الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس وقوانين اللعبة السياسية ....

يونس العموري

2008 / 4 / 29
القضية الفلسطينية


ما بين الكلام الممنوع وذاك المُعلن وممارسة فن صناعة الكلام تكمن الكثير من الحقائق ... وما بين الفعل وردة الفعل والمبادرة للفعل تكمن الكثير من الدلالات ... وما بين صناعة الممكن سياسيا وممارسة القناعات الفكرية تكبر المسافات ... وان تكون في قمة الهرم السلطوي شيء وان تمارس الفعل المبني على الأسس الأيدولوجية والتي من المفترض بها ان تشكل القاعدة الأساسية لتداعيات الفعل السياسي وبالتالي ممارسة الحكم، شيئا اخر ... ورسم خارطة الطريق التي يجب السير بها وسط كل التناقضات المعاشة بالظرف الراهن لا شك انه امرا معقد، يتطلب الكثير من الحنكة والدهاء والتي لربما تتناقض وصياغة المواقف المبدئية .. والعبور الى سدة الحكم السياسي في ظل موازيين القوى السائدة على المستوى الإقليمي وبالتالي الدولي يحتم على الحاكم القبول بقوانين اللعبة واصولها وبالتالي لا مناص من اللعب السياسي وفقا لقواعد هذه اللعبة، الا ما يجب ان يكون من تحدي لقوانين هذا المنطق المعوج اصلا الذي يحكم دهاليز فن صناعة القرارات، والتأثير فيها لتُطوع وفقا لمسار الفعل الشعبي الجماهيري ومتطلباته او على الأقل وفقا لممارسة القناعات المبنية على قاعدة الإيمان المطلق بحتمية الصواب بمعايير العدالة وحق الشعوب في تقرير المصير ... لكن ان نخضع لمنطق المساومة حتى يتم تحقيق بعض المكاسب التي من الممكن تسميتها بالتنظيمية الضيقة فهذا ما لا يستوي وحقائق المنطق العام ذاته، من هنا فإن المتابع للوقائع الفلسطينية ومسار الرسم البياني للمواقف السياسية التي تعكس حقائق الموقف يلاحظ ان ثمة تخبط في هذا الأداء نتيجة غياب الإستراتجية السياسية الفلسطينية المتفق عليها او على الأقل المتوافق عليها، والتي تشكل حالة إجماعية ولو بالشكل النسبي لمتطلبات الواقع الفلسطيني وهو الأمر الملموس والواضح في هذه الأيام، الأمر الذي ينعكس بشكل حدي على الأداء السياسي العام وبالتالي ينزع عنصر التأثير بمسار العملية السياسية برمتها، وهو الملاحظ بالظرف الراهن... وهنا تكمن الإشكالية الكبرى بالتعاطي العملي وتطورات العملية التسووية من قبل الجانب الفلسطيني سواء أكان الرسمي او ذاك المُؤثر بصناعة المواقف السياسية، وفي هذا السياق لابد من تقدير الموقف حاليا حيث الهرولة الواضحة المعالم من قبل حركة حماس نحو التهدئة او بالأحرى محاولة العبور الى نادي التسوية السياسية وهذا برأيي راجع الى شعور حماس بضرورة تلبية احتياجات الراعي الأساسي لها وللمحور الإقليمي المنخرطة بإطاره وهو ما تؤكده تحريك ما يسمى بمسار التسوية السوري الإسرائيلي وانسداد الأفق على المسار الفلسطيني او على الأقل هذا ما يبدو متضحا بالمشهد السياسي العام ...
من الواضح ان حركة حماس تعبر الأن مرحلة اعتقد انها حاسمة بتاريخها وبالتالي لها الكثير من التداعيات والإرهاصات على مختلف المستويات والصعد ولعل ابرز هذه التداعيات تتجسد بتصدع الموقف الداخلي لحماس فلم يعد هناك رأي واحدا موحدا بالأطر الحمساوية يعكس موقف سياسي واحد اتجاه مختلف مجريات العملية السياسية وهو على الأقل ما ابرزته ردود الفعل على زيارة كارتر للمنطقة والتي اظهرت حجم التباين عند قيادات الصف الأول في حماس ... حيث ان كارتر قد حمل معه جملة من الافكار التي لاقت ردود متباينة ومختلفة وقد تكون ايضا متناقضة. ففي ضوء الحديث عن التهدئة ومبادرة كارتر لا شك فقد عصفت داخل حركة حماس خلافات شخصية بين تيار الداخل وتيار الخارج والذي يمثلهم كلا من القيادي في الحركة محمود الزهار ورئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل.
كل تلك الجدالات والمناقشات ولدت في أعقاب الاتصالات مع كارتر. فمن جهة، وصفت حماس اللقاءات مع كارتر بأنها انجاز هام بعد اشهر طويلة من الحصار السياسي، الذي تضمن كتفا باردة أيضا من جانب الدول العربية، سارع قادة حماس إلى تبني الاعتراف الدولي الذي منح لهم، حتى وان جاء هذا "فقط" من رئيس أسبق. ولكن في الجانب الآخر، فان الاستعداد للانصات لكارتر "يقيد" حماس.... وقد يبدو هذا الأمر بالعرف الدبلوماسي اختراق فعلي للحصار الدولي على حماس لكنه بذات الوقت يفرض على حماس حصار من نوع اخر على صعيد اطرها وداخلها مما ولد وسيولد اذا ما جاز التعبير الكثير من التناقضات ما بين المُعلن والمخفي وما بين الممارسة السياسية ومنطلقات ومحددات الفعل الأيدلوجي، وهذا التناقض بات ملموسا وواضح في الشارع الحمساوي مما دفع السيد مشعل للتصريح مؤخرا بأن امر التهدئة او فيما يتصل بمواقف الحركة الأخيرة ما هو الا تكتيك فني لإدارة الصراع ليس أكثر وهو التصريح الموجه اولا لجمهور حماس في محاولة لخلق التوازنات الداخلية.

اعتقد أن حماس تمتلك الحق بإعلان موقفها السياسي بإعتبارها جزءا من فصائل العمل الوطني الفلسطيني بعيدا عن وقائع الصراع الداخلي، لكنها لا تمتلك الحق بالتفاوض ولا التحدث عن الموقف السياسي الوطني بشكل عام على اعتبار ان هذا الأمر بحاجة الى جهة تمثيلية حقيقية لجماهير الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده وهو المعبر عنه في إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي لابد من تعزيز مؤسساتها واعادة بناءها وفقا للمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وحتى يتسنى لها التعبير الفعلي عن الأطروحة السياسية الفلسطينية عموما مما يعني ضرورة إستيعاب حماس وغير حماس في مؤسسات المنظمة والا فإن البوصلة السياسية العمومية ستكون في مهب الريح مما يعني امكانية التلاعب على التناقضات الداخلية الفلسطينية كما نرى حاليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |