكم بقتل مواطنينا. لقد أشرت في مقالة سابقة (1) الى إستعداد الوزير الذي لم يخفه، لمفاوضة هذه النقطة حين شرح هذا "الخلاف" في الماضي وقال إنه "قضية حساسة للغاية بالنسبة للرأي العام العراقي" بسبب "حوادث" سابقة فجرت الغضب، ليضيف فوراً: " إنه من السابق لأوانه القول بأن هذا يعني إنهاء الحصانة!"

كل ما قال الوزير وقتها ينضح بقلة الشعور بالكرامة فهي قضية "حساسة للرأي العام" وليست له، وقد "أثارت غضباً" لم يتبناه ولم يقل ان تلك الجرائم البشعة، التي يفضل زيباري تسميتها "حوادث"، قد أثارت غضبه وغضب حكومته رافضاً إياها بشكل قاطع كما يفترض بأي انسان سوي، دع عنك ان يكون وزيراً!

إن مجرد طرح مسألة حق قتل المواطنين بلا محاسبة يجب اعتبارها إهانة يشمئز منها أي انسان ما زال فيه بقية إحساس! إنكم يا سادة حين تسمحون بمناقشة مثل هذا كجزء من مفاوضاتكم، فإنما تعبرون عن إنعدام الإحساس فيكم مثلما تعبرون عن لا وطنيتكم ، لأن حياة مواطنيكم وقيمة الإنسان اصبحت موضوع مفاوضات لديكم، فأنتم تعاملون الشعب العراقي ككلاب ضالة يمكن قتلها إن وجد أحد كلاب حراسة بلاك ووتر ذلك مناسباً!

لقد أطنبتم انتم و"أصدقاؤكم" بالكلام عن مفاوضات "متكافئة" ستجرونها كما بين "دولتين ذات سيادة" تجلسان أمام بعضهما البعض "على قدم المساواة"، حتى طالب البعض ممن صدّقكم بـ "إجماع وطني" لدعمكم، فهل لي أن أسألك يا سعادة الوزير أن كنت قد فكرت بمطالبة الأمريكان حسب مبدأ المساواة هذا بوضع نص في معاهدة "الصداقة" هذه يسمح للعراقيين أيضاً بقتل "أصدقائهم" الأمريكان دون ان يتعرضوا للمساءلة؟ إن وجدت هذا طلباً غريباً غير معقول، ولم يخطر ببالك، فلأن ما منعك من مقارنة من تمثله بمن يمثله مفاوضك المقابل ليس سوى إحساسك العميق بالدونية!

إننا لانشاركك هذا الإحساس، ونقول لك إن حقنا بالحياة، بل الحياة الكريمة، حق ثابت لم نتخلَّ ـ ولن نتخلى ـ عنه يوماً ولايمتلكه الأمريكان أو غيرهم لتطلب منهم "التنازل" عنه او مقايضته بشيء آخر. ونقول لك ايضاً إننا لا نعتز بصداقة من لا يخجل من مجرد إبداء مثل هذه "الرغبة" الشاذة، بل يطالب ويصرّ على "حق" مرتزقته بقتلنا دون حساب. لانريد مثل هذه الصداقة التي تحاولون إقناعنا بها حتى لو تكرّم هذا "الصديق" بالتنازل عن "رغباته" المريضة، التي تكشف أي نوع من البشر هذا الذي تحاولون فرض "صداقته" علينا. أما أنتم يا فريق المفاوضات "الشاقة" المهينة، فلا تمثلوننا إطلاقاً ولا تستحقون منا أية ثقة ولا يدفعنا احترامنا لأنفسنا إلا إلى أن نبادل احتقاركم لنا بأشد منه وخير ما يعبر عن غضبنا منكم صيحة شاعر عراقي أصيل:" أولاد الـ ...."، وفي هذا نحن أيضاً "لا نستثني منكم أحداً!"

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=127163 (1)










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - عالم المؤثرين المطورين بالذكاء الاصطناعي يطار


.. أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف




.. إيران تشييع رئيسي على وقع خطوات لملء الشغور الرئاسي | #رادا


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري عمليات جراحية بالغة




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة