الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تذكيرا بما سبق وقاله السيد نوري المالكي

يحيى السماوي

2008 / 4 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قد يتذكر القراء تصريح رئيس الوزراء السيد المالكي العام الماضي ، في معرض تعليقه حول الإنفلات الأمني ... فقد قال ما معناه تحديدا : مع أني القائد العام للقوات المسلحة ، إلآ أنني لا أستطيع تحريك كتيبة عسكرية من مكان إلى آخر داخل بغداد من دون إرادة القائد الأمريكي في بغداد ...وما قاله المالكي ليس بجديد على الرأي العام العراقي والإقليمي والدولي ... فالرأي العام يعرف تماما أن سفير الولايات المتحدة الأمريكية ( وباعتباره المندوب السامي في بغداد ) هو حاكم العراق الفعلي ، وأن قائد الجيش الأمريكي في بغداد هو وزير الدفاع ونائب القائد العام للقوات المسلحة ـ ولا أظنني أجافي الحقيقة بقولي إن العراق ليست دولة ذات سيادة حتى لو بُحّت ْ حنجرة الناطق الرسمي باسم الحكومة ، وحناجر أعضاء البرلمان ( الذين لا يسمح لهم بدخول مكاتبهم إلآ بعد تفتيشهم من قبل الجنود الأمريكان طبعا ) في الحديث عن السيادة المزعومة ـ ما دام أن الحكومة العراقية أضعف من أن تستطيع طرد المجرمين المرتزقة العاملين في شركة الحمايات الخاصة " بلاك ووتر " ـ بل وأضعف من أن تحاسب جنديا أمريكيا إتخذ من وجه ورأس و " عجيزة " عضو برلماني كيس ملاكمة وكرة قدم ( أستحي أقول إسمه لأنه صرح أن الجنود الأمريكان ضربوه " راشديات " وليس " جلاليق " بينما الشهود قالوا أنهم بطحوه أرضا وأشبعوه رفسا )!!

وإذا كان السيد رئيس الوزراء وباعترافه شخصيا غير قادر على تحريك وحدة عسكرية عراقية قوامها بضع مئات ، داخل حدود بغداد ، إلآ بموافقة أمريكية مسبقة ـ فكيف استطاع تحريك عشرات آلاف الجنود والضباط بآلياتهم من بغداد إلى البصرة ليقوموا بـ " صولة الفرسان " التي لا تختلف كثيرا عن " صولات القائد الضرورة " عقب فشل الإنتفاضة الجماهيرية عام 1991 ؟ هل يعني أن السيد المالكي بات على درجة من القوة بحيث أنه أجبر المندوب السامي " السفير " وقائد القوات الأمريكية على الركوع لإرادته فأرسل الجيش العراقي ليخوض معارك شرسة في مدن البصرة والثورة وغيرهما دون الرجوع إلى إرادتهما السامية ؟ أم أن المندوب السامي وقائد قواته ، قد تغيّـرا مؤخرا فباتا يؤمنان أن العراق دولة كاملة السيادة ، وأن عليهما عدم التدخل في الشأن العراقي خشية أن تقدم الحكومة العراقية على اعتبارهما شخصين غير مرغوب بهما فترغمهما على مغادرة العراق خلال ثمان ٍ وأربعين ساعة ( أسوة بباقي الحكومات المعتدّة بكرامتها حين يتدخل سفير أجنبي بقراراتها وسياستها الداخلية ) ؟

الواقع العراقي لا يؤكد أيا ً من هذين الإفتراضين ... فالحكومة التي لا تمتلك القدرة على محاكمة قتلة ٍ مرتزقة ٍ مجرمين أو طردهم من العراق ، هي أضعف من أن تخرج عن طوق الوصاية أو تتحدى السفير وقائد قواته ... وأما بالنسبة للطرف الآخر ، فإن مواصلته الاستهانة بالدم العراقي من خلال دكّه البيوت الآمنة على رؤوس ساكنيها ، تعني بالضرورة استهانة بالحكومة وسيادة العراق ، وبالتالي ، فليس من الصحيح ما تدعيه الحكومة بأن صولة الفرسان هي معركة المالكي ضد الخارجين على القانون .. فالصحيح هي معركة المندوب السامي الأمريكي وقائد قواته ضدّ كل مَنْ تسوّل له نفسه رفض " نعمة الإحتلال " أو يرفض " بركة ديمقراطية المحاصصة ونعيم الفتنة الطائفية " ... هي معركة المحتل ولكن بقوات عراقية مدعومة جوا بقواته .. فالمطلوب ـ أمريكيا ـ إيقاد فتيل حرب شيعية ـ شيعية ... والمطلوب أيضا إسكات أي صوت يرفض الإحتلال ويطالب بجدولة زمنية لرحيله .

( أرجو ألآ يُفهم من سطوري هذه أنني من مؤيدي الكتلة الصدرية ... أو من مؤيدي فيلق بدر أو البيشمركه ، أو من مؤيدي أيتام صدام وأبناء عزت الدوري " والعياذ بالله " ... أنا من مؤيدي الأطفال العراقيين والأمهات العراقيات والفقراء العراقيين الذين أضناهم الهلع والجوع والقتل اليومي ـ بينما بعض القادة الجدد يزدادون ثراءً فامتلكوا بيوتا فخمة في لندن وعواصم أوربية أخرى مع أنهم كانوا قبل سنوات قليلة لا يمتلكون بيوتا طينية ولا يتقاضون غير معونات الضمان الإجتماعي في بلدان اللجوء .. )

صحيح أن الكثير من الإرهابيين ومنتسبي مخابرات واستخبارات وأمن وفدائيي صدام قد نجحوا في التسلل إلى التيار الصدري ، لكن الصحيح أيضا ، هو أن الكثير من أمثال هؤلاء المندسين ، موجودون في مؤسسات الدولة ( بل وفي مواقع حساسة بعضهم يحمل صفة مستشار ) .. وأما اللصوص الكبار " أصحاب الموانئ السرية الخاصة بتهريب النفط أو أصحاب صفقات التسليح والمقاولات السرية المشبوهة ، وجميعهم غير ملثمين بالأقنعة السوداء " فهم ليسوا أقل خطرا على الشعب العراقي من " الملثمين " ... فلماذا لا تستهدفهم " صولة الفرسان " ؟ ألأنهم من أصدقاء و " سدنة " محراب المحتل وشركائه في السرقة ؟ أم لأنهم دافِعو " خاوات ورشى ً وأتاوات ٍ" لقادة هذا الحزب أو تلك الطائفة ، أو لهذا المسؤول وابن عشيرته ؟ إنّ عدم استعادة الحكومة مليارات الدولارات المسروقة التي تحدثت عنها لجنة النزاهة ، تقود الى الإعتقاد بأن وراء الأكمة ما وراءها !

مدينة الثورة ليست " ستالينغراد " أو " لندن " أو " برلين " ليتم قصفها بأحدث القنابل الأمريكية ... وبيوت الطابوق والطين في " الجوادر " و " الشعلة " ليست كقصور وفلل " المنطقة الخضراء " فتتحمل كل هذه القنابل الذكية ( الذكية فعلا ، فهي لم تخطئ رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ الذين عرضت القناة الاسترالية أجسادهم الممزقة )

الان وقد دُكـّتْ مدن وأحياء آهلة ، واستبيح الكثير من الدم ، وسقط الالاف من الأبرياء ـ أطفالا ونساء وشيوخا ـ فإن الواجب الأخلاقي والوطني والإنساني ، يوجب على الحكومة اللجوء إلى الحوار حقنا للدم الذي استباحه المحتلون والظلاميون والإرهابيون والصداميون ـ عملا بقوله تعالى : " وإذا جنحوا للسلم فاجنح لها " ... فالجسد العراقي ما عاد يتسع لجراح جديدة .... أما إذا استمرت في مقاتلة الشعب نيابة عن المحتل أو تحقيقا لمنافع آنية ـ حزبية أو فئوية ـ فإن حالها لن يكون بأفضل من حال " صدام حسين " حين لم يجد مَنْ يؤويه فلجأ إلى حفرة أعدّها مسبقا تحسبا ً ليوم حسابه في الدنيا قبل الآخرة ..

نعم لحل جميع الميليشيات .... ولسيادة القانون ... وقبل ذلك : نعم للحوار المفضي إلى وقف نزيف الدم العراقي المستباح ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه